الأخبارتقارير وتحليلاتمحليات

إهانة ومضايقات وتحرش… طفلة صغيرة بين فكّي التهاون الأمني وتسيّب القضاء في أبين

حيروت – أبين

مها (اسم مستعار) طفلة بريئة تبلغ من العمر 13 سنة. تعيش في أسرة فقيرة بين خمسة ذكور؛ أكبرهم (11 سنة)، وأصغرهم (سنة واحدة)، واثنتين من الإناث.

يعيشون جميعهم في منزل لهم بحي في مديرية زنجبار، محافظة أبين، يتكون من غرفة وحمام ومطبخ وينامون في غرفة واحدة. تركت مها المدرسة من الصف الخامس؛ لأنها لم تحصل على ملابس لائقة، ولم تعد لقمة العيش تكفيها وأسرتها، فوالدها صار مريضًا، ووالدتها التي تعمل عاملة نظافة وتتحصل على مبلغ 40 ألف ريال لم يعد هذا المبلغ يكفيها، خاصة مع الارتفاع المطّرد في أسعار المواد الغذائية.

ذهبت مها لتتسول بعد أن بحثت عن عمل، ولم تجد لصغر سنها. صارت تتجول في الشوارع بجسدها الضئيل. تتعرض للإهانة والمضايقات والتحرش مرة بعد أخرى. احتملت كل ذلك من أجل أن تعيش وإخوتها، كانت تعود كل يوم، بالخبز وفي وجهها مرح مستعار.

في يوم الثلاثاء 13 أبريل/ نيسان وعند الساعة الـ9:00 مساءً، قرع اثنان من الجنود المسلحين يرتدون الزي العسكري، باب منزل “مها”. فتح والدها الباب، وتعجّب، قال: ماذا تريدون؟ رد الجندي: “نريد مها، إنها متهمة بسرقة ذهب يخص وكيل نيابة زنجبار، جاعم جوبان”. أجاب والدها بذهول: “أي ذهب؟”، قال الجندي: “تحضرون الفتاة غدًا صباحًا إلى مركز الشرطة” بحسب خيوط.

في اليوم التالي، ذهبت “مها” ووالدها الذي يتّكِئ على والدتها، إلى قسم شرطة زنجبار. تحدث مدير القسم مع الطفلة، وسألها: “هل سرقتِ ذهب الوكيل؟”، ردت الطفلة: “لا؛ لم أسرق يومًا. فقط أتسول، لكن لا أسرق”. قال لها: “لقد شاهدناك في الكاميرا وأنت أمام منزله، وكنتِ تجلسين في الخرابة التي بجانب البيت”. قالت: “نعم، كنت يومها أمشي في الشارع، ولم أقرع حتى الباب، وإنما دخلت الخرابة لأتبول، ثم خرجت، لماذا لم تظهر الكاميرا ذلك؟! حتى إنني لا أعلم أن هناك كاميرات في المكان!”.

ورغم أقوالها، أمر مدير الشرطة باحتجازها، لأربعة أيام، أي من 14 أبريل/ نيسان إلى 17 من نفس الشهر، من الساعة الـ08:00 صباحًا إلى الـ03:00 فجرًا ليأتي والدها ووالدتها لأخذها إلى منزلهم بتعاون من مدير الأمن.

وعندما لم يحصل القسم على اعتراف منها، تم تحويلها إلى السجن المركزي، بالرغم من عدم وجود أدلة تثبت تورطها بواقعة السرقة، وذلك بطلب من وكيل النيابة المدّعي عليها، وهناك تم التحقيق معها من قبل وكيل النيابة المدّعي وزوجته وصديقه، وعرضوها لأشكال من التهديد إن لم تعترف.

تعرضت الطفلة أيضًا للتهديد من قبل مدير السجن، والذي وصفها بالحثالة، وأمر بوضعها في غرفة منفردة ومعزولة، لكن السجّانة رفضت هذا الأمر، وفضّلت وضعها مع سجينة أخرى متهمة بقتل زوجها.

خلال سجنها امتنعت عن الأكل والكلام، خاصة وأن وكيل النيابة منع عنها زيارة أقاربها. وبعد انهيار الأم وتدهور حالة الطفلة تم السماح لها بعد أربعة أيام بالزيارة.

في يوم 20 أبريل/ نيسان، عصرًا، قام وكيل النيابة مع زوجته وأم الطفلة بأخذ الأخيرة من السجن ونقلها إلى مدينة عدن، لعرضها على امرأة تَدّعي أنها ساحرة يقال إنها تكشف المخفيات، وكان الغرض من ذلك تخويف الفتاة لإجبارها على الاعتراف.

قالت الطفلة للساحرة: “إذا كنتِ صادقة فيما تقولينه، فأخرِجي الذهب، لأنني لم أسرقه”. تم تهديد الطفلة بإرجاعها إلى السجن، ردت الطفلة: “لم أسرق، افعلوا بي ما تشاؤون”. وبعد عودة الطفلة إلى أبين، رفض والدها تسليمها، بسبب تدهور حالتها الصحية، فتم الاعتداء عليه من قبل قسم الشرطة بالضرب، وسجنه، حتى تدخّل خال الطفلة.

طلب وكيل النيابة من خال الطفلة، توقيع التزام بأن تدفع أسرة الطفلة مبلغ اثنين مليون ونصف ريال يمني على أقساط، لإنهاء القضية، وخوفًا من التهديد والوعيد الذي أطلقه وكيل النيابة بأنه سيقوم بإخفاء الطفلة خلف الشمس، قام الخال بالتوقيع.

وفي أول شهر، بعد الالتزام عجزت الأسرة عن دفع أول قسط التزمت به، ما جعل الطفلة وأسرتها يعيشون في حالة من الخوف والقلق النفسي، من أن تتعرض الطفلة لمكروه، أو يتم إعادتها إلى السجن مرة أخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى