تقارير وتحليلات

كيف انتقل فيروس كورونا إلى حاملة طائرات أميركية وسط المحيط؟!

كتب /عبدالله محمد

حتى 30 آذار/مارس 2020، بلغ عدد الجنود الأميركيين المصابين بفيروس كورونا المستجدّ على متن حاملة الطائرات العملاقة “يو أس أس روزفلت”، 8 بحارة، بحسب الاعتراف الرسمي للبحرية الأميركية، في حين تتحدّث شبكة “إي بي سي” الأميركية عن 36 إصابة، نقلاً عن مسؤول عسكري تحفَّظ عن الكشف عن هُويته.

لسنا نتحدَّث هنا عن سفينة سياحية تضم 200 مسافر وترفض دول العالم استقبالها، بل عن واحدة من أكبر القطع التي بناها الإنسان بطول يبلغ 332 متراً، وتحمل على متنها 3200 جندي بحرية، و2480 جندياً طياراً.

والأهم من كل ذلك أنها كانت حتى أيام قليلة تنتقل بين ميناء وآخر في الخليج، حيث ترسو ويخرج طاقمها للمشاركة في فعاليات كثيرة في الدول الحليفة التي تستضيف برامج مشتركة.

قبل أيام فقط، قررت البحرية الأميركية تعديل جدول أعمال الحاملة ومسارها لتتجه إلى جزيرة “غوام”، الموقع الاستراتيجي للقوات الأميركية، بهدف إجراء فحوصات لطاقمها.

حالات الإصابة المعلن عنها بين الجنود لا تشمل عدداً غير محدد من المعزولين في الحجر الصحي على متن الحاملة، علماً أن عملية التعقيم على متن سفينة بهذا الحجم أمر معقّد. والأهمّ أن وقف انتشار الفيروس يتطلّب إخلاءها تماماً مع توفر 800 جهاز فقط لفحص كورونا في جعبة الفريق الطبي العامل في الحاملة.

لكن الأهم بالنسبة إلى الدول التي رست فيها هو تحديد الأشخاص الذين تواصلوا مع طاقمها، كما تحديد الحالة “صفر”، وهو إجراء يكاد يكون مستحيلاً بفعل السرية التي تحيط بالفحوصات الطبية التي سيخضع لها البحارة، بحسب البروتوكول المعمول به في البحرية الأميركية.

وتفيد حركة الحاملة “يو أس أس روزفلت” بأنها اتجهت إلى المنطقة المشتركة ما بين المحطين الهادئ والهندي في 17 شهر كانون الثاني/يناير 2020، في مهمة كان من المفترض أن تستمر 7 أشهر، فرَست أولاً في ميناء “دا نانغ” في فيتنام، حيث يتم حالياً اكتشاف حالات إصابة جديدة بفيروس كورونا (في الميناء نفسه والبلدة التي يقع فيها)، علماً أن فيتنام كانت خالية تماماً، ولمدة 22 يوماً، من أي إصابة محلية، إلى حين ظهور إصابات متعددة من خلال سياح بريطانيين في البلدة نفسها التي رست فيها “يو أس أس روزفلت” لمدة أسبوعين.

ولا يمكن الإجابة على “لغز” انتشار الوباء على متن الحاملة في ظل التكتم الأميركي الكبير، وخصوصاً أن عدد الإصابات قد يرتفع بشكل دراماتيكي بسبب آلية التهوئة على متن الحاملة وضيق مساحات المعيشة المخصصة للبحّارة، مع فائض في عدد الأسطح، من سلالم وقبضات أبواب ومسارات ضيّقة بين الغرف، ووجود حمامات مشتركة، علماً أن البحّارة يقضون جزءاً كبيراً من أوقاتهم في فحص أجزاء الحاملة كافة، بهدف ضمان جهوزيتها طوال الوقت.

ويصرّ الأميركيون على الحديث عن ظهور عوارض كورونا بين الجنود بعد 15 يوماً من زيارة فيتنام، في حين أنّ الدولة الفقيرة، جنوب شرق آسيا، لم تشهد أي حالة كورونا قبل زيارة حاملة الطائرات الأميركية، فهل انتقل الفيروس إلى “يو أس أس روزفلت” من طاقم عسكري أميركي زارها قادماً من سفينة أخرى؟

هذا هو الجواب الأكثر ترجيحاً، وخصوصاً أنّ الوقت لم يُسعف الحاملة للانتقال إلى موانئ أخرى، والاحتكاك الوحيد الذي تعرّض له بحارتها، كان في أعالي المحيط أثناء تدريبات مشتركة مع قطع أميركية أخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى