تقارير وتحليلات

حضرموت..أزمات متلاحقة وتحركات شعبية متصاعدة “تقرير “

كتب / حافظ نديم

تشهد محافظة حضرموت في الآونة الأخيرة حركة احتجاجات واسعة ومطالبات شعبية متصاعدة على خلفية تدهور الخدمات الأساسية وانقطاع التيار الكهربائي بشكل متواصل في ظل موجة صيف حار ودرجة حرارة مرتفعة خلال ايام شهر رمضان، وعدم وجود أي معالجات وحلول ناجعة لحل أزمة الكهرباء وتصاعد حدة غليان الشارع الشعبي في حضرموت من الوعود المتكررة بإيجاد حل نهائي وجذري للأزمة من قبل الحكومة او من السلطات المحلية ومن المحافظ الموالي لدولة الإمارات المتحدة “فرج البحسني”،كما تشهد معظم محافظات مديريات ساحل حضرموت انهيار شبه كامل في الخدمات الاساسية وتردي في مستوى النظافة العامة وتكدس القمائم والنفايات وطفح المجاري وانتشار للأوبئة والأمراض الناتجة عن انتشار مستنقعات مياه الأمطار والمجاري ،في الوقت الذي تخضع مناطق ساحل حضرموت لسيطرة ونفوذ اماراتي تام ،هذه الحالة صاعدت من حدة الاحتقان والغضب الشعبي ،و ارتفاع حدة الاحتقان السياسي في المحافظة ،وحملة تراشق بالاتهامات بين اطراف سياسية واجتماعية حضرمية تتجاذبها اطراف خارجية سعودية واماراتية في تحميل المسؤولية عن ما آلت إليه أوضاع المحافظة الاجتماعية والخدمية مع اعلان السلطات المحلية في المكلا عن اكتشاف 3 حالات مصابة بفايروس كورونا في المكلا ..

أزمات خدمية وسلطة محلية عاجزة ..

في ظل استمرار هذه الحالة الخدمية المتدهورة من انقطاع للتيار الكهرباء وتردي مستوى الخدمات البيئية والصحية في المحافظة ،تقف السلطات المحلية عاجزة ولاتمتلك الحلول الادارية الناجزة لحل تلك الأزمات ،حيث تحيل السلطات المحلية اسباب الانقطاع الى نقص في الطاقة الكهربائية الاستيعابية ونقص في مخزون الوقود من الديزل والمازوت للمحطات الكهربائية الحكومية والخاصة ،و عدم وجود دعم كافي من “حكومة هادي” لها لتلبية تلك الاحتياجات اللازمة وعدم توفر السيولة الكافية لتوفير الطاقة المشتراة ،في الوقت الذي التزمت فيه حكومة هادي المتواجدة في الرياض بتوفير نسبة (20%) من الانتاج النفطي للمحافظة سنويا ،والتي بلغت اخرها وفي نهاية العام الماضي (194 مليون دولار$) تم استلامها من قبل السلطة المحلية بعد موجة احتجاجات شعبية و رسمية بوقف الانتاج النفطي للمحافظة ..
حيث تتهم اطراف حضرمية السلطة المحلية و”المحافظ البحسني” بعدم وجود رؤية او خطة عملية متكاملة لحل أزمة الكهرباء من عائد مخصصات النفطية المعتمدة للمحافظة من قبل “حكومة الرياض”،في الوقت الذي تزعم فيه السلطة المحلية بوجود التزامات مالية لصالح المستثمرين المحليين في قطاع الطاقة المشتراة ..
في الوقت ذاته تواردت انباء تؤكد ان هناك افتعال لأزمة توفير الكهرباء في ساحل حضرموت معللين ذلك بوجود صفقات تجارية مشبوهة وصفقات فساد بين “تجار حضارم يقومون باستيراد المشتقات النفطية اللازمة لتشغيل المحطات الكهربائية من دبي” و المحافظ “فرج البحسني”،واتهام المحافظ بالحصول على نسبة من عقود الاستيراد تقدر ب10% من حجم مخزون المشتقات المستوردة الى المحافظة،ابرزهم رجل الأعمال الحضرمي المقرب من دولة الإمارات “عبدالله سعيد بن دول”،صاحب أعلى نسبة مقاولات خدمية مع قوات التحالف المتواجدة في حضرموت في قطاع الصحة والخدمات الطبية العلاجية لقوات التحالف وقوات النخبة الحضرمية التابعة لدولة الامارات المتحدة في حضرموت ومالك “شركة بن دول للصرافة” .

غضب وغليان شعبي متصاعد ..

مع استمرار حالة التدهور الخدمي في المحافظة وانعدام اي حلول عملية وناجعة للأزمة ،مع وصول المواطن الحضرمي الى حالة من اليأس والغضب من جراء،استمرار مسلسل الوعود الكاذبة التي تطلقها السلطة المحلية على لسان المحافظ “فرج البحسني”،بحل أزمة الكهرباء وتوفير المرتبات الحكومية المقطوعة لمنتسبي الجيش والأمن في المحافظة منذ اكثر من ستة اشهر ،خرجت مسيرات وتظاهرات شعبية غاضبة منددة بالوضع المزري الذي آلت إليه اوضاعهم المعيشية والخدمية ،حيث خرج المئات من الشباب والمواطنين في وقفة احتجاجية في مساء السادس من مايو الجاري مستنكرة ومنددة بالوضع الخدمي من انقطاع شبه تام للتيار الكهربائي في المحافظة انهك وارهق حياة المواطنين في المنازل مع ارتفاع درجة الحرارة في شهر رمضان ،وخرج في يوم السابع من مايو العشرات من الشباب في مدينة المكلا ،وقاموا بقطع الطرقات واحراق اطارات السيارات في الشوارع احتجاجا على قطع التيار الكهربائي وفي مساء نفس اليوم خرج المئات من الجنود المنقطعة مرتباتهم منذ ستة اشهر من قبل حكومة هادي في الرياض في مظاهرات امام مبنى ديوان المحافظة في المكلا .


مسارات سياسية للأزمة ..

تأتي حالة الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة يوميا في حضرموت على الأوضاع الخدمية والحقوقية المتدهورة في ظل أزمة سياسية قائمة بين حكومة هادي في الرياض والمجلس الانتقالي التابع للامارات في عدن ،الذي اعلن في السابع والعشرين من ابريل الماضي بيان سياسي (وقرر اعلان الحكم الذاتي للجنوب واعلان حالة الطوارئ منذ صدور ذلك الاعلان)،في الوقت الذي رفض محافظ المحافظة “فرج البحسني”،”بيان المجلس الانتقالي”واعتبره انقلابا على الشرعية وعلى التحالف العربي واتفاق الرياض وأن حضرموت تقف على مسافة واحدة من كل الاطراف”، الأمر الذي أثار حفيظة انصار واتباع المجلس الانتقالي في حضرموت واعتبروا قرار البحسني مخالفا للإرادة الشعبية في حضرموت ورضوخ غير مبرر لحكومة هادي حفاظا على منصبه كمحافظ على حسب قولهم”،واعلنوا التصعيد الشعبي ضد السلطة المحلية والمحافظ البحسني حتى يستجيب لهم ويعلن تأييده لقرارات المجلس الانتقالي الصادرة من عدن “،مما جعل وسائل اعلام السلطة المحلية في المحافظة تتهم المجلس الانتقالي باثارة الفوضى والشغب واستغلال ازمة الكهرباء وأوضاع المحافظة لأهداف سياسية خاصة “،إلا أن المحافظ البحسني المعروف بولائه للإمارات سارع الى دعوة قيادة الانتقالي في حضرموت الى اجتماع وشرح لهم موقفه السياسي من البيان ،ومبرراته السياسية في محاولة منه لتهدئة غضب الشارع المحتقن والمتصاعد يوما بعد يوم ظنا منه ان الانتقالي هو من يقف خلف تلك الاحتجاجات ..
الا انه وفي اليوم التالي للقاء البحسني والانتقالي خرج المئات من الشباب في تظاهرات حاشدة طافت شوارع المكلا تطالب برحيل المحافظ البحسني من السلطة وحملوه المسؤولية عن الفشل الاداري والتدهور الخدمي في المحافظة .
في الوقت الذي خرج فيه العشرات من الشباب الغاضبين فجر يوم أمس الجمعة في عدة مدن بساحل حضرموت وقاموا بقطع الطرقات احتجاجات على قطع الكهرباء ،كما خرجت في عصر يوم امس مسيرات كبيرة تطالب برحيل البحسني والتحالف من حضرموت وهتفوا ضد التحالف السعودي الاماراتي في مسيرات كبيرة ، بعد ان تم اتفاق بين الإنتقالي في حضرموت والبحسني ينص على وقف التصعيد الميداني والإعلامي والوقوف الى جانب المحافظ ، الأمر الذي اعتبره مراقبون اثبات لعدم وجود اي شعبية للإنتقالي الجنوبي في الشارع الحضرمي وعدم وجود اي تاثير له منذ بدء الاحتجاجات الشعبية مؤخرا ..

نتائج وسيناريوهات سياسية قادمة ..

تبدو نتائج الحراك الشعبي المتزايد والمتصاعد يوميا في حضرموت غير واضحة المعالم والتي جعلت المحافظ يقدم كل خياراته وفشل مساعيه لاحتواء الأزمة الشعبية وتصاعد حدة الخلافات بين السلطة المحلية في الساحل ممثلة في المحافظ البحسني والسلطة ممثلة في الوكيل المساعد لشؤون الوادي والصحراء (عصام بن حبريش) المقرب من هادي والموالي للسعودية على خلفية قرار اعلان حظر التجوال في المحافظة الذي اصدره المحافظ البحسني مساء الخميس الماضي ويقضي ببدء سريان الحظر من الساعة 4 عصرا وحتى 4 فجرا بدءاً من يوم الجمعة الفائت،الا ان القرار قوبل في البداية برفض من الوكيل (بن حبريش) بحجة ان القرار لا يراعي مصالح الناس التجارية والاقتصادية والتموينية ولكن سرعان ما تراجع عن قرار الرفض بعد صدور مذكرة تهديدية له من المحافظ البحسني وتم تداولها مؤخرا في وسائل الاعلام وتدخل اطراف سعودية لانهاء المشكلة بين الرجلين .

كل ذلك يجري مع توارد انباء من مصادر صحفية وسياسية متعددة باحتمالات صدور قرار اقالة للمحافظ البحسني من منصبه كمحافظ وبتوافق مع الامارات ،حيث افادت مصادر عن ترشيح الامارات لشخصية سياسية مقربة من حزب ونظام صالح “المؤتمر الشعبي”، وهو رجل الاعمال الحضرمي (عمر باجرش) رئيس مجلس ادارة (مؤسسة سالم عبدالرحمن باجرش واولاده للتجارة )،ومالك شركة ريسوت لانتاج الاسمنت والحديد ،وصاحب اكبر استثمارات في “محطات لانتاج الطاقة الكهربائية في ساحل حضرموت “،ومالك مجموعة باجرش لاستيراد السيارات الصينية المستوردة من دبي واحد مستثمري مصانع انتاج الحليب والزيوت والسمن في “سلطنة عمان”، لكن لاتزال الانباء متضاربة حول امكانية عقد هذه الصفقة السياسية بين الامارات وحكومة هادي ،في ظل وجود اطراف ومراكز قوى ونفوذ قبلية وتجارية موالية للبحسني وابرزها الوكيل الاول له (عمرو بن حبريش العليي) “رئيس حلف قبائل حضرموت”،و”رئيس مؤتمر حضرموت الجامع” وهو احد الكيانات السياسية والقبلية التي فرختها وانتجتها الامارات منذ دخولها حضرموت في ابريل من العام 2016 ،بالاضافة الى رجل الاعمال الحضرمي والشخصية القبلية المقربة من “البحسني” (صالح عبدربه العمقي)، مالك (شركة العمقي للصرافة) والتي  تعتبر خزينة ايداع أموال وحسابات التحالف والامارات في حضرموت واحدى ملاك اسثمارات العقارات في دبي، والمتهم امريكيا حسب تقرير وزارة الخزانة الاميريكية في العام 2016 بتمويل نشاطات (تنظيم القاعدة) دوليا عبر المبالغ المودعة لدى الشركة لحساب التنظيم والمقدرة ب(350 مليون دولار $) والمودعة لديه منذ سيطرة التنظيم على المكلا ومناطق ساحل حضرموت ،وصاحب اكبر شركات غسيل وتبييض الأموال في دبي ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى