الأخبارتقارير وتحليلاتمحليات

رشا ومحمود.. قصة الموت المترصد للصحافة في اليمن

عدن – محمد أسماعيل

يرقد الصحفي محمود العتمي في العناية المركزة بحالة حرجة جراء الحادثة الإرهابية التي تعرض لها أمس، بمعية زوجته رشا الحرازي التي توفيت في الحال، قبل أن تضع طفلها الثاني الذي كانا ينتظران قدومه خلال أيام.

الصحفيان رشا ومحمود كانا في طريقهما إلى المستشفى، لحجز موعد ولادة طفلهما الجديد، قبل أن يباغتهما الانفجار المروع.
ويقول فواز منصر، وهو صحفي صديق لمحمود: “قبل دقائق معدودة من الحادثة، اتصل بي زميلي محمود العتمي، وأخبرني أنه على وشك الخروج لزيارة الطبيب بشأن زوجته، لأنها على موعد قدوم مولودها الثاني”.

ويضيف منصر: “بعد 20 دقيقة كان الخبر الصادم والمفجع بانفجار عبوة ناسفة استهدفت سيارة محمود وزوجته. إنها عملية قذرة وبشعة استهدفت صحفيًا لا يملك سوى كاميرته وقلمه”.
وتعمل الصحفية رشا الحرازي وزوجها الصحفي محمود العتمي مراسلين لقناة “العين” الإماراتية في اليمن.

لم يكن جنين الحرازي والعتمي حصل على اسم بعد، طفل الأشهر التسعة الذي كان يستعد لرؤية النور خلال أيام قليلة، لم يتمكن من ممارسة هذا الحق، وليس له ذنب سوى أنه وجد نفسه في رحم امرأة صحفية. لقد تناثرت أشلاؤه وأشلاء أمه على رصيف الشارع، بسبب عبوة ناسفة وضعها شخص ما أو أشخاص في سيارة والده، بحسب تصريحات أولية للجهات الأمنية.

الحادثة الإرهابية التي أودت بالحرازي، لاقت إدانات واسعة من قبل منظمات حرية الصحافة، إذ أدان مرصد الحريات الإعلامية، في بيان أصدره أمس الثلاثاء، الحادثة، وطالب السلطات الأمنية في محافظة عدن، بسرعة التحقيق في الحادثة، وكشف خيوط الجريمة، ومعاقبة مرتكبيها، وكذلك الكشف عن مرتكبي كافة الجرائم السابقة التي حدثت للصحفيين، مشيرًا إلى أن التراخي في التحقيق والكشف عن مرتكبي الجرائم السابقة ضد الصحفيين، أسهم في تزايد الجرائم.

ويتوقع الصحفيون أن حادثة رشا لن تكون الأخيرة، لكنها الجريمة الأكثر دموية حتى اللحظة، إذ إن صورة جنينها المتفحمة غير قابلة للنسيان، لكن يتساءلون أيضًا من سيكون الضحية التالية؟
وتتكرر حالة استهداف الصحفيين في اليمن، إذ فقدت الأسرة الصحفية اليمنية 50 صحفيًا، خلال السنوات السبع الماضية، منذ بدء الحرب. وتعددت وسائل القتل سواء بالاغتيال أو الموت تحت التعذيب أو قصف الطيران.

وتصاعدت حالات الاستهداف التي طالت صحفيات وصحفيين، ففي أقل من شهر، قتل 4 صحفيين بعمليات مختلفة. ففي منتصف الشهر الماضي، قتل الصحفيون أحمد بوصالح وطارق مصطفى وأحمد باراس، إثر انفجار سيارة مفخخة استهدفت موكبهم أثناء مرافقتهم وزير الزراعة ومحافظ عدن.

ويدفع الصحفيون حياتهم ثمنًا لنقل الحقيقة، وبحسب إحصائية صادرة عن مرصد الحريات الإعلامية في اليمن، وهو مرصد متخصص برصد الانتهاكات التي تطال الصحفيين وناشطي وسائل التواصل الاجتماعي في اليمن، فقد قتل 50 إعلاميًا وعاملًا في مجال الإعلام، منذ العام 2015، في مناطق مختلفة من البلد.

أحكام قضائية بإعدام صحفيين

حالات استهداف الصحفيين لم تقتصر على القتل والاختطاف خارج القانون، بل باسم القانون أيضًا.

وفي أبريل العام الماضي، قضت محكمة في صنعاء بإعدام 4 صحفيين معتقلين منذ ما يزيد عن 5 سنوات في سجن الأمن السياسي بصنعاء، على خلفية عملهم الصحفي، في حين مايزال 12 صحفيًا يقبعون خلف القضبان.

ويقول الصحفي رضوان فارع: “كصحفيين، لم نعد نشعر بالحد الأدنى من الأمان، الأمر يبدو كأننا المستهدفون رقم واحد في هذه الحرب، نخرج من منازلنا ولا نعلم ما إذا كنا سنعود لأطفالنا سالمين أم لا”.

تتفق معه الصحفية نور سريب، قائلة: “نحن أمام آلة قتل لا ترحم، أصابنا الرعب، واستطاع الإرهابيون أن يدخلوا في نفوسنا الخوف، وبات العمل الصحفي خطرًا على حياتنا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى