وتستمر الطرقات بحكايتها القديمة! بقلم/ حاتم عثمان الشَّعبي
بقلم/ حاتم عثمان الشَّعبي
تمضي حكومة وتأتي حكومة ونحن نقول لعل وعسى أن يكون في الأخيرة أمل. فالذي لا يزال متواجد في الحكومة، سواء بنفس وزارته أو نقل إلى وزارة أخرى، نقول لربما أنه سجد سجدة الشكر لله بأنه لم يتم وضعه على الرف، وعليه عمل أشعة مقطعية دقيقة عمّا قام به من أعمال ومنجزات خدمت المواطن والوطن بالوزارة السابقة.
أما الوزراء الجدد الذين كانوا ينتقدون ويتمنون ويقولون الحلول والمعالجات لأنهم مواطنون مثل بقية أبناء الشعب لاحول لهم ولاقوة، فإننا نرى بأن يفعلوا ذاكرتهم القديمة لكي تعمل ليل نهار لأنهم اليوم بأعلى هرم السلطة التنفيذية بالدولة ليتذكروا كلماتهم وانزعاجهم لما كانوا يرون المنغصات اليومية التي عاشوها مع أهلهم وجيرانهم وأصدقائهم.
فمن الطبيعي أن أي إنسان يعيش بأي منطقة أو محافظة بالوطن سيتنقل بين مديرياتها وأزقتها، ولن يكون ذلك إلا عبر شبكة طرقات إذا كانت بالقرى والأرياف، فنقول بأنها ترابية ممسوحة بشكل يسهل مرور السيارات عليها وإن وجدت بعض الحفر والعوائق فهو طريق ترابي وبالريف فلن يكون له الأثر الكبير من الإنتقاد والانزعاج من قبل سالكي هذا الطريق.
لكن أن تكون في طريق اسفلت وبالمدينة فهنا الطامة الكبرى التي تتكشف بقدرة الله عزّ وجل والتي بسببها نسمع دعاء المقاولين والمشرفين على سفلتة الطرقات بأن لا يأتي الله تعالى نعمة المطر علينا، لأن قدرة الله تعالى بالمطر تكشف عبثهم ونهبهم لميزانيات المشاريع بعمل لا يكلف ربع الميزانية المعتمدة للمشروع والذي يكون برداءة المواد المستخدمة وأقصر فترات العمل بين المرحلة والمرحلة التي تليها، والتي يجب أن تكون المرحلة السابقة أخذت وقتها من الدّك والتشبع والمسح الصحيح، وكذلك يجب الإهتمام بالميلان لتسريب المياة إلى المناهل بطرق صحيحة وفتحات مناسبة حتى لا تتجمع المياه ويتآكل الاسفلت وكذلك حتى لا تنغلق هذه الفتحات بالأوساخ.
دوماً نعلم بأن خمسين بالمائة من نجاح المشروع ليس المهندس ولا المواد المستخدمة ولا معدات وآلات العمل، ولكنها النيات الصالحة والأمانة والصدق بالعمل، فإن وجدت لن نجد بشوارعنا تجمع للمياة ولنا بشوارع دول أفقر منّا خير دليل لا تجد لديهم تجمعاً للمياه ولا تجد طرق مكسرة أو محفّرة بسبب ردائة العمل، ولكن ممكن تجد لديهم سيول جارفة بسبب أن المناهل التي أنشأت ذات سعة معينة للمياه المتدفقة ومع شدة هطول الأمطار وارتفاع منسوبة فلا تستطيع هذه المناهل من إستيعابه فيتحول المطر إلى سيول مع أن المناهل تصرف مياة الأمطار بالنسبة التي لها القدرة عليها، والذي يهمنا هو بعد توقف الأمطار ستجد أن شوارعهم نشفت وبدأ تنظيفها وكأنه لم يكن شيء.
ونحن في بلدنا لا يمكن أن ننسى الأمطار التي هطلت حتى بعد توقفها بسبب المياه المتجمعة “البرك” والتي تولد البعوض وتأتي بالأمراض ومنها اختلط بمياه المجاري، وعندما تجف هذه المياة فيبقى المطر بذاكرتنا لظهور حفر جديدة أما الحفر القديمة فازدادت عمقاً ودمرت السيارات والباصات وشكلت الازدحام الغير مبرر.
كل ذلك يحدث بسبب عدم الصدق والوفاء للوطن ليس من قبل المقاول، بل من قبل الوزير والمسئول والمشرف على المشروع الذي كان عليهم إستلام ثلثي قيمة المشروع بشيك مقبول الدفع يوضع بالبنك المركزي لمدة عام كامل، فإذا لم تظهر على المشروع أي مشاكل يعاد الشيك و فوقه نسبة عشرة بالمائة مكافأة للمقاول، وإن ظهرت المشاكل فيتم إعادة إصلاح المكان من هذا الشيك ولكن من قبل مقاول آخر ويعاد باقي المبلغ للمقاول الأول بعد خصم عشرة بالمائة من المبلغ المتبقي.
نرى يومياً سيارات الدفع الرباعي معكسة تسير بشوارعنا وأمامها وخلفها الأطقم، هل الذين هم بداخلها يرون أو يحسون بهذه الحفر والإختناقات المرورية، أم أنهم مع التكييف يستمتعون بسماع الأغاني وليس لهم دخل بما هو خارج كابينة السيارة،
والمواطن المغلوب على أمره يبقى سنة بعد سنة وهو يرى طرقاتنا تزداد بها الحفريات وتغلق بسببها بعض التقاطعات، ورغم أنه شعب مكافح مُحب للحياة لا يتوقف عن السعي خلف لقمة عيشة ويدعوا الله تعالى دوماً وأبداً بأن يرزقنا الخير والنعم ومنها نعمة المطر التي يعلم كل العلم بما ستخلفه عليه من أوجاع وآلام مختلفة، ورغم تأكده بأن الطرقات ستستمر بحكايتها القديمة دون حل يذكر، لأن النيات الصالحة والأمانة والصدق والإخلاص للوطن لم يظهر بعد.