حضرموت الساحل يحتج مرة أخرى على تدهور الخدمات
حضرموت – عامر الحضرمي :
من المكلا إلى الشحر وبينهما غيل باوزير، اشتعلت حرائق الغضب في كبريات مدن ساحل حضرموت بمظاهرات حاشدة خرجت احتجاجًا على تدهور الأوضاع المعيشية وانهيار البنية التحتية في المستشفيات والمنظومة الكهربائية.
محافظة حضرموت تعد من المناطق النفطية والغنية بالأسماك، وتشهد استقرارًا سياسيًا وأمنيًا نسبيًا مقارنة بالمحافظات الأخرى.
لكنها شهدت خلال الأشهر الماضية صدامات متكررة بين قوات المنطقة العسكرية الثانية والنخبة الحضرمية وشبان محتجين نزلوا إلى الشوارع سلميًا للضغط على السلطة المحلية للإيفاء بوعود إصلاح الكهرباء ووضع حد للغلاء الفاحش في المواد الاستهلاكية والغذائية والوقود.
هذه المرة زادت وتيرة الاحتجاجات بعد إعلان عجز المستشفيات عن استقبال الحالات المرضية الطارئة وفي مقدمتها إصابات كورونا لشحة الأوكسجين وانقطاع التيار الكهربائي حتى عن غرفة العناية المركزة.
مواكب جنائز بالعشرات شيعت خلال الأيام الماضية في مدينة المكلا لأشخاص من مختلف الفئات العمرية قضوا بأمراض مستعصية أو طارئة أو فجأة، فيما وصفه البعض جريمة قتل لأرواح لم تعد قادرة على تحمل الإنهاك البدني والنفسي مع ارتفاع درجات الحرارة وتحول المنازل إلى ما يشبه الأفران في غياب الكهرباء طوال ساعات اليوم.
شكلت مجموع هذه المشاكل مقدمات لتحركات شعبية تزامنت مع استمرار انهيار العملة المحلية، وبدأت بإقدام مجاميع على إغلاق محلات الصرافة الأحد الماضي، بتهمة تورطها في التلاعب بالعملة، تبع ذلك خروج مظاهرات لأول مرة أفقدت السلطة المحلية وقوتها العسكرية القدرة على محاصرتها في حي السلام، وبلغت أوجها باقتحام ميناء المكلا وإغلاقه وعدة مبان حكومية الأحد الماضي.
لكن التطور الخطير في مسار التظاهرات التي شكل طلاب وطالبات المدارس عمودها الفقري وشاركوا في فعالياتها بكثافة، هو اندلاع حريق في مدرسة ثانوية الميناء بالمكلا على مرحلتين الأولى، حريق في بوابة المدرسة وسورها الخارجي نهارًا، والثانية في كشك بداخلها التهمته النيران بالكامل الأحد الماضي.
ووجه الصحفي صبري بن مخاشن، أصابع الاتهام لمندسين في المظاهرات من الاستخبارات العسكرية أرادوا حرفها ومنح الجيش والنخبة صلاحية قمعها.
و كان جنود من النخبة قد حاولوا بالفعل يوم الإثنين فض المظاهرات بإطلاق الرصاص الحي على الطلاب، سقط على إثرها جريح شاب من باجمعان.
تمدد الاحتجاجات
امتدت المظاهرات إلى مديرية غيل باوزير ورفعت أسوة بمثيلاتها في المكلا شعارات تطالب برحيل المحافظ فرج سالمين البحسني وسلطته التي اتهموها بالفساد، هي وقيادة حلف القبائل ومؤتمر حضرموت الجامع برئاسة وكيل المحافظة الأول عمرو بن حبريش.
الشحر هي الأخرى “انتفضت” مع المكلا وغيل باوزير، برفض شعبي لمساعي السلطة المحلية بيع مساحات شاسعة في شواطئ المدينة لمستثمرين في صفقات مشبوهة كما خرجت مسيرة شبابية بالدراجات النارية، شكلت ضغطًا إضافيًا على السلطة العسكرية والأمنية في المحافظة في مواجهة طوفان جماهيري تدفق من المكلا وبلغ مداها غيل باوزير وتفجر في الشحر.
احتجاجات بلاقيادة
يرى الناشط محمد عمر، بأن نقطة ضعف الحراك الشعبي هو عدم وجودة قيادة حقيقية ترسم خططه، أو توجهه، ما جعل البعض يخشى بأن مصيره سيكون أسوة بسابقاته خصوصًا بعدما خرج المجلس الانتقالي الجنوبي بوقفة هزيلة وبيان يبرئ السلطة المحلية من كل ما يجري في حضرموت ويحمل الحكومة الشرعية الشريك فيها مناصفة مسؤولية مآلات الوضع الكارثي في المحافظة.
كما أن الشيخ صالح الشرفي مستشار المحافظ، أطلق دعوة إلى الجماهير الغاضبة بالتهدئة وعدم الانجرار خلف أعمال العنف وقطع الطرقات، وهو نفسه سبق أن صرح بأن المحافظ البحسني وعده بأنه لن يعود من رحلاته الخارجية من الإمارات والسعودية إلا وقد أوفى بوعود استقرار خدمة الكهرباء والحد من غلاء الأسعار ومكافحة الفساد المستشري في مؤسسات الدولة، وهو ما لم يتحقق على الإطلاق.
وبلغ به الاستهتار كما قال الصحفي أمجد بن صبيح، بإحالة البحسني ملف الصحة إلى وكيل الشباب والرياضة فهمي باضاوي، وتقدم أطباء مراكز عزل كورونا باستقالاتهم لعدم تسديد مستحقاتهم وإهمال مستلزمات الوقاية من الوباء، وخلو المركز من اسطوانات الأوكسجين.
من جهته أعلن المتحدث السابق باسم المنطقة العسكرية الثانية هشام الجابري، المقرب من المحافظ البحسني في تغريدة على “تويتر” بأن الأخير سوف يعود إلى المكلا الثلاثاء،.
وبحكم أنه سبق وأبلغ قيادة المنطقة العسكرية الثانية و”النخبة” بأنه سيستعين بمسلحي قبائل الحموم التي ينتمي إليها، لقمع الاحتجاجات ضده، نزل المئات من الجنود، يوم الاثنين إلى شوارع المكلا وأحالوا ليلة المدينة المظلم إلى نهار برشاقات أسلحتهم الخفيفة والمتوسطة أدت في محصلة أولية إلى سقوط 5 جرحى إصابتهم خطيرة فجر الثلاثاء.
يتوقع حصد المزيد من الضحايا الأبرياء إلى جانبهم، وتجديد البيعة للبحسني بضوء أخضر من الشرعية والتحالف والانتقالي على حد سواء.