نار الاحتجاجات المعيشية المتصاعدة تحاصر “الحكومة العاجزة”
عدن – محمد راجح
على وقع عصيان مدني واحتجاجات شعبية واسعة في عدة مدن يمنية، تواجه البلاد منعطفات خطيرة لتدهور العملة الوطنية مع انفلات عداد سعر الصرف، واقتراب الريال اليمني من الألف الثاني مقابل الدولار الواحد.
وتظاهر آلاف اليمنيين، يوم الأحد، بمحافظتي تعز وأبين، احتجاجاً على تدهور الأوضاع المعيشية وانهيار قيمة العملة المحلية.
وردد المتظاهرون هتافات تطالب برحيل رئيس حكومة معين عبد الملك. كذلك رفعوا لافتات مدونة عليها عبارات احتجاجية على تدهور الأوضاع المعيشية، أبرزها “لا لارتفاع الأسعار… الجوع يقتل الشعب اليمني”.
وتتزامن احتجاجات المواطنين في تعز وأبين مع استمرار إضراب التجار عن العمل، اليوم ، بمدينة تعز، وإضراب أصحاب محلات الصرافة في محافظات عدن وأبين ولحج، لليوم الثاني على التوالي، احتجاجاً على انهيار العملة المحلية.
يأتي ذلك في ظل عجز وارتباك حكومة المناصفة التي تستعد لمواجهة تبعات هذا الانهيار المتسارع على كافة المستويات.
في السياق، ناشدت غرفة عدن التجارية والصناعية في رسالة وجهتها إلى الرئيس هادي، بضرورة التدخل ووضع حد لانهيار العملة الوطنية المتسارع والذي يؤدي إلى اضطراب خطير في التجارة والصناعة ويعيق استمراريتهما، وسيؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى شح المعروض السلعي الذي سيدفع البلد لحافة المجاعة.
وأكدت غرفة عدن التجارية والصناعية في رسالة المناشدة على نسخة منها معاناة القطاع التجاري من الارتفاع المتسارع لأسعار الصرف للعملة الصعبة اللازمة لاستيراد السلع المختلفة، بما في ذلك السلع الغذائية الأساسية، وما رافق ذلك من انهيار كبير لقيمة العملة الوطنية لتصبح أقل بكثير عن قيمتها سابقاً.
وحسب مسؤول في الغرفة التجارية، تحفّظ عن ذكر اسمه، فإنّ الوضع خطير على المستويات كافة، سواءً بالنسبة للتجار أو للصناعيين والمستوردين، أو بالنسبة لكافة فئات الشعب الذين وصولوا إلى مرحلة الكفاف الشديد نتيجة لكلّ هذه الأزمات، وهو ما ينعكس على انخفاض القوة الشرائية لدى نسبة كبيرة من المواطنين الذين لا تتناسب أجورهم ودخلهم المنخفض مع احتياجاتهم الغذائية والمعيشية.
وقالت الغرفة إنّ ذلك سيؤثر بشكل مباشر على الاستقرار التمويني والأمن الغذائي للمواطنين كنتيجة مباشرة لتآكل رأسمال المخزون السلعي، وهو ما يعني ارتفاعاً أكبر في الأسعار ومجاعة كارثية.
الباحث الاقتصادي، علي مصطفى، يشير إلى أن الوضع الكارثي الذي يعيشه اليمن ينذر بكارثة إنسانية خطيرة، فهناك أزمات اقتصادية متفجرة وانهيار للعملة المحلية، بالتوازي مع تدهور معيشي كبير ومحدودية الدخل لدى نسبة من اليمنيين من الموظفين الذين لا تزال رواتبهم مستمرة، وهو دخل يقضي عليه التضخم المرتفع بشكل كبير.
وبدأت حركة عصيان مدني أول أمس السبت، في أكثر من مدينة احتجاجاً على انهيار العملة بشكل كارثي غير مسبوق وانعكاسات ذلك على تردي الأوضاع المعيشية للمواطنين، إذ شهدت مدينة عدن إغلاقاً جزئياً لشركات الصرافة والمحال التجارية، كما شهدت بعض مناطق تعز احتجاجات مماثلة وتهديداً بتوسيعها خلال الأيام المقبلة.
مواطنون في تعز وعدن ولحج وحضرموت أكدوا أنّ قدراتهم تكاد تكون منتهية في مواجهة أعباء الحياة المعيشية التي أصبحت صادمة بالنسبة لهم، في ظل ما تشهده الأسواق من تغير يكاد يكون يومياً لأسعار السلع الغذائية الأساسية التي لم تعد متوفرة لدى كثير من الأسر العاجزة عن شرائها.
ويبدي المواطن أنور سفيان، من سكان مدينة تعز، غضبه من هذا التجاهل لمعاناة الناس من قبل الحكومة التي تتفرج عليهم وهم يدفعون ثمن هذه الأزمات من أرواحهم وحياتهم وصحتهم ومستقبل أولادهم.
أما المواطن عبود نعمان، من سكان مدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج، فيعبر عن عدم قدرته على توفير احتياج أسرته المعيشية والغذائية اليومية، إذ يصل سعر كيلوغرام الواحد من الدقيق إلى أكثر من ألف ريال.
ويبلغ سعر البيضة الواحدة نحو 170 ريالاً، وهذا ما يعد وفق قول نعمان سبباً كافياً لرحيل هذه الحكومة ووضع حد لكل الجماعات والمكونات السياسية المنضوية في إطار هذه الحكومة.
بدوره، يشدد الناشط والباحث الاجتماعي، نادر الخالدي، على توسع تأثيرات هذه الوضعية بشكل خطير على مختلف الفئات السكانية خصوصاً أرباب الأسر، إذ تتحول إلى أمراض وأزمات نفسية يعاني منها كثير من الناس الذين يواجهون التزامات يومية معيشية عليهم توفيرها لأسرهم، بحسب العربي الجديد.