استطلاعات وتحقيقات

هل ينجو امراء آل سعود من بطش كورونا ؟!

كتب مراسلا صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية ديفيد كيركباتريك وبن هوبارد تقريراً في الصحيفة حول غزو وباء كورونا للعائلة المالكة السعودية في قصورهم.

وقال التقرير إن الأمير السعودي الكبير الذي يحكم الرياض موجود في العناية المركزة في المستشفى نتيجة إصابته بالفيروس. كما أصيب العديد من أفراد العائلة المالكة بالمرض. والأطباء في مستشفى النخبة الذين يعالجون أعضاء عشيرة آل سعود يعدون ما يصل إلى 500 سرير لتدفق متوقع من أفراد العائلة المالكة الآخرين والمقربين منهم، وذلك بحسب تنبيه بـ”حالة تأهب قصوى” داخلية أرسلها مسؤولو المستشفى.

وكتب العاملون في مستشفى النخبة، مستشفى الملك فيصل التخصصي، في التنبيه، الذي أرسلوه إلكترونيا ليلة الثلاثاء الماضي إلى كبار الأطباء: “يجب أن تكون التوجيهات جاهزة لاستقبال الشخصيات المهمة جداً VIP من جميع أنحاء البلاد”. وقد حصلت صحيفة “نيويورك تايمز” على نسخة من التنبيه.

وجاء في الرسالة “لا نعرف عدد الحالات التي سنحصل عليها ولكننا في حالة تأهب قصوى”، موضحة أن جميع المرضى ذوي الأمراض المزمنة سيتم ترحيلهم من المستشفى في أسرع وقت ممكن وأنه سيتم قبول “الحالات العاجلة فقط” فيه. وقالت إن أي موظف سيعالج الآن في مستشفى أقل نخبوبة لإفساح المجال للعائلة المالكة.

وبعد أكثر من ستة أسابيع من إعلان السعودية عن حالتها الأولى، يدب فيروس كورونا الرعب في قلب الأسرة المالكة في المملكة.

ويعتقد شخص قريب من العائلة أن ما يصل إلى 150 عضو في المملكة قد أصيبوا بالفيروس، بمن في ذلك أفراد من الفروع الأدنى.

وقد عزل الملك سلمان، 84 سنة، في قصر في جزيرة بالقرب من مدينة جدة على البحر الأحمر، لضمان سلامته، في حين تراجع ابنه ولي العهد محمد بن سلمان والحاكم الفعلي البالغ من العمر 34 عاماً مع العديد من وزرائه إلى موقع بعيد على نفس الساحل حيث وعد ببناء مدينة مستقبلية تعرف باسم “نيوم”.

وعلى غرار دخول رئيس الوزراء البريطاني هذا الأسبوع إلى المستشفى أو وفاة العديد من كبار المسؤولين الإيرانيين الشهر الماضي، فإن إصابة عائلة آل سعود الملكية هي أحدث دليل على أن الوباء يساوي بين الناس. فالفيروس يصيب أغنى الأمراء والعمال المهاجرين الأفقر من دون تمييز، على الأقل، حتى اللحظة التي يبدأون فيها في طلب الفحص أو العلاج.

ومع ذلك، فإن انتقال المرض إلى العائلة المالكة قد يلقي ضوءاً جديداً على الدافع وراء سرعة وحجم استجابة المملكة للوباء.

فقد بدأ حكامها في تقييد السفر إلى السعودية وأغلقوا زيارة الأماكن المقدسة الإسلامية في مكة والمدينة حتى قبل أن تعلن المملكة عن حالتها الأولى، في 2 مارس / آذار الماضي. وقد قطعت السلطات الآن جميع الرحلات الجوية والبريةخارج حدودها وبين المحافظات الداخلية. لقد وضعت جميع مدنها الكبرى تحت حظر صارم على مدار 24 ساعة، مما يسمح فقط برحلات قصيرة إلى أقرب متاجر البقالة أو الصيدليات. وأشارت إلى أن من المحتمل أن يلغى الحج السنوي المقرر لهذا الصيف، وهو أحد أركان الدين الإسلامي الذي يجذب 2.5 مليون مسلم إلى مكة المكرمة، إذ يتم الحج كل عام من دون انقطاع منذ عام 1798، عندما غزا نابليون مصر.

وقال كريستيان كوتس أولريتشسن، الأستاذ في جامعة رايس الذي يدرس السعودية: “إذا وصل الوباء إلى الأسرة، فإن المسألة تصبح قضية ملحة”.

وقد أبلغت السعودية، أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، حتى الآن عن 41 حالة وفاة بسبب فيروس كورونا و2795 حالة مؤكدة. ولكن أثناء مناشدة السكان البقاء في منازلهم، حذر مسؤولو الصحة السعوديون يوم الثلاثاء من أن الوباء بدأ للتو.

وقال وزير الصحة توفيق الربيعة، بحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية، إن عدد الإصابات خلال الأسابيع القليلة المقبلة “سيتراوح بين ما لا يقل عن عشرة آلاف  إلى 200 ألف على الأكثر”.

ومع ذلك، من المستحيل تحديد مدى انتشار الفيروس بالفعل داخل المملكة. وقد تمكنت المملكة العربية السعودية من إجراء اختبارات محدودة فقط، حيث يعمل مختبرها الطبي الرئيسي على مدار الساعة في محاولة لمواكبة الطلب.

وقالت جوانا جاينز، عالمة الأوبئة في المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، والتي تعمل مع الحكومة السعودية كجزء من برنامج تدريبي طويل الأمد في مقابلة من الرياض: “لقد كان هذا تحدياً للجميع، والسعودية ليست استثناءً”.

ولم يرد متحدث باسم السفارة السعودية في واشنطن على طلب الصحيفة للتعليق.

وأكد طبيبان لهما علاقة بمستشفى النخبة واثنان قريبان من العائلة المالكة إصابة حاكم الرياض الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز آل سعود بالفيروس وعلاجه.

والأمير فيصل بن بندر ضابط عسكري سابق يعتقد أنه في أواخر السبعينيات من عمره، وهو ابن أخ الملك سلمان وحفيد مؤسس المملكة الحديثة. وبصفته حاكماً للرياض، العاصمة، يشغل الأمير فيصل منصباً كان يشغله سابقاً ابن مفضل للملك السابق عبد الله ، الأمير تركي، وقبل ذلك شغله الملك سلمان نفسه.

تضم العائلة المالكة آلاف الأمراء، يسافر الكثير منهم بشكل روتيني إلى أوروبا. ويعتقد الأطباء أن بعضهم جلب الفيروس معه، بحسب الأطباء والأشخاص المقربين من الأسرة.

وأول حالة اعترفت بها المملكة هي لمواطن سعودي عاد إلى بلاده بعد زيارة إيران، وهي بؤرة تفشي إقليمية للفيروس. وبعد الكشف عن عدد قليل من الحالات المماثلة، ردت السلطات السعودية بإغلاق مناطق في المنطقة الشرقية للمملكة التي تأوي العديد من أبناء الأقلية الشيعية، التي يُرجح أنهم زاروا الأماكن المقدسة الشيعية أو المعاهد الدينية الشيعية في إيران.

وقال ثلاثة أطباء على صلة بالمستشفيات في المملكة إن أكبر تفشي للفيروس يحدث بين غير السعوديين. ويشكل العمال المهاجرون من جنوب شرق آسيا أو الدول العربية الأكثر فقراً حوالي ثلث سكان المملكة البالغ عددهم حوالى 33 مليون نسمة. ويعيش معظمهم معاً في معسكرات كبيرة خارج المدن الكبرى، وينام عدد كبير منهم في غرفة واحدة ويركبون بشكل مزدحم الحافلات للذهاب إلى العمل والعودة منه – وهي ظروف مثالية لانتقال الفيروس.

كما أن هؤلاء العمال غير قادرين على العودة إلى ديارهم الآن بعد أن تم قطع السفر الجوي، وكثير منهم لديهم إمكانية محدودة للحصول على الرعاية الصحية.

وقال ستيفن هيرتوغ، الأستاذ في كلية لندن للاقتصاد الذي يدرس السعودية، إن أصحاب العمل مطالبون ظاهرياً بتوفير تغطية صحية خاصة لعمالهم الأجانب، لكن القواعد نادراً ما تُطبق والتغطية الصحية تكون سيئة إذا كانت موجودة.

وقال العديد من الأطباء في المملكة أو الذين تربطهم علاقات بمستشفياتها إن أكبر تفشي للمملكة حالياً يقع في أحياء فقيرة واسعة حول مكة والمدينة. فهي موطن لمئات الآلاف من المسلمين من أصل أفريقي أو جنوب شرق آسيا الذين قدم آباؤهم أو أجدادهم بتأشيرات الحج منذ عقود وبقوا في السعودية.

ويشكل معظم أحفاد هؤلاء المهاجرين المولودين في السعودية طبقة دنيا دائمة من دون وضع قانوني وإمكانية محدودة للحصول على الرعاية الصحية أو الخدمات الحكومية الأخرى. ويعتقد أن أكبر عدد منهم هم من نسل اللاجئين من بورما، المعروفة الآن باسم ميانمار، الذين وصلوا قبل أكثر من 70 عاماً.

وإضافة إلى ذلك، فإن أي عامل مقيم دائم أو عامل مهاجر من دون تأشيرة دخول حالياً عرضة لخطر الترحيل، مما قد يثنيهم عن التقدم لطلب الرعاية.

في اعتراف واضح بالمشكلة، أصدر الملك سلمان مرسوماً الأسبوع الماضي بأن الحكومة ستوفر الآن العلاج لأي أجنبي مصاب بفيروس كورونا، بغض النظر عن وضع تأشيرته أو حالة إقامته.

وقال الدكتور جاينز من مراكز السيطرة على الأمراض: “لقد كانت خطوة ذكية للغاية في الأساس أن تقول: إذا كنت مرياً أو تعتقد أنك ربما كنت مريضاً، فيرجى التقدم إلى الأمام، حيث قد يميل الناس لإخفاء الحالات أو لا يتم تشخيصهم، وبعد ذلك سيكون لديك مشكلة في الغليان تحت الأرض”.

المصدر : نيويورك تايمز

ترجمة : الميادين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى