30 نوفمبر قلنا كل شيء.. ولم نقل شيئًا! بقلم| عبدالرحمن بجاش
بقلم| عبدالرحمن بجاش
الاستقلال واندلاع ثورة أكتوبر فعلان عظيمان لا شك في ذلك، لكن أين من يدافعون عنهما؟ أين مناضلو أكتوبر وسبتمبر يقفوا في وجه من يئدهما يوميًّا.
نتكلم كثيرًا عن الثورة اليمنية، وفي الأخير نكتشف أننا عند نقطة الصفر ولم نفعل شيئًا، نتكلم كثيرًا عن ثورة سبتمبر بالتحديد، وأعلى الأصوات أصوات من حولوها إلى مجرد أرض على شارعين ونهبوا الثورة حتى الجذور.
في الأخير، تجد أن الإمامة ظلمت أمام فساد هؤلاء، وصار الناس يترحمون على بريطانيا جهارًا نهارًا. الثورة فعل عظيم، لكن الصغار ظهرت لهم الغلبة.
سيقولون لك أنجزنا؛ فقم بإحصاء عدد المستشفيات التي بنوها في صنعاء. ستجد أن المنجزات بفضل الضرورة “مساعدات” من الخارج، وعاد الصغار سرقوا معظمها.
في صنعاء مستشفى الثورة من السوفييت.
الكويت من الكويت.
العسكري -“الحوادث” سابقًا- من الكويت.
الجمهوري حق الإمام.
والمدارس تعال انظر إلى من بنى معظمها.
اعمل إحصائيات، ستجد الثوار الحقيقيين في القبور، ومن يعاير الناس مثلًا بالعمري، فأولاده ليس لديهم بيت غير الذي في البونية، ومنزله الوحيد أصبح محطة للبترول! السلال مات في بيته القديم.
كل الثوار الحقيقيين لا أحد يذكرهم في مناسبات الملاحق الصحفية التي تباع بيعًا للمحافظات، يذكر فيها الصغار أكثر من الثور.
ثورة أكتوبر، حولوا عدن إلى محطة فيد كبرى، لم يبقوا فيها غير عميق البحر والسماء السابعة لم يستطيعوا الوصول إليها وبيعها، ولو أعدت النظر في كشوفات أراضي وعقارات الدولة في عدن وحضرموت ستجد ما صرف من أراضي بأسماء نساء، هن زوجات الصغار، ولا رحم الله زعامات الاشتراكي قبل الوحدة بأشهر، كان بإمكانهم صرف المساحات على البسطاء وأولئك الذين أممت صناديقهم ودكاكينهم التي جاءت من عرقهم وكدهم وقدحهم، لكنهم تركوها بورًا لدولة الفساد ليزداد زبانيتها غنى فوق غناهم! ويموت مناضلو حرب التحرير حسرة على حظهم وعمرهم، ولن أنسى صاحب الضالع الذي قيل له: “يخرج الاستعمار فقط وسنتقاسم الدخل نص بنص”، قال: “حتى “الدكة” التي كنت أنام عليها طوال أيام الاستعمار طردوني منها بحجة الإجراءات الأمنية!”.
تهل علينا مناسبة الاستقلال 30 نوفمبر ونحن نقف عند النقطة إياها، نفهم أن الاستقلال حدث عظيم، ونفهم أن ثورة أكتوبر عظيمة، ونفهم أن ثورة سبتمبر عظيمة، ونفهم أن اليمنيين ناضلوا في سبيل الانعتاق.
لكننا لا نفهم لماذا أخفق الثوار! لماذا أفرغت الثورة اليمنية من محتواها، وصارت مناسبة عيدية يستفيد من ريعها الصغار، فتمتلئ جيوبهم بالأموال، فيما البسطاء يتحسرون!
نحن بحاجة إلى تقييم كل ما حصل أو حدث من 48 وإلى اللحظة، تقييم يقول للأجيال القادمة التي لا تعرف من هو أول رئيس جمهورية في الشمال، فما بالك بالرؤوس التي تدحرجت ومن كثرتها لا يدري معظم الكبار من هو قحطان الشعبي ولا فيصل عبداللطيف ولا سالمين ولا عبدالفتاح، فقط يرون صور علي ناصر مرتاحًا، وعلامات الدفء بادية على وجهه، فيظنون أن ثوار أكتوبر كلهم منعومون مثله!
نحن بحاجة إلى إعادة قراءة تقول أين أصبنا وأين أخفقنا.
ويتولى التقييم ليس الأحزاب التي فشلت في تقديم نموذج لأي شيء.
كنا نتمنى أن يتولى إعادة التقييم والقراءة قاعات البحث في جامعتي صنعاء وعدن، أشك الآن أنهما قادرتان على فعل ذلك، فالأساتذة الكبار يموتون جوعًا بدون مرتبات، وخطاب اللحظة يدعو إلى انفصال وانفصام وعودة إلى نقطة الصفر.
تبقى الأقلام الكبيرة عليها واجب أن تفعل ما تستطيع.
نحن نضيع برغم الاحتفال بيوم 30 نوفمبر، هنا لغرض، وهناك لغرض آخر.
تعبنا مناسبات للهدرة، بينما الفعل تاه ولم يجد ثمة منفذ يخرج منه إلى المستقبل.
نحن طوال الوقت نقول ولا نقول، ولم نتمكن حتى اللحظة أن نرى أقدامنا أين تقف!