الأخبارتقارير وتحليلاتمحليات

فيروس المعونات الفاسدة في تعز

تعز – شهاب العفيف

مع استمرار الحرب في اليمن بين قوات هادي وجماعة الحوثي، منذ 6 سنوات، عملت العديد من المنظمات المحلية والدولية على تقديم المساعدات الإنسانية والمعونات الغذائية للمواطنين، بخاصة القاطنين في المناطق التي شهدت مواجهات مسلحة، ومنها مدينة تعز، إذ تعتمد الكثير من الأسر على المساعدات الإغاثية بعد أن تسببت الحرب بتضاؤل فرص العمل بمختلف القطاعات.

لكن بعض المستفيدين من تلك المساعدات يؤكدون أنهم حصلوا على إغاثة تالفة، وُزّعت لهم في شهري مارس وأبريل الماضيين، مما اضطر العديد من المستفيدين بمدينة تعز، لاستخدامها تالفة أو بيعها بأسعار منخفضة.

ويقول المستفيد داود محمد، أحد سكّان منطقة عصيفرة بتعز، إنه استلم من إحدى المنظمات الدولية معونات تالفة وغير قابلة للاستخدام في إعداد الطعام له وأسرته المكونة من 6 أفراد. ويضيف في حديثه أنه وجد في كيس القمح حشرات (سوس)، ما جعله يضطر إلى بيع نصف ما حصل عليه لأحد أصحاب المحلات التجارية، بثمن أقل من سعر السوق، إذ باع الكيس القمح عبوة 50كجم بـ9 آلاف ريال يمني، فيما يباع القمح الجيد في السوق بـ24 ألفًا، وسعر الدقيق بـ28 ألف ريال، بحسب المشاهد.
إغاثة فاسدة
وتلقى مكتب وزارة الصناعة والتجارة بمحافظة تعز، شكاوى من مستفيدين في مديريتي المظفر والقاهرة وسط المدينة، تفيد بأنهم حصلوا على إغاثة فاسدة. بعدها باشرت لجنة الرقابة بالمكتب عملها بأخذ عينات من الأغذية المخصصة للمساعدات، وفحصها ومعرفة مدى مطابقتها لمواصفات برنامج الغذاء العالمي، ومدى صلاحيتها للاستخدام الآدمي، وخلصت إلى أن القمح الذي صُرف رديء ومليء بالشوائب، ومنه ما تم منع توزيعه سابقًا، وفق مذكرة موجهة من مكتب الصناعة والتجارة إلى محافظ تعز، نبيل شمسان، تطالبه بإلزام الجهات المسؤولة بتوزيع المواد الإغاثية، بعدم توزيعها للمستفيدين إلّا بعد المعاينة والفحص من قبل لجنة الرقابة بمكتب الصناعة.

وتعاقد برنامج الغذاء العالمي، مطلع العام الجاري، مع شركة السعيد للتجارة التي تولت منذ ذلك الوقت توزيع الإغاثة للمستفيدين عبر التجار بالمدينة. ووَزّع البرنامج، عبر شريكيه منظمة “كير” وشركة السعيد للتجارة، قمحًا فاسدًا وغير مطابق لمواصفات البرنامج، بحسب رئيس لجنة الرقابة في مكتب الصناعة والتجارة بتعز، رفيق البريهي.

وقال البريهي “بعد أن قمنا بفحص المعونات التي وُزعت دون إبلاغنا، وجدنا القمح المُوزع على المستفيدين رديئًا ومليئًا بالشوائب، كما أنه مطحون بشكل سيئ”.
وينفي عبدالحكيم شمسان، مدير منظمة كير في تعز، أية صلة لهم بتوزيع إغاثة. وقال إن المنظمة تعمل على المسح والتسجيل وتسليم السندات شهريًا للمستفيدين فقط. ورفض مسؤول في شركة السعيد للتجارة الرد على تلك الاتهامات، لمنع الشركة لهم الإدلاء بأي تصريح للإعلام، بحسب قوله.
وبلغ حجم الإغاثة لشهر مارس الماضي، التي تم توزيعها للمستفيدين مطلع أبريل الماضي، بمديريتي القاهرة والمظفر، ٣٩ ألف سلة غذائية. ويقول عبدالعزيز الصبري، أحد المستفيدين من برنامج المعونات الغذائية في مديرية القاهرة بتعز: “هناك تقصير من الجهات المسؤولة عن توزيع الإغاثة أو رقابة السلطة المحلية بالمحافظة على المنظمات وشركائها المحليين”.

كيف تتم عملية الفحص للدقيق؟
ويتم الفحص بطريقة نخل الدقيق، كما يقول البريهي، مضيفًا أنه عبر هذه الأداة تبين أن المعونة غير صالحة للاستخدام الآدمي وغير مطابقة لمواصفات البرنامج.

وتم العثور أثناء الفحص على شوائب بشكل كثيف داخل كيس الدقيق الواحد، بما يقدر 17 كجم من عبوة الكيس فاسدة وغير قابلة للاستخدام الآدمي، كما أن هناك عبوات كبيرة لا يظهر عليها شعار شركة السعيد، ما يرجح طحنها خارج مطاحن الشركة، بحسب البريهي.

ويصف البريهي طريقة فحص اللجنة لمعونات الإغاثة كالدقيق والقمح، قائلًا: “نعرف من خلال حاسة الشم ما إذا كان له رائحة مختلفة، أو الفحص بطريقة نخل الدقيق لتظهر الشوائب الموجودة فيه، أو من خلال وجود السوس فيه”.

ويشكو مواطنون في المديريات الريفية لمحافظة تعز، ومنها جبل حبشي وصبر الموادم، من عدم فحص الإغاثة التي يتسلمونها لمعرفة ما إذا كانت صالحة للاستهلاك أم لا. ويقول مدير مكتب الصناعة والتجارة بتعز أحمد المجاهد، إن هناك خطة لعمل لجان فحص تابعة للمكتب تقوم بفحص معونات الإغاثة التي يتم توزيعها في المديريات والأرياف أيضًا.

عشوائية التوزيع
وإلى جانب عدم حصول المواطنين على إغاثة جيدة، يشكو البعض من عشوائية التوزيع للإغاثة. ولم يتوافق توزيع معونات مارس الماضي مع شروط ومواصفات برنامج التوزيع الإغاثي لبرنامج الغذاء العالمي، بحسب شكاوى المواطنين.

في ضوء ذلك، أبلغت لجنة الرقابة بمكتب الصناعة والتجارة، الشركة الموزعة ومنظمة كير والبرنامج العالمي للأغذية، وتم الاتفاق على أنه في الأشهر القادمة سيتم توزيع قمح أسترالي، والذي لم تلتزم به الشركة، كما يقول البريهي. لكنه يردف: “تفاجأنا في لجنة الرقابة بقيام برنامج الغذاء العالمي عبر شركة السعيد بتوزيع قمح الفائز والأصيل، دون إبلاغنا ليتسنى لنا فحصها، ومعرفة سبب عدم الالتزام بالاتفاق وتوزيع قمح أسترالي ذي جودة أفضل من الأصيل والفائز”.

وبحسب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، فإن اليمن بحاجة إلى 3.85 مليار دولار، لمساعدة 16 مليون يمني في مختلف المحافظات.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى