الأخبارتقارير وتحليلاتمحليات

ما الذي يحتاجه اليمن للخروج من مأزق الصراع الراهن؟!

صنعاء – سعيدة عبدالغني

شهدت اليمن على مدار تاريخها العديد من الصراعات والنزاعات التي استطاعت آنذاك تسويتها دون تدخلات خارجية، فاليمنيون يمتلكون من الحكمة والخبرة ما يكفي لحل الاختلافات ومعالجة آثارها السلبية والتوصل إلى تسوية سياسية سلمية وقد ذكرت كتب التاريخ العديد من الاتفاقيات التي كان لها دور في إيقاف الصراعات وإحلال السلام في البلاد.

ويصعب حصر الشخصيات التي كان لها تأثير إيجابي في حل الصراعات التي شهدتها اليمن، في المراحل التاريخية والتطورات السياسية على مدى عقود من الزمن، حيث يبرز اسم محسن العيني كشخصية دبلوماسية بارزة من خلال عديد الأحداث التي كان له دور مؤثر فيها، ومن أهمها مفاوضات إنهاء الحرب التي دارت عقب قيام الثورة اليمنية 26 سبتمبر 1962، ومشاورات التوقيع على اتفاقية الوحدة بين شطري اليمن المعروفة باتفاقية القاهرة والتي بموجبها انتهى الاحتراب القائم بين شطري اليمن وكان ذلك عام 1971، فقد كان العيني أول سياسي يمني وقع على اتفاقية توحيد شطري اليمن.

الديمقراطية والسيادة الوطنية

كانت الوحدة اليمنية نتاج جهود العديد من الأطراف والمكونات السياسية منذ عام 1970 حتى 1990 ، فقد كان للرئيس السابق إبراهيم الحمدي دور بارز في التهيئة للوحدة حيث قام بالتوقيع مع علي سالم ربيع في مدينة قعطبة عام 1977، على اتفاقية القاهرة التي تعتبر اللبنة الأولى لإعادة توحيد شطري اليمن.

كما يعتبر جارالله عمر ابرز الشخصيات التي حاولت منع قيام حرب صيف 1994، وأول من طالب ونادى بالتعددية السياسية والحزبية ، ومن أهم الشخصيات التي اعتنقت الديمقراطية والتسامح السياسي من خلال كتاباته وسلوكياته اليومية.

جار الله عمر في آخر خطاب له شدد على ضرورة التمسك بالديمقراطية التي تجنب الأوطان التشظي والتفتت وويلات الحروب ، كما ذكر أن الديمقراطية منظومة متكاملة ولا تتجزأ، أساسها المواطنة المتساوية واحترام العقد الاجتماعي بين الحكام والمحكومين وصيانة الحريات والحقوق الأساسية دونما تمييز لأي سبب كان والقبول بالتعددية الفكرية والسياسية.

يقول عبدالباري طاهر، ناقد ومحلل سياسي، إن الوحدة اليمنية أعظم إنجاز حققه اليمنيون بعد الثورة اليمنية سبتمبر أكتوبر، لكن فإن القيادتين الشطريتين لم تكونا مخلصتين للحدث العظيم الذي اشتركتا في صنعه، فقد ظل إرثهما الوبيل في التشطير حاضرًا وقاتلًا للعودة للماضي، بحسب خيوط.

ويرى طاهر أن اليمن واليمنيين بحاجة لإعادة صياغة وحدة طوعية وديمقراطية يتوافق عليها كل ألوان الطيف المجتمعي والفكري والسياسي.

ويحمّل عبدالباري طاهر كل أطراف الحرب مسؤولية تأجيج خطاب الكراهية وتغذية الصراعات وما وصلت إلى البلاد منذ العام 2015، فالشعب اليمني شمالًا وجنوبًا شرقًا وغربًا ضد الحرب، لكن غالبية الناس مقهورون صامتون مع انعدام وسائل ديمقراطية للتعبير عن إرادتهم.

ويضيف: “هناك مجموعات تدعو للسلام من الشخصيات المستقلة وكذلك من الأحزاب السياسية ومن عدة اتجاهات مختلفة. منذ بداية الحرب أصدروا بيانات ضد الحرب والعنف وخطاب الكراهية، والسعي إلى مصالحة مجتمعية ووطنية شاملة.

الحوار وسيلة تسوية

لا يخلو المشهد السياسي اليمني من أزمات سياسية تعصف بالبلاد، مع ارتفاع وتيرتها منذ العام 2011، مع تأزم الأوضاع بشكل كبير وما نتج عن ذلك من أحداث واتفاقيات، من أهمها المبادرة الخليجية، والحوار الوطني، ومن ثم اتفاق السلم والشراكة الذي وقعت عليه جميع الأطراف والمكونات السياسية في 2014، بهدف بناء الدولة اليمنية الاتحادية التي تقوم على مبادئ سيادة القانون والمواطنة المتساوية واحترام حقوق الإنسان والحكم الرشيد، والالتزام بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله.

في السياق، يوضح إسماعيل أحمد، كاتب سياسي، أن اتفاقية السلم والشراكة في شقها السياسي تعاطت مع المشهد اليمني بطبيعته القائمة في تلك الفترة، وهي بالتالي وضعت معالجات وأقرت إجراءات خاصة بإزالة عناصر التوتر ووقف التصعيد عبر سلسلة من الخطوات التي سمّتها الاتفاقية واعتبرت الحوار على أساس الشراكة بين مكونات الحوار الوطني هو السبيل الوحيد لتجنب الحرب والعودة لحالة من السلم تؤسس لتسوية قضايا الخلاف استنادا لمخرجات الحوار الوطني الشامل.

منذ العام 2015، دخلت اليمن في أتون حرب مدمرة تسببت في تفجير سلسلة من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتفتيت الجغرافيا اليمنية، مع استمرار الحرب والصراع الدائر على كل المستويات منذ أكثر من ست سنوات مع انسداد أفق إحلال السلام والتوافق بين جميع أطياف الشعب اليمني.

في هذا الخصوص، يرى عبدالباري طاهر أن السلام إرادة شعبية عامة، ولابد من تحرك الشعب اليمني بنفسه كالنقابات ومنظمات المجتمع الوطني والأحزاب لرفض الحرب والمطالبة بإيقافها، وتفعيل اللجنة الدولية للتحقيق في جرائم الحرب لأنها لو تفعلت لألجمت وحوشها ووضعتهم أمام المساءلة عن الانتهاكات والجرائم التي ترتكب منذ أكثر من ست سنوات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى