الأخبارتقارير وتحليلاتمحليات

تهديدات مبطّنة.. هل انتهى عقد الزواج المؤقت بين صنعاء وأبو ظبي؟

حمزة الخنساء – تحليل

عادت الإمارت لتَظهر على مرمى قوات الحوثي، في إطار العمل على تثبيت معادلات الردع وتطويرها، على أعتاب مرحلة جديدة عنوانها: «ما بعد مأرب».

قبل أيام، أكد المتحدّث باسم قوات الجيش التابعة للحوثي، العميد يحيى سريع، قدرة قوّاته على «تنفيذ المزيد من العمليات الهجومية ضدّ العدو السعودي والإماراتي في إطارِ الدفاع المشروع عن الشعب والوطن». وجاء هذا الموقف في إطار إعلان سريع تفاصيل عملية «توازن الردع الثامنة» التي جاءت ردّاً على الحملة المضادّة التي أطلقها التحالف السعودي – الإماراتي على جبهات متعدّدة، من أجل وقف معركة إسقاط مدينة مأرب. على أن تلميحات سريع إلى إعادة الإمارات إلى بنك أهداف الحوثي لم تَبقَ يتيمة؛ إذ صحبتها تحرّكات ميدانية وضعت قوات الحوثي عند الأطراف الشرقية لمنطقة اللجمة الاستراتيجية التي تبعد نحو 5 كلم عن مركز محافظة مأرب من الجهة الجنوبية، بعدما فشل التصعيد الأخير في إلهاء الحوثيين عن مواصلة العمل لحسم هذه المعركة بشكل نهائي.

ويمثّل التصويب على الإمارات من جديد، علامة فارقة في المرحلة الراهنة، حيث يتزامن مع التصعيد الأخير الذي قادته الأذرع العسكرية الموالية لأبو ظبي في الساحل الغربي، ومشاركة الطيران الإماراتي في عمليات عسكرية حديثة في عدّة جبهات، على رغم إعلان الدولة الخليجية الثانية في «التحالف»، سابقاً، إنهاء تدخّلها العسكري في اليمن. وفي هذا السياق، شنّت القوات المدعومة إماراتياً هجمات متعدّدة على مناطق واقعة خارج مدينة حيس غرب مدينة المخا الساحلية، في محاولة للتشويش على العمليات الجارية على تخوم مدينة مأرب، وذلك في إطار العملية العسكرية التي أعلنها التحالف السعودي – الإماراتي، الأسبوع الماضي، جنوب محافظة الحديدة، والتي كَثُر بالتوازي معها الحديث عن دور للمسيّرات الإماراتية في المواجهات الدائرة هناك.

إزاء ذلك، نقلت الأخبار عن مصادر في صنعاء، أن التحذير الأخير الذي أطلقه سريع «مصيره مرتبط بسلوك الإمارات على الأرض، وخصوصاً ما يرتبط منه بمعركة مأرب، وتحريك القوات التابعة لها في أكثر من جبهة»، مبيّنة أنه «طالما كانت الإمارات منكفئة، فلن تكون محلّ استهداف، أمّا إذا أعادت توظيف ورقة المجلس الانتقالي الجنوبي، والدخول بقوّة في المعركة بناءً على حسابات متعلّقة بواقع الميدان والعلاقة مع السعودية التي تتخبّط عملياً في وحول اليمن، فإنه من المؤكد أن قرار تفعيل العمليات الجوّية باتجاه دبي وأبو ظبي، ومواقع حسّاسة وحيوية فيهما، وفي غيرهما، قد وُضع على الطاولة». ولا تفصل المصادر عمل «التحالف» بطرفَيه السعودي والإماراتي، عن الإرادة الأميركية، وتقول إن «تفعيل عدد من الفصائل الجنوبية وتوجيهها ومحاولة الدفع بها في أكثر من جبهة، إنْ في الساحل أو في غيره، مرتبط بقرار أميركي»، مشيرة إلى أن «الأميركيين يتولّون مهمّة التنسيق مع الفصائل المسلّحة المختلفة، ومنها المعروفة بخلفيّتها الإماراتية تدريباً وتسليحاً»، مضيفة أن «مسألة تحريك الميليشيات وتوجيهها أصبحت فوق الإمارات، وهي متّصلة مباشرة بالهدف الأميركي الكبير الرامي إلى وقف توسّع أنصار الله، كمدخل لحلول مفترضة».

في الأساس، جاء إعلان أبو ظبي، سابقاً، إنهاء تدخّلها العسكري في اليمن، وتسليم القوات البرّية للقيادة السعودية، نتاج «اتفاق غير مباشر وغير معلَن، غايته تحييد استهداف الإمارات بالصواريخ والمسيّرات»، بحسب ما نقلت صحيفة الأخبار عن مصدر معنيّ في صنعاء، لكن «عودة التدخّل الإماراتي، بقوّة، في الساحل الغربي، أثناء الانسحاب الأخير، لرسم خطّ الانتشار النهائي أمام الخوخة، والتوسّع شرق حيس والجراحي لتأمين خطّ الدفاع الجديد، استدعيا عودة التهديد باستهداف الأراضي الإماراتية بالصواريخ والمسيّرات»، وفق المصدر نفسه.

وفي هذا الإطار، يرى مختصّون بالشؤون العكسرية أن تمكّن قوات الحوثي من السيطرة على مساحات واسعة في مأرب، ولا سيّما المرتفعات الجبلية مثل جبل مراد وغيره، فضلاً عن أنه أعطاهما أفضلية لإصابة أهداف محدّدة داخل الإمارات، باستخدام الصواريخ المتوفّرة، فهو قد يضعهما، في حال استعادتهما مدينة مأرب، على أبواب المحافظات الشرقية، خصوصاً حضرموت والمهرة، وهو ما من شأنه تقليص «المسافة الصاروخية» مع الإمارات، بحيث يصبح بإمكان قوات صنعاء «استهداف نقاط نوعية من دون استخدام أسلحة نوعية». ولعلّ هذا ما يجعل الحوثيين، بمواجهة «التصعيد بالتصعيد»، في موقع المتحكّم استراتيجياً وتكتيكياً، فيما يجد الإماراتيون أنفسهم تحت ضغط الجغرافيا المتحرّكة، ما قد يدفعهم إلى إعادة التموضع إقليمياً وفي داخل اليمن أيضاً، إذا لمسوا بأن التهديدات الآتية من اليمن ستجد لها مكاناً في أحد موانئهم أو مطاراتهم أو نقاط استراتيجية حسّاسة أخرى على أراضيهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى