من يقود الآخر.. الأمة أم الإنسان؟ بقلم| أنور العنسي
بقلم| أنور العنسي
يغادر البعض الحياة قبل أن يموت، ويعيشها غيره بعد أن يموت.
الأول ممن لم تعطهم الأقدار (قدرة) على التأثير في من حولهم، والثاني ممن امدوا مجتمعاتهم بأسباب العلم والوعي وامتلاك الإرادة لأن تصل إلى ما تريد.
في المقابل هناك رأي لتوفيق الحكيم يقول فيه: “الأمم الحية يعيش فيها أمواتها، والأمم الميتة يموت فيها أحياؤها”.
كلا الرأيين صحيح، فالتأثير الايجابي يكون في بعض الحالات متبادل.
يحضر في هذا السياق قول لعالم الفيزياء المصري الجائز على جائزة نوبل احمد زويل بأن “الأمم المتقدمة في الغرب تدفع بالفاشل حتى ينجح، أما أمم كثيرة غيرها فتدفع بالناجح حتى يفشل”.
مع ان هذا صحيح إلاّ أنه يمكن القول أيضاً إن من لا يملك في رأسه (فكرة) أو على الأقل (حلماً) بالنجاح فلا يمكن لأي مجتمع أن يجعل منه ناجحاً مهما بلغ وقوفه خلفه.
أما من يملك تلك (الفكرة) فلا يمكن لأي مجتمع أن يقف عائقاً أمامه.
نموذج المهاتما غاندي ونيلسون مانديلا نادر المثال طبعاً ويشير بوضوح إلى أن الدور الاسطوري لبعض الأشخاص يمكن أن يلعب دوراً في ايقاظ بعض الأمم والشعوب من سباتها.
تفاوت كل المقولات السابقة يجعلها تبدو نسبية، فلا كبار الزعماء الإنسانيين باتوا اليوم قادرين لوحدهم على إلهام شعوبهم، ولا الشعوب بدون زعيم ملهَم قادرة على أن تجعل منه ملهِماً.
في عالم اليوم يتراجع دور الأشخاص لصالح كبريات الجامعات التي توفر تعليماً جيداً، وللأحزاب ذات البنية المؤسسية، وللمنظمات صاحبة المشاريع الجادة التي تعمل على ترسيخ قيم الحرية والمساواة في الحقوق السياسية والمدنية.
كل هذه المؤسسات أيضاً أو بعضها لا يمكن أن ينهض بجهد رجلٍ او إمرأةٍ لوحدهما ما لم تكن قد نشأت على أيدي أجيال من الفلاسفة والمفكرين والعلماء بتراكمٍ من علمٍ راسخٍ ومعرفة متطورة لا يخدمان فقط أمةً بعينها بل التجربة الإنسانية برمتها.