الأخبارتقارير وتحليلاتمحليات

مآسي إنسانية في لحج.. خيم النازحين تستر الكثير من القصص المؤلمة

حيروت – عدنان الجعفري

نجى النازحون من محافظتي الحديدة وتعز من الموت في مناطقهم لكنهم لم ينجوا من الجوع والشتات والإفتقار للقمة العيش في خيم نزوحهم المترامية على مناطق محافظة لحج، حيث يعيشون أسوا مراحل حياتهم وهم تحت خيم قماشية، تكسو وجوههم الأتربة وعلى ملامح أجسادهم الهزيلة يظهر الجوع وحيلة اليد في توفير العمل لما يضمن لهم مصدر رزقهم في مناطق النزوح.

مضت أعواماً من أعمارهم ولم يتوفر لهم مسكن آمن ومصدر عيش كريم، فكل ما جنوه هو وعود سرابيه وزيارات للمنظمات التي تكشف عن حال بطونهم الخاوية ومن ثم تغادر قبل أن تسكت  قرقرة أمعاء بطونهم التي تشتهي لقمة من الطعام تصد رمقها.

مشاهد وقصص تعجز بلاغة الكلمات نقلها كما هي من هول المستنقع الأليم، يأتي ذلك وهم يغادرون أيام الشهر الفضيل وسط الخيام. الأطفال يبكون من شدة الحر ولا يجدون سوى كمية من الماء لإطفاء اللهيب القابع على أجسادهم، كما هو الحال مع كبار السن.

منذ أربعة أعوام من عمر مخيم الرباط في محافظة لحج، يستقبل النازحون شهر رمضان كباقي الايام العادية المليئة بالجهاد اليومي لتوفير لقمة العيش الاساسية، فكل امنياتهم ان يعودوا الى مناطقهم ليمارسوا طقوسهم الرمضانية المعتادة خلال شهر رمضان من كل عام، غير ان ذلك لم يتحقق وهم ما يزالوا بموقع نزوحهم في اكبر مخيم على مستوى المحافظة يحتوي على 680 أسرة نازحة، يكافحون الحياة لتوفير قوت يومهم على مضض في ضل ارتفاع درجة الحرارة وهشاشة الخيم التي يقطنوها.

يتذكر العم جابر حسن أحمد الذي يعيل 22 شخص وسط خيمة نزوحه، أيام رمضانية مضت، ويحلم أن تعود، حيث يقضي أوقاته حمالا للبضائع، حتى أن الحياة باتت لدية وافراد اسرته قاسية وسلبت منهم فرحة شهر رمضان وروحانياته.

يقول العم حسن “امنيتي أن اعود الى مسقط راسي في محافظة الحديدة لاعيش ويدفن بها جثماني، فهي بلادي وعندما اشعر بالجوع هناك اقوم باستلاف مبلغ مالي واقضي به حاجتي، لكننا هنا اصبحنا غرباء لا نعرف احد حتى نستلف منه، فالظروف المالية اجبرتنا على استخدام الحطب بدل الغاز بعد ارتفاع سعر الإسطوانه الى 10 الف ريال.

ويضيف العم حسن بقوله “عندما كنت في بلادي كنت اشتري الذي اريده مثل اللحوم وغيره، فيما حياتي تغيرت بعد النزوح وبالكاد نشتري مجموع الخضروات بالف ريال تكفينا لوجبة واحده، فكل شيء ارتفع سعره، حيث بلغ قيمة الكيس الدقيق 50 كيلو بـ 25 الف ريال ولا يدوم معنا كثيرا كوننا نستهلك كل 10 أيام كيس دقيق.

بدوره، يقول النازح إسماعيل سالم صلاح أن وجوده في مخيمات النزوح كالمعركة، حيث لم ينتهِ من إيجاد أبسط متطلبات رمضان فضلا عن كونه قادم على متطلبات ملابس العيد، و يفكر إقتاع ابناءه بعدم كسوتهم في العيد والإكتفاء بتوفير القوت اليومي الضروري لهم.

وتشكو زوجة اسماعيل من توقف دعم المنظمات وفاعلي الخير لهم، فزوجها يعمل حمالا في مصنع مقابل اجر قدره 1500 ريال وهو مبلغ زهيد مقابل ارتفاع الأسعار، حيث أن سعر الكيلو الأرز 1500 ريال فضلا عن ارتفاع قيمة الروتي وبقية الحاجيات الضرورية.

أما النازح رمزي محمد حسن سليم، وهو أب لخمسه أولاد يمتهن غسيل السيارات، قاده القدر ان ينزح الى لحج، فيقول “ناكل ونشرب بالشوارع من فاعلين خير يعطونا رغيف وفاصوليا، ولم تأت إلينا أي جهة مختصة تهتم بشؤون النازحين لتساعدنا، ونقضي حياتنا وقت النهار تحت لهيب الشمس واثنا اليل ننام بصعوبة بسبب تكاثر البعوض وتعرض اطفالنا للامراض، فضلاً عن معاناة نقل المياه على اكتافنا بعبوات بلاستيكية من اماكن بعيدة.

ويعيل النازح حيدر سعد عيس، أسرة كبيرة مكونة من 12 فرداً أتت بهم الحرب من محافظة الحديدة، ويعيشون في خيمة واحدة مع 4 أفراد خرين هم أبناء شقيقه المتوفي، ويعاني من نقص الدعم، وكل ما يحصل علية من دعم منذ نزوحه هو سله غذائية وعدد من علب التونة وعبوة بلاستيكية لحفظ الماء.

ويعاني حيدر عيس من إنزلاق في الفقرات الغضروفية ولا يستطيع العمل، مما اضطر الدفع بفلذات أكبادة للعمل في مجال الحمالة بهناجر التجار حتى يتمكن من اطعام بقية افراد الاسرة البالغين 16 فرد.

يعيش حيدر سعد وسط المعاناة التي تلازم حياته، فعند حديثه مع حيروت الإخباري، طلب مساعدته بالحصول على عمل في مجال حراسة الأبنيه كونه لا يستطيع ممارسة أي مهنة ذات جهد حتى لا تؤثر على اصابته في فقرات العمود الفقري ويصبح مشلولاً، وعند مواصلته للحديث، قاطعته زوجتة بإمنيتها في أن تعود الى بلادها في محافظة الحديدة التي نزحت منها وان تتوقف للحرب في البلاد.

من جهته أكد عمر الصماتي مستشار محافظ لحج لشؤون المنظمات، مدير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين، أن عدد النازحين في مخيمات المحافظة عددها 2217 اسرة موزعين على 12 موقع، ويعتبر مخيم الرباط من اكبر المخيمات حيث تقطن به 680 اسرة نازحه.

وأوضح الصماتي أن المخيمات تتلقى الدعم من المنظمات والمؤسسات الخيرية وفاعلين الخير، وتسعى إدارته تحسين الخدمات رغم القصور الذي يرافق جهوده بمتابعة محافظ المحافظة وذلك اقل ما يمكن فعله للنازحين.

وأشار الصماتي الي أولويات إدارته في مراعاة الجوانب الانسانية الى جانب توفير الخدمات الاساسية، معترفا بأن هناك قصور لان إستجابة المنظمات ليس بالشكل الذي يطمح به، كما أفاد بأنه يعاني من صعوبات في تغطية كل الاحتياجات للنازحين.

ويواصل الصماتي “حالات الناس صعبة سيما وهم يعيشون تحت خيمة ويشعرون بالنقص، حيث بات النازح بين خيارين كلاهما مرّ، إما يقبل بما هو حاصل أو البحث على مكان اخر وهذا صعب في ضل الظروف الصعبة.

في المخيم أجواء حارة وغالبية النازحين لا يمتلكون المراوح ويشربون المياه ساخنة، هذا ما أكده أرباب أحد الاسر النازحة، قائلاً: هنا تهدر كرامتنا عندما تأتي المنظمات لتقديم يد العون و تلتقط لنا عشرات الصور خلال منحنا الفتات، واحيانا تصور وتغادر دون ان تعطي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى