الجماعات الوهابية ونحن بقلم| نصر صالح
بقلم| نصر صالح
كما هو معروف أن أهل السنة والجماعة هم الذين يتبعون المذاهب الفقهية الأربعة التي انتشرت بشكل و اسع عند اهل السنة وأصبحت رسمية في معظم كتبهم، وهي حسب ظهورها:
1- مذهب أبي حنيفة النعمان، 2- مذهب مالك بن أنس، 3- مذهب الشافعي، 4- مذهب أحمد بن حنبل.
ومن علماء وأئمة أهل السنة والجماعة، إضافة إلى رسول الإسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدين، والصحابة، والتابعين،.وأئمة المذهب السنية الأربعة هم: محمد بن اسماعيل بن إبراهيم البخاري (مصنف كتاب صحيح البخاري)، مسلم بن الحجاج النيسابوري (مصنف كتاب صحيح مسلم).
وبحسب موسوعة المعرفة؛ تعود نشأة المذاهب الفقهية السنية الى بداية الإسلام، وخاصة بعد وفاة رسول الإسلام محمد صلى الله عليه و سلم، حيث اجتهد صحابته وأتباعه والمسلمين عامة في تطبيق أقواله وأفعاله. ويدخل، في أهل السنة عقائدياً: أهل الحديث (الأثرية)، الأشاعرة، الماتريدية، الإباضية، المعتزله، الصوفيه، الجهمية، الجبرية.
إلاّ أن اتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب ((المولود عام 1703، العيينة، السعودية والمتوفي بتاريخ : 22 يونيو 1792، الدرعية، السعودية)) يحتكرون مصطلح “أهل السنة والجماعة” لوحدهم فقط، وينكرون على معظم فقهاء وأئمة السنة الآخرين سنيتهم، بل ويكفرون بعظم، بل وحتى ينكرون على المذاهب الرئيسية سنيتهم، علما أن اتباع هذه المذاهب السنية يشكلون حوالي 90 بالمئة من المسلمين ككل.
ولو ان المسألة محصورة على التنافس في تمثيل السنة وحسب، فبرأيي لا مشكلة في ذلك، لكن المشكلة أن اتباع الشيخ بن عبد الوهاب، منذ بروزهم في القرن 18 ميلادي، جعلوا كل هم الجماعة: ازالة المشاهد من فوق القبور ومحاربة عادة زيارة القبور، إلى جانب محاربة بعض عادات بعض الطرائق العقائدية السنية ونصبوا أنفسهم أوصياء على كل المسلمين تقريبا لمنع ما يعتبرونه بدع أو نوع من الشركيات، ويتوجب منعها ولو بالعنف. وإزالة الشواهد من على قبور المسلمين وتسويتها بالأرض، بما فيه قبور الصحابة أيضا، وليتهم وقفوا عند هذا الحد بل قيل أنهم حاولوا تغيير موقع قبر الرسول الكريم في المسجد النبوي الشريف.
وبعد قيام الثورة في إيران عام 1979م أضافوا إلى مهامهم مقاتلة الشيعة. (كانوا مهادنين لشاه إيران الشيعي، الذي كان صديقا لحكام دول الخليج ولـ«إسرائيل» ولبريطانيا وللأمريكان). وقبل ذلك كانوا استعدوا الاتحاد السوفيتي تحت شعار محاربة الشيوعية، واللافت أنه كان ذلك بعد وقت قصير من انتهاء الحرب عندما بدء الاتحاد السوفيتي ريادة الفضاء وإحراز تقدم واضح على الولايات المتحدة في هذا المجال، ودعم حركات التحرر العالمية في وجه الإستعمار، وبسب ذلك اشتعلت الحرب الباردة بين العملاقين: السوفيت والامريكان.
وكما بتنا نشاهد الجماهات الوهابية (ومنهم القاعدة ومتفرعاتها وداعش والجماعات التكفيرية الأخرى)، يركزون كل «جهادهم» على مقاتلة جميع اتباع الاديان السماوية، ولم نشاهدهم قط يقومون بأي عملية جهادية ضد الصهاينة اليهود (الإحتلال الإسرائيلي الذي يغتصب أرض فلسطين)، بل وشاهدهم العالم يحاربون الجيش العربي السوري، ثم يذهبون بجرحاهم ليتطببوا داخل مشافي «إسرائيل»، بحسب انباء وصور وكالات الإعلام العالمية.
وفي اليمن، اعتنقت جماعات يمنية الأفكار الوهابية مطلع الثمانينات (برعاية السلطة آذاك) في حرب المناطق الوسطى للتصدي للجبهة الوطنية ذات التوجه اليساري المدعومة من الحزب الإشتراكي اليمني، وقبل ذلك لم يكن اليمنيون يعرفونهم.
ثم شاهدنا الجماعات الوهابية اليمنية بعد حرب 1994م يفجرون مراقد الأولياء في عدن، ومنعوا زياراتها، وبعد حرب 2015 شاهدناهم يدمرون مساجد وزوايا الصوفيين في عدن.. كما شاهدناهم يدمرون مشاهد أضرحة الموتى المسلمين العاديين في المقابر، والملفت اننا لا نشاهدهم يقتربون من مقابر موتى اليهود والمسيحين بالمعلا والبريقى، ولا يقتربون من معابدهم (وهذا طبعا من حسن حظ اليهود والمسيحيين، وهذا يسر أهالي عدن مدينة السماحة والتعايش الديني، وإنما أورد ذلك هنا من باب ‘الشيء بالشيء يذكر’ تعجبا لا غير).
كما شاهدناهم بعد 1990 بمشاركة حزب الإصلاح اليمني المشارك في الحكم آنذاك يقتلون قادة الحزب الإشتراكي اليمني المنافس. وأمّا بعد عام 2017 فقد شاهدنا أئمة المساجد يُقتلون الواحد بعد الآخر (جلهم من غير الوهابيين وقيل أن كثير منهم يتبعون حزب الإصلاح الأخواني).
واتباع الوهابية من القاعدة وتفرعاتها ارتكبوا عدة عمليات تفجير وذبح جنود قوات الجيش اليمني والحوثيين في عدد من مناطق الجنوب اليمني، لكننا لم نرهم يقتربون من الجنود البريطانيين عندما جاؤا مؤخرا إلى حضرموت والمهرة، ونفس الشيء بالنسبة لجنود «إسرائيل» الذين قيل أن قوات الإحتلال الإماراتي قد استجلبتهم إلى بعض جزرنا الجنوبية المهمة ومضيق باب المندب. بل أن الجماعات الوهابية ومعهم الأخوان المسلمين يقاتلون ومعهم مرتزقة محليين آخرون في صفوف ما يعرف بالتحالف ضد أهلهم اليمنيين المدافعين من الجيش اليمني واللجان الشعبية (انصار الله).
والمبرر الذي نسمعه عنهم أنهم يحاربون في صفوف «التحالف» بسبب «عادات» بعض اليمنيين وفي مقدمتهم الحوثيين، ويرون ذلك مخالفا للسنة، بل وينكرون على الحوثيين حتى إسلامهم.
للتذكير؛ هناك قاعدة إسلامية تقول: «دفع الخطر الأكبر بالخطر الأصغر»، فلماذا لا يعتبرون ان انصار الله (الحوثيين) هم «الخطر الأصغر» فقط، وينذرون جهادهم لدفع الخطر الأكبر؟ (العدوان الخارجي). ونحن لسنا في ترف فكري حاليا، لمعارضة او حتى محاربة أفكار الحوثي ونهجه، واستعجال معارضة حكمه بينما بلادنا في حالة حرب كبرى تشنها عدة دول أجنبية. وللتذكير فقد تعايشنا بوئام وسلام مع الطائفة الزيدية الكريمة منذ القدم، فلماذا إذن يتفجر الخلاف في هذا الظرف بالذات؟
وأيضا هناك قاعدة إسلامية تقول: «درء المفاسد مقدم على جلب المصالح» فلماذا لا تتبع؟.. إلاّ إذا كانوا يطبقونها ولكنهم على طريقتهم فيعتبرون أن الإخوة الحوثيين هم «المفاسد»، وانهم (جماعات اليمنيين الوهابيين ومعهم اليمنيين من الأخوان المسلمين)، لهم مصالح خاصة من وراء الغزو والإحتلال السعودي/ الأمريكي/ البريطاني/ وربما «الإسرائيلي» لبلادهم وقتل أبناء جلدتهم؟