وسط غياب الحكومة وضياع الأولوية وانعدام الجدوى .. حامد وعباد يسمعون مواطني صنعاء أرقاما قياسية للمشاريع
حيروت _ خاص
نشرت وكالة الأنباء اليمنية ” سبأ ” الخاضعة لسلطات الحوثيين ، أمس الثلاثاء ، خبرا عن افتتاح مشاريع في العاصمة صنعاء بتكلفة أكثر من عشرة مليارات ريال ، الامر الذي أثار استياء نخب ومواطنين في العاصمة .
وقالت الوكالة بأن مدير مكتب رئاسة الجمهورية أحمد حامد وأمين العاصمة حمود عباد قاموا بافتتاح ، 88 مشروعاً خدمياً وتنموياً، ودشنا بدء العمل في 92 مشروعاً تنموياً بمبلغ إجمالي 10 مليارات و53 مليون و395 ألف ريال.
وعبر قيادات في حركة الحوثيين وأكاديميون وصحفيون وناشطون عن استيائهم من المبالغات التي وردت في خبر افتتاح المشاريع من ناحية عددها والنتائج المترتبة على انجازها ، بالإضافة إلى اختلال في اجراءات تتعلق بالشخصيات والجهات المناطة بها افتتاحها والإشراف على تنفيذها ، ناهيك عن تجاهل تام لأولويات توجيه عملية التنمية الإقتصادية في ظل انقطاع الرواتب وتردي الظروف المعيشية للمواطنين منذ بدء الحرب عام 2015 م .
القيادي في حركة الحوثيين وعضو وفد صنعاء في المفاوضات عبدالملك العجري ، رغم اشارته إلى الحصار الذي تمر به المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين والحرب المشتعلة منذ ست سنوات ، إلا أنه أكد عدم تبريره أي خطأ ، في اشارة إلى المشاريع التي افتتحها حامد وعباد .
إلى ذلك ، انتقد الأكاديمي وأستاذ الفلسفة والمنطق في جامعة عدن الدكتور سامي عطا اجراءات افتتاح المشاريع والهالة الإعلامية الكبيرة رغم انها مشاريع ” روتينية ” .
وقال عطا ، في منشور على حسابه في الفيسبوك رصده حيروت الإخباري ، :” بصريح العبارة ومن دون أي مجاملة ، إما أن يطلقوا رئيس الوزراء للقيام بواجباته أو يقيلوه ، في إشارة إلى ان افتتاح تلك المشاريع هي من المهام الأصيلة للحكومة .
وأكد عطا بان كل دولة يوجد لديها جهاز أو إدارة مراسم تتبع رئاسة الجمهورية ، ووظيفتها الإهتمام بنشاط الدولة وترتيب نشاط وفعاليات الرئيس والحكومة وأعضائها، مشيرا إلى أن هذا الجهاز يدير النشاط وفق علم إدارة محكم يهتم بكل تفاصيل النشاط ، قائلا :” فعلوا جهاز المراسم وأعطوا الخبز لخبازه، وبلاش تخويش وتخبيص” ، وفق تعبيره .
ولفت عطا إلى ضرورة إعادة النظر بالسياسات الإعلامية القديمة المتعلقة بافتتاح ووضع حجر الأساس لمشاريع روتينية لأنها من صلب مهام المسؤول لحل مشكلات المجتمع، معتبرا ان المشاريع الكبيرة هي ما تحتاج تسليط الضوء عليها، كمشاريع الأمن الغذائي والزراعي ذات المردود الاستراتيجي ، مختتما منشوره بالقول :” بلاش تكرار سياسة إعلام عفاش الذي يعمل من الحبة قبة ” .
بدوره ، وجه الصحفي والإعلامي الكبير خليل العمري انتقادات لاذعة حول ذات الموضوع ، مؤكدا اولوية الموظفين المنقطعة رواتبهم في حال توفر أموال بالمليارات ، كما جاء في خبر افتتاح المشاريع .
وقال العمري ، في سلسلة منشورات على حسابه في الفيسبوك رصدها حيروت الإخباري، :” عندما تتحدث سلطة لا تستطيع دفع رواتب موظفيها، عن افتتاح وتدشين مشاريع تنموية، فهي تضع نفسها محلا للسخرية والإستهجان ، حد قوله .
واضاف : ” تحاولون التمظهر بمظاهر الدولة وأنتم مازلتم في مرحلة الثورة ، تتحدثون عن النظام السياسي غير المسبوق الذي سترسونه وأن الديمقراطية ستغدو بجانبه نظاما رجعيا متخلفا، بينما ثلثي الوطن تحت الإحتلال ومشاريع تقسيمه ماضية على قدم وساق ” ، متسائلا :” ماذا لو قال لكم الناس إن أول وظائف الدولة هي إطعام مواطنيها ” .
وانتقد العمري الفشل في إدارة الدولة ، والذي دائما ماتعلقه الأنظمة السياسية الحديثة بالأنظمة التي سبقتها ، قائلا : “ طٍوال خمسين عاما راحت الأنظمة الجمهورية الفاسدة تعلّق فشلها على شماعة النظام الإمامي، وتردد : ورثنا وضعا متخلفا وهشا .
وتساءل العمري متهكما :” أكنتم تريدون أن ترثوا منه دولة مزدهرة! لو كانت كذلك فما سيكون مبرر ثورتكم عليه! ”
ناشطون كثر ينتمون للحوثيين أيضا بالإضافة إلى مواطنين تحدثوا لحيروت الإخباري عن خيبة أملهم مما يجري حتى وإن أحيط ذلك بهالة اعلامية ، لافتين إلى أن مشاريع لايستشعر المواطن بها وبفائدتها ولاتلامس حياته وتطلعاته ، ولاتساهم في تخفيف وطأة معاناته هي مشاريع ” زائفة “.
خبراء في الإدارة والإقتصاد أشاروا إلى أن الخلل في ادارة الدولة ومؤسساتها والفساد المتفشي في أجهزتها وأولويات التنمية الإقتصادية في ظل الحرب ، بالإضافة إلى تقديم معيار الولاء على الكفاءة ، وتجميد دور القوانين واللوائح الإدارية ، كل ذلك يشكل المعضلة الأكبر لدى الحوثيين الذين تفوقوا عسكريا وأمنيا في إدارة المناطق الخاضعة لسيطرتهم مقدمين نموذجا تميز عما عرف ب ” المحافظات المحررة ” .. فهل يستطيعون تجاوز تلك التحديات ؟!