على وقع ملفات شائكة.. هل يذهب الفرقاء اليمنيون لمباحثات جديدة؟
محمد محروس – صنعاء
جولةٌ مكوكيةٌ أخرى للبريطاني مارتن جريفيث فيما تُوصف بالمهمة الأخيرة له كمبعوث أممي إلى اليمن؛ مسقط والرياض فصنعاء، ومنها إلى طهران. التقى فيها جريفيث بمن لهم علاقة مباشرة بالحرب، تُسانده هذه المرة جهودٌ عمانية على مستوى عالٍ من الديناميكية، إضافة إلى مبعوث الرئيس الأمريكي إلى اليمن، تيموثي ليندركينغ، الذي يعمل هو الآخر ضمن توجّه أمريكي لحل عاجل للحرب اليمنية كما أعلن الرئيس جو بايدن في فبراير/ شباط 2021.
تهيئة الأجواء
في الخامس من يونيو/ حزيران الجاري، غادر وفد من المكتب السلطاني العماني صنعاء، بعد لقاءات جمعته بقيادات من الصف الأول لسلطة صنعاء، بينهم عبدالملك الحوثي قائد جماعة أنصار الله (الحوثيين)، لكن دون الإعلان عن نتائج الزيارة التي استمرت مدة أسبوع. (التأكد كم استغرقت الزيارة).
صحيفة “الجريدة” الكويتية، تناولت ما أسمتها “المبادرة العمانية لحلحلة الأزمة اليمنية”، والتي تتضمن أربع نقاط: أولها وقف إطلاق النار، وثانيها الدخول في مفاوضات سلام مع أطراف الأزمة في اليمن، ثم بَدء مفاوضات مباشرة بعد السماح بدخول سفن المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة، وأخيرًا فتح مطار صنعاء إلى عدد من الوجهات، من بينها القاهرة ومسقط.
ووفق ما أوردته الصحيفة الكويتية، فإن المبادرة العمانية تنص على فتح مطار صنعاء الدولي دون تحديد الوجهات، حسبما طلب مفاوضو جماعة أنصار الله (الحوثيين)، لكن بضمانات عمانية، والسماح بإدخال سفن الوقود والمساعدات الإنسانية دون قيود، على أن تخضع السفن للتفتيش من المراقبين التابعين للأمم المتحدة بحسب قرار مجلس الأمن 2216، بينما تطالب المبادرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) بقبول وقف إطلاق النار في كل الجبهات، تحضيرًا لحوار يستأنف المسار السياسي المتوقف منذ مباحثات استوكهولم التي عقدت في ديسمبر/ كانون الأول 2018.
ويشترط الحوثيون (أنصار الله)، وقفًا فوريًّا للضربات الجوية التي يشنها “التحالف العربي” بقيادة السعودية، وفتح مطار صنعاء الدولي دون تحديد الوجهات، على أن تقدّم سلطنة عمان الضمانات الكافية بعدم إقدام “التحالف العربي” مستقبلًا على عرقلة حركة الطيران، أو منع دخول سفن الغذاء والمشتقات النفطية في أي حال.
يأتي ذلك وسط مباحثات غير مباشرة بين السعودية وإيران، والسعودية وجماعة أنصار الله (الحوثيين)، برعاية عمانية. وفي وقت سابق من يونيو/ حزيران الجاري، استقبلت مسقط وزير الخارجية في الحكومة المعترف بها دوليًّا، أحمد بن مبارك، ووزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، لعقد مباحثات مع المتحدث باسم جماعة أنصار الله وكبير المفاوضين فيها، محمد عبدالسلام، الذي يقيم في سلطنة عمان منذ بداية الحرب.
حسابات سعودية
إذا ما نجحت جهود التمهيد لمفاوضات سلام جديدة بين الفرقاء اليمنيين، فإنها ستكون رابع جولة مفاوضات بعد الكويت، جنيف، واستوكهولم؛ حيث لم تنجح أيٌّ من هذه الجولات في إنهاء الحرب، رغم الآمال الشعبية التي عُلّقت طوال فترات المفاوضات التي وصفت بالعقيمة. غير أن عوامل عدة تدفع هذه المرة نحو مفاوضات جادة لإنهاء الحرب اليمنية المرهقة.
يذهب محمد الخامري، رئيس تحرير صحيفة إيلاف، إلى أن هناك توجهًا دوليًّا وإقليميًّا لإنهاء الحرب في اليمن، مصحوبًا بإصرار سعودي يرى أن من المهم التوقف عن حالة الحرب التي كلّفت السعودية فاتورة باهظة الثمن، وأرهقتها سياسيًّا وعسكريًّا.
يضيف الخامري في حديث لـ”خيوط”: “يبدو أن السعودية لها حساباتها الداخلية ضمن توجه تنموي لا يعتمد على النفط، وكلما كانت الحرب مستمرة، فإنها لن تنجح في تنفيذ خططها التنموية، والعمل على تحقيق مكاسب اقتصادية غير نفطية، من هنا تدفع السعودية بكل ثقلها لإنهاء الحرب اليمنية والدخول في مفاوضات سلام شاملة”.
تعمل عمان بكل ثقلها للوصول إلى حل سياسي في اليمن، وهذا دور تلعبه السلطنة لما تمثله اليمن من عمق استراتيجي لها، بحسب الخامري، الذي يرى أن عمان حريصة على ألا تعيش في جوار تحيط به فوضى الحرب من كل جانب.
مسمار الشرعية
مع كل دعوة لجولة مفاوضات جديدة تعود المرجعيات إلى واجهة مخاض التهيئة، كأحد الملفات الشائكة في الأزمة؛ فالحكومة المعترف بها دوليًّا تشترط الاستناد على المبادرة الخليجية للحل السياسي في اليمن، ومخرجات الحوار الوطني والقرار الأممي 2216، في الوقت ذاته يرى الحوثيون أن الواقع تجاوز المرجعيات الثلاث، وأنه لا بد من الحديث وفق أسس جديدة للحل.
الوفد العماني والمبعوث الأممي عملا على هذا الموضوع أيضًا، لكنهما لم يُعلنا عن شيء له علاقة بالأمر حتى اللحظة.
أما الدبلوماسي اليمني مصطفى النعمان، فيرى أنه لا أحد يمتلك تفاصيل عما يدور حاليًّا بشأن جهود التسوية السياسية، سوى سلطنة عمان والسعودية، وجماعة أنصار الله (الحوثيين)، وأنه لهذا تدور كل التحليلات “بالتمنّي”.
بالنسبة للنعمان، فالمسار واحد، ولا يمكن الخروج عنه: الذهاب إلى المفاوضات لبحث تفاصيل النهاية الحقيقية للحرب؛ لأن كل ما يدور، بحسب تقديره، ليس إلا تمهيدًا وليس ما يريده اليمنيون.
وفي وضع كالذي نحن فيه اليوم، تستمر الحرب في صدارة المشهد الداخلي، وحراكٌ إقليمي يحاول إتاحة المجال لحل سياسي طال انتظاره، وسط تكهنات بالذهاب لجولة رابعة من مفاوضات يأمل اليمنيون ألا تلقى مصير سابقاتها؛ فهل يُتاح المجال ولو لمرة، للحل السياسي المُنتظر؟