نوبل الآداب والطب… في صلب مشروعنا النهضوي بقلم| معن بشور
بقلم| معن بشور
أن يفوز أديب تنزاني من أصل عربي هو الروائي الشهير عبد الرزاق قرنح الذي ولد في زنجبار (تنزانيا) وأقام في بريطانيا ودرس في جامعاتها بجائزة نوبل للآداب على روايته “جنة” التي تروي معاناة اللاجئين الأفريقيين إلى الغرب في “سرد خال من مساومة الاستعمار” ، كما قالت الأكاديمية السويدية الخاصة بجائزة نوبل أمر يحتاج إلى تأمل لا يقف عند الابتهاج بفوز أديب أفريقي من أصل عربي داعم للحق الفلسطيني بجائزة نوبل للآداب.
فهذا الفوز يسلط الضوء على كم المواهب ذات الأصول العربية المقيمة في قارات العالم كلها، ولا سيما في القارة الأفريقية وبخاصة في الشرق الأفريقي…
كما يسلط هذا الضوء على ضرورة اهتمام العرب كافة بجوارهم الأفريقي، سواء في شرق أفريقيا أو غربها أو وسطها، باعتبار أن وحدة حضارية تجمع العرب بشعوب تلك المناطق، وعن إمكانيات كبيرة متاحة أمام العرب للعب دور ثقافي واقتصادي وسياسي لم يدرك أهميته، إلا جمال عبد الناصر والقيادة الجزائرية في خمسينات وستينات القرن الفائت حيث تجد اسم ناصر يتصدر ساحات وشوارع وجامعات في بلدان الشرق الأفريقي.
وحين نتحدث عن دول الجوار الحضاري لأمتنا، تنصرف الأنظار نحو إيران وتركيا، وننسى دول الجوار الأفريقي التي تربط شعوبها بالعرب روابط عديدة، هذا ما اكتشفناه حين نظمنا في خريف 2010 بالتعاون مع الصديق الدكتور قطبي المهدي ندوة الحوار العربي الأفريقي في جامعة الخرطوم وشارك فيها المئات من الشباب الأفريقي الذين أبدوا تعاطفاً رائعاً مع القضايا العربية وفي مقدمتها قضية فلسطين، وأبدوا حماسة خاصة لأفضل العلاقات العربية- الأفريقية.
وفي المقلب الآخر نال الطبيب اللبناني من أصل أرمني أرديم باتابوتيان جائزة نوبل للطب بالتعاون مع زميله ديفيد جوليوس، فجاء نيله هذه الجائزة نصراً مزدوجاً لوطنه الأم أرمينيا، ولوطنه الذي نشأ فيه وتعلم في مدارسه ويحمل جنسيته، لبنان، ليؤكد أن الانتماء لهذه الأمة ليس مرتبطاً بدين أو بطائفة أو بمذهب أو بلون أو بعرق، بل برابطة جامعة عابرة لكل هذه العصبيات، كما تؤكد هذه الجائزة مقولة شائعة في لبنان، وربما غيره من دولنا العربية، أن اللبناني، أو العربي، كفرد متفوق ومتميّز خارج بلاده، لكن اللبنانيين والعرب غير ناجحين في إدارة شؤون مجتمعاتهم.
جائزتان عالميتان تطرحان أمامنا تساؤلات بالغة الأهمية، فهل نتمعن في التفكير بها والسعي للإجابة الوافية المتجردة عليها، إنها أسئلة في صميم المشروع النهضوي العربي.