موسم الحصاد: يمنيون يجنون أموالاً مجزية من جامعيين سعوديين.. وذلك مقابل؟
حيروت
عبر التواصل بتطبيق تيليجرام يتفاوض صدام عبدالله مع أحد الطلاب الجامعيين بجامعة بيشة السعودية، حول تكاليف الامتحان بدلًا عنه في الامتحان النهائي لمقرر مهارات لغوية، والذي سيكون عبر الإنترنت، ومع استمرار التفاوض بين الطرفين، يصلان للاتفاق على أن يقوم صدام بالإجابة على أسئلة الامتحان مقابل 250 ريالًا سعوديًا.من ضمن الاتفاق أيضًا أن يقوم الطالب بتحويل المبلغ مقدمًا، وكذا قيام الطالب بإرسال المقرر الدراسي للمادة المراد امتحانها بصيغة pdf، وتحديد المحذوف منه، إذ إن موعد الامتحان بعد أسبوع واحد من التفاوض الذي تم بين الطرفين، وهو الاتفاق الذي تم في ظل تزايد ظاهرة استعانة الطلاب السعوديين باليمنيين والعرب لإنجاز الاختبارات والتكاليف الجامعية بدلًا عنهم بمقابل مادي.وكانت السلطات السعودية، في مطلع مارس من العام الماضي، ومع انتشار جائحة كورونا، أعلنت تعليق الدراسة في مدارس وجامعات المملكة، وذلك وفقًا للإجراءات الوقائية والاحترازية الموصى بها من قبل الجهات الصحية المختصة في المملكة، إذ شمل القرار مدارس ومؤسسات التعليم العام والأهلي والجامعي والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني الحكومية والأهلية.
ووجه وزير التعليم العالي بتفعيل المدارس الافتراضية والتعليم عن بُعد خلال فترة تعليق الدراسة، بما يضمن استمرار العملية التعليمية بفاعلية وجودة، وقررت اللجنة المختصة بالوزارة التأكد من سير العمل بالمدرسة الافتراضية خلال فترة تعليق الدراسة عبر وسائل التعلّم عن بُعد التي وفرتها وزارة التعليم، من خلال منصة المدرسة الافتراضية (Vschool.sa)، واستخدام المواد الإثرائية الرقمية بواسطة الموقع والتطبيق الموجود في متجر التطبيقات لأبل وأندرويد تحت مسمى “منظومة التعليم الموحدة”.
الإجراءات التي اتخذتها السلطات السعودية أتاحت للطالب السعودي أن يقوم بإنجاز واجباته وبحوثه وتسليمها عبر الإنترنت، إذ يتم اختبار الطالب وهو في منزله، بحيث تكون صيغة الاختبارات عبارة عن أسئلة مغلقة، إما باختيار الإجابة الصحيحة من بين عدة إجابات مقترحة، أو اختيار بين علامة صواب أو خطأ، ما يسمح باحتساب الدرجة المستحقة للطالب بمجرد الانتهاء من إجابة الامتحان.الواقع الجديد جعل الطلاب يبادرون إلى إنشاء جروبات خاصة بالجامعات والكليات داخل تطبيق “تيليجرام”، بحيث يتم الانضمام للمجموعة عبر رابط المجموعة المتاح لجميع الأشخاص، ما أتاح الفرصة لغير الطلاب بالانضمام إلى هذه المجموعات، التي تحولت إلى وسيلة لطلب الطلاب المساعدة في إنجاز الواجبات وحلول الاختبارات وإنجاز البحوث، بحيث يقوم أعضاء الجروب بالتواصل مع مقدم الطلب بالخاص وعرض المساعدة عليه مقابل مبلغ مالي يتراوح بين 50 و100 ريال للواجب المنزلي، وما بين 150 و300 ريال للاختبار، بينما تبلغ أسعار البحوث 500 ريال فأكثر.ويعرض اليمنيون عبر جروبات الكليات والجامعات السعودية في تطبيق “تيليجرام”، تقديم المساعدة للطلاب السعوديين في إنجاز الواجبات والاختبارات والبحوث في جميع التخصصات، بما فيها الطب والهندسة، وذلك بمقابل مادي يختلف وفقًا للكلية والتخصص.
ويتحدث صدام عبدالله أنه منذ ما يقارب العام سمع من أحد أصدقائه أنه يقوم بإنجاز واجبات دراسية واختبارات لطلاب سعوديين بمقابل مادي، وأنه لم يصدق ذلك في بداية الأمر، فقام صديقه بإرسال روابط مجموعات “تيليجرام” التي قام بالانضمام لها، وليبدأ بالتعاون مع الطلاب وجني الكثير من الأموال. ويضيف أنه بعد ذلك أنشأ مع عدد من زملائه فريقًا متكاملًا يضم جميع التخصصات، وقاموا ببناء شبكة علاقات مع عدد من الطلاب السعوديين، وأنه حاليًا يكسب أكثر من 2000 ريال سعودي بالشهر الواحد. ومن خلال الرسائل في جروبات الكليات والجامعات السعودية في “تيليجرام”، فإن أكثر ما يغري الطالب السعودي لاختيار الشخص الذي سيقوم بالاختبار بدلًا عنه، هو شهرة هذا الشخص لدى الطلاب بقدرته على حصد العلامة الكاملة، وذلك نتيجة تعاون سابق بين الطرفين، وهو التعاون الذي من شأنه زرع الثقة بين الطلاب وبين من يقوم بالاختبار بدلًا عنهم.ماهر (اسم مستعار بعد طلب التحفظ عن الاسم الحقيقي) طالب في جامعة طيبة السعودية، يقول لـ”المشاهد” إنه منذ بدء تطبيق نظام الدراسة عبر الإنترنت، يستعين بمدرسين خصوصيين للاختبار بدلًا عنه في جميع مواد المقرر، مقابل مبلغ مالي يتراوح بين 150 و300 ريال سعودي، كما يستعين بالمدرسين الذين تعرف عليهم عبر جروبات الكلية في “تيليجرام”، بإنجاز الواجبات والبحوث والتكاليف الدراسية.
ويضيف ماهر أنه حاليًا بات يواجه معارضة من والده في الاستعانة بالمدرسين الخصوصيين للاختبار بدلًا عنه في المواد التخصصية، إذ يصر والده على أن يختبرها وينجزها بنفسه، إلا أنه يسمح له بالاستعانة بهؤلاء المدرسين في المواد غير التخصصية.أكاديميون وتربويون وصفوا الظاهرة بأنها جريمة بحق التعليم وبحق الأجيال، ويجب على الجهات الرسمية السعودية إيقاف هذا العبث، عبر اتخاذ قرار بمنع وإغلاق التعليم عن بعد بهذه الطريقة.
الخبير التربوي سعيد العامري قال إن “السلطات التعليمية في السعودية ترتكب جريمة بحق المجتمعات وبحق الأجيال من خلال التدمير الممنهج للعملية التعليمية عبر آليات خاطئة لتطبيق نظام التعليم عن بعد، الذي من خلال إقراره بالطريقة المتبعة حاليًا تتحمل وزارة التعليم في السعودية المسؤولية الكاملة عن تبعات تطبيقه بتلك الطريقة التي تجعل الغش متاحًا للطلاب دون أي قيود، وهو ما يجعل الطلاب يتمادون بابتداع وابتكار وسائل الغش، والاعتماد على مبدأ التواكل في الاعتماد على الآخرين في عملية الاختبارات”.ويضيف العامري أن السلطات السعودية معنية بإيقاف هذا العبث غير المسبوق، والذي يعد جريمة بشعة بحق العملية التعليمية، من شأنه الحط من مكانة الجامعات السعودية، التي تحتل مواقع متقدمة في ترتيب الجامعات على المستوى العربي، حسب تعبيره.