الدلالات والرسائل اليمنية في عملية “توازن الردع” الثامنة بقلم| علي ظافر
بقلم| علي ظافر
تفتح القوات المسلَّحة اليمنيّة مروحة التهديد، وتضع الإمارات مجدداً في دائرة الاستهداف، وتلوّح بأنها ليست بمنأى عن العمليات الاستراتيجية، ومن المحتمل جداً أن يطالها القصف إذا استمرت بمشاغباتها الميدانية عبر وكلائها في الساحل الغربي أو في غيره من الساحات.
القوات المسلّحة اليمنية أعلنت في عملية “توازن الردع” الثامنة “قصف عددٍ من الأهداف العسكرية والحيوية التابعة للعدوّ السعوديّ”، شملت “قاعدة الملك خالد في الرياض، ومطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة، وأهدافاً عسكرية في أبها وجيزان ونجران، إضافةً إلى مصافي أرامكو في جدة”، بـ14 طائرة مسيرة، تنوعت بين “صماد 3” و”قاصف 2k”، ووضعت هذه العمليّة الاستراتيجية في سياق الردّ على تصعيد الغارات والحصار.
ورغم ما حملته هذه العملية من أهمية، فقد حمل بيان القوات المسلحة عدداً من الرسائل، أبرزها قدرة القوات المسلحة على “تنفيذ المزيد من العمليات الهجومية ضد العدوّ السعودي والإماراتي في إطار الدفاع المشروع عن الشعب والوطن”، وأنها “ستواجه التصعيد بالتصعيد حتى يتوقّف العدوان ويُرفع الحصار”.
في التوقيت، جاءت هذه العمليّة بعد تصعيد لافت لطيران العدوان الأميركي السعودي في الآونة الأخيرة، وخصوصاً على العاصمة صنعاء ومحافظات مأرب والحديدة وصعدة وعمران وذمار، وحاولت دول العدوان اصطناع انتصارات وهمية للتعمية على هزيمتها الميدانية المزدوجة في مأرب والحديدة.
وحين فشلت في إعاقة حركة التقدم الميداني في مأرب تحديداً، زعمت أنّها استهدفت “منشآت سرية لحزب الله وحرس الثورة الإيراني ومصانع للصواريخ والطائرات المسيرة”، واتضح من خلال التقارير الميدانية أنّ المنشأة السرية هي حظيرة أغنام في ذمار، وأن “مصانع المسيرات والصواريخ” هي أحياء ومبانٍ سكنية في العاصمة صنعاء.
في مقابل هذا التصعيد، هدّدت صنعاء بأنَّ هذا التصعيد لن يمر من دون رد، و”ستكون له عواقب وخيمة على قوى العدوان، وعليها تحمّل نتائجه”. ربما تعاطت دول العدوان مع هذا التهديد باستخفافٍ كعادتها، فيما وضع بعض المتابعين ذلك في سياق الحرب النفسية، لكن صنعاء بحساباتها الدقيقة كانت عند كلمتها، وفي مستوى التحدي، إذ لم تمضِ سوى 24 ساعة حتى نفَّذت هذا التهديد بعملية كبرى ضمن جغرافيا واسعة من شمال السعودية وجنوبها، وصولاً إلى جدة المطلة على البحر الأحمر غرب السعودية، وأرست بذلك معادلة “التصعيد بالتصعيد”، كما جاء على لسان المتحدث العسكري العميد يحيى سريع.
هناك عدد من الرسائل العسكرية والسياسية والاقتصادية والاستراتيجية التي أوصلتها عملية “توازن الردع” الثامنة، جاءت على النحو التالي:
– إنَّ صنعاء تملك القرار، ولديها القدرة على التعامل مع أي تهديد والرد الفوري والمباشر على أي تصعيد، بدليل أنَّ العملية جاءت بعد يوم واحد فقط من تهديد القوات المسلّحة.
– إنَّ مخزون صنعاء من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة كبير، ولم يتأثر بطول أمد الحرب، وخطوط الإنتاج تعمل بوتيرة مستمرة، على عكس دعايات العدوان خلال الأيام الماضية باستهداف مصانع الطائرات المسيرة والصواريخ.
– إنَّ أيّ هدف على امتداد جغرافيا المملكة السعودية سيكون تحت رحمة الصواريخ والمسيرات اليمنية، ويعزّز ذلك أن العملية استهدفت مروحة واسعة من الأهداف الاقتصادية والعسكرية والحيوية، ضمن دائرة جغرافية واسعة تمتد من الرياض إلى جدة المطلة على البحر الأحمر، وصولاً إلى محافظات الجنوب؛ جيزان ونجران وعسير.
– إنَّ الرد لم يكن اعتباطياً، بل كان مدروساً ومناسباً في الزمان والمكان، وإن لم يأتِ متناسباً مع حجم غارات العدوان، والقوات المسلَّحة تفرض معادلة الرياض صنعاء وجدة مقابل استهداف الحديدة، ومعادلة المطارات والقواعد العسكرية جنوب المملكة مقابل استمرار الغارات على مأرب وغيرها من المحافظات.
– إنَّ القوات المسلّحة لا تزال تحتفظ بقدرتها على تجاوز كل منظومات الدفاع الأميركية والبريطانية واليونانية، رغم أن العملية أُعلنت قبل أن تنطلق بـ24 ساعة.
– إنَّ هناك فشلاً استخباراتياً يتجاوز السعودية إلى الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين ترميان ثقلهما بشكل غير مسبوق في العدوان على اليمن وحصار الشعب، يقابله نجاح استخباراتي وتقني يمني.
– إنَّ المملكة السعودية باتت مكشوفة استراتيجياً أمام الصواريخ والمسيّرات اليمنية، في ظل عجز منظومات الدفاع المتعددة الجنسيات.
والرسالة الأهم في مضمون البيان العسكري تتمثل بأنّ القوات المسلّحة فتحت مروحة التهديد، ووضعت الإمارات في دائرة الاستهداف، وأنها ليست بمنأى عن العمليات الاستراتيجية. ومن المحتمل جداً أن تطالها العمليات إذا استمرت في عمليات المشاغبات الميدانية عبر ميليشياتها في الساحل الغربي وغيره من الساحات، وذلك ما أعلنته القوات المسلحة صراحة، حين قالت إنَّ لديها “القدرة على تنفيذ المزيد من العمليات الهجومية ضد العدو السعودي والإماراتي في إطار الدفاع المشروع عن الشعب والوطن”.