احتجاجات عدن.. مؤشر الخطر الكبير بقلم| وضاح اليمن الحريري
بقلم| وضاح اليمن الحريري
بدأت حركة الاحتجاجات في عدن من كريتر وسرعان ما انتشرت في بقية مناطق ومديريات المحافظة، لتعبر عن حالة السخط الشعبي والغضب الجماهيري، من تردي الأوضاع المعيشية والخدمية للمواطنين، كاشفة عن مدى التدهور الاقتصادي الذي آلت إليه الأمور في “العاصمة المؤقتة والمحررة منذ أكثر من ستة أعوام”، التي تراكمت خلالها مئات المشكلات السياسية والأمنية، وتفاقمت الأزمة الاقتصادية الطاحنة، حتى أصبح أمر التغاضي عنها، أو عدم التعبير عن وجودها والادعاء بأن كل الأحوال بخير، نوعا من الخرافة والدجل الذي تقوده قوى سياسية تتمسح بثوب المشعوذين والدجالين.
أما وقد خرج الناس يحتجون ويصرخون فلا اثم عليهم بما كانوا منه يعانون، فرادا وجماعات من كافة الفئات والشرائح الاجتماعية، متخليين عن ارادات النخب السياسية، التي مازالت تفتتن فيما بينها مختلقة اسبابا للصراعات والمناورات السياسية التي لا تنتهي عند حد ما، ولا تقف أمام مصلحة الشعب في الدفاع عنه، بل نجدها تنحاز لمصالح بقائها وديمومتها السياسية، في تشكيلة حكومية هي أضعف من أن تواجه هذه الأزمات وتتعامل معها.
لنقل بوضوح أن مبرر بقاء حكومة اتفاق الرياض، لم يعد مستساغا ومقبولا، حيث ان مؤشر فشل الاتفاق الأساسي، هو فشل الحكومة وعلى مدى الأشهر الماضية في أن تقدم حلولا ذات معنى لما يواجهه الناس ولها قيمة في حياتهم المعيشية اليومية، هذا الاتفاق الذي لم يعمل ولو ليوم واحد في أي من بنوده بطريقة سوية وناجعة، صار يشكل من خلال الحكومة المشكلة وفق بنوده ساطور الجزار الذي هو طالع ونازل يسلخ في جسد أبناء الشعب في العاصمة المؤقتة عدن وفي غيرها من المناطق المحررة، دون رحمة أو شفقة بهم.
ليس بعيدا عن نظر مجموعة من المراقبين، أن اتفاق الرياض الثنائي وآلية تسريعه، قد أخفق إخفاقا ملموسا في معالجة أوضاع عدن والمناطق المحررة، لسبب رئيسي لا يمكن التغاضي عنه وصرف النظر، هذا السبب هو أن اتفاق الرياض إنما جاء ليحل المشكلة بين طرفيه (الشرعية والانتقالي)، ولم يجئ لكي يحل مشكلات عدن والمناطق المحررة أو يعالج هموم الناس ويلبي طموحاتها، لقد استخدم كفخ للطرفين كي يتعلما حل مشاكلهما دون مزيد من التدخلات والخسائر للتحالف وفي حدود طموحات الطرفين في تواجدهما في السلطة أيا كان مسماها.
أثبتت التجربة منذ توقيع الاتفاق، برعاية المملكة والإمارات، ان هناك حالة جهل أو تجاهل متعمد لمعاناة الناس في الجوانب المعيشية، الاقتصادية منها على وجه التحديد، وخلال ما يقرب من العامين، تضاعفت تلك المعاناة تضاعفا أسيا متسارعا، فخلال أشهر محدودة كما يقول أحد المواطنين، تعمق وازداد شعوره بالأزمة الطاحنة، بما يعادل السنوات السابقة مجتمعة مع بعضها، في ذلك دلالة ملموسة ومحسوسة، تؤدي الى نتيجة طبيعية وهي اشتعال موجة من الاحتجاجات، ما إن تخبو حتى تستعر نارها من جديد، ومن غير المقبول أو المنطقي أن تقوم اطراف الحكومة كل على حدة باستعراض مهاراتها وقدراتها وإمكانياتها، في قمع وتفكيك هذه الاحتجاجات، وبطرق استعراضية في محاولة لاستجلاب رضا الراعي لاتفاق الرياض، وبأن الوضع تحت السيطرة، وتجنيب مساءلة الحكومة النصفية عن فشلها في حل الأزمة وقيادة البلد الى مرافئ آمنة ووضع مستقر.
لن نثخن المواطن الجريح بمزيد من الجراح والتحليل، وشحن بضائع الكلام الفارغ لملئ أذنيه، بقدر ما نرى أن الحل المبدئي لمواجهة الأزمة يتجلى في جانبين رئيسيين، الجانب الأول هو إشراك مزيد من القوى السياسية وضمها الى اتفاق الرياض بعد تطويره وتحسينه بوضع بنود تتعلق بمعالجة الأزمة الاقتصادية والمعيشية، ولدعم الحياة السياسية عموما في عدن والمناطق المحررة، والجانب الآخر هو في استقالة أو اقالة حكومة المناصفة الفاشلة وتشكيل حكومة مصغرة لإدارة الأزمة وحلحلتها، أما بدون اتخاذ إجراءات ومعالجات جادة من النوع الذي ذكرناه فإن على عدن والمناطق المحررة السلام، بعد ان تتلقفها أذرع شياطين الحرب وتلتهمها أفواه وحوش النخب و الأطراف المتناحرة عسكريا وسياسيا.