تقارير وتحليلات

“الإنسان للإنسان فيروس”: كيف يغيّر الوباء نفسية الجموع البشرية

تحت العنوان أعلاه، كتب البروفيسور في كلية علم الاجتماع بالجامعة الأوراسية الحكومية أرتور أتانيسيان، في “أوراسيا إكسبرت”، حول التحكم ببنية البشر النفسية على خلفية خطر العدوى.

وجاء في المقال: خلاف الأمراض المعدية السابقة واسعة النطاق في القرن الحادي والعشرين، والتي كان لها صدى وعواقب هائلة (مثل إنفلونزا الطيور، وإيبولا وغيرها)، غيرت عدوى فيروس كورونا واقع الحياة الاجتماعية لكل منا وحياته واتصالاته وعلاقاته مع الآخرين.

وقد حلت وسائل الإعلام، تدريجيا، محل خبرات الناس الخاصة، ما يسمح بالتلاعب في التصورات والسلوك العام، بدرجة أو أخرى. وبتعبير آخر، كلما قل خروجنا، قل ما نراه، ونسمعه، و نعرفه من تجربتنا الشخصية، وإمكانية التحقق مما تنقله لنا وسائل الإعلام، وبالتالي خضعنا أكثر للتلاعب.

الآن، عندما وجد الناس أنفسهم حبيسي منازلهم جماعيا، بسبب تهديد كوفيد-19، لم يبق لديهم بدائل تقريبا عن وسائل الإعلام والمواقع وشبكات التواصل الاجتماعية. وبناءً على ذلك، سوف تزداد درجة التلاعب بالمجتمع بشكل كبير.

من المثير للاهتمام أن نلاحظ أن مطالب السلطات ودعواتها إلى عدم مغادرة المنازل، وعدم الاجتماع، وعدم الخروج إلى الشارع دون داعٍ، وما إلى ذلك، وبغض النظر عن الوضع الراهن، هي تاريخياً من السمات المميزة للحكومات غير الديمقراطية.

وحتى الآن، تطبق المرحلة الأولى من معادلة “فرق تسد” في سياق مواجهة كوفيد-19. أما المرحلة الثانية من هذه السياسة فيمكن أن تكون إما السيطرة على خطر الفيروس وتدميره التام، أو السيطرة الكلية على الناس المختبئين في منازلهم وشققهم، والذين اعتادوا على مدار العقود الماضية على مطالبة حكوماتهم بشيء ما باستمرار، والتهديد بالتظاهر، وعزل (الرؤساء والحكومات)، وعدم الإقبال على الانتخابات، والتهرب الضريبي وإساءة استخدام حرية التعبير …

يمكن استبدال سياسة “الخبز والفرجة” في المجتمعات الاستهلاكية بسياسة نقص الخبز وورق التواليت، وبدلاً من القيم الليبرالية، سيتعين على المواطنين الذين اعتادوا على الحريات أن يغرقوا في حالة من الواقعية المعيشية وتراجع حاد في الحقوق والحريات، في كل مكان. وهكذا، فلا يعود للإحالة إلى “العالم المتحضر” معنى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى