الأخبارتقارير وتحليلاتمحليات

بيانات مرعبة عن ختان الإناث في اليمن.. الحديدة تتصدّر القائمة

حيروت

تمارس السبعينية فاطم ختان الإناث في منطقة تهامة بمحافظة الحديدة (غرب البلاد)، منذ سن مبكرة، مثلما كانت تفعل أمها وجدتها من قبلها، قائلة: “أجدادنا وأمهاتنا ريسات، وهن قمن بتعليمنا هذه المهنة، ونحنُ بدورنا نعلمها لبناتنا”.

وتنتمي فاطم لفئة اجتماعية تسمى “ريسة” في المجتمع التهامي، وهم يزاولون أعمال الرياسة بالوراثة. ويطلق لقب الريسة على المرأة التي تتولى القيام بالعديد من المهام المتوارثة في الأرياف التهامية، بحسب المشاهد.

وعلى الرغم من تنوع أعمال الريسة في المناطق التهامية، حسب العادات والتقاليد التي ترتبط بأهالي المنطقة، إلا أن الجميع يتفق حول عملها الرئيسي “ختان الإناث”. وتتقاضى فاطم مبالغ مالية ازاء عملها كريسه مابين٥٠٠ و٢٠٠٠ يمني (الدولار ب٨٥٠دولار) ويزيد ذلك بحسب الامكانيات المادية لشخص وبحسب طبيعة العمل المطلوب منها.

انتشار الظاهرة بالريف
وتقول فاطم إنهم ملتزمون بختان الإناث في الحديدة، لارتباطها بعقيدة راسخة، إذ تضمن طهارة وعفة الفتاة، وفق ذلك المعتقد، مضيفة أن عمل الريسة بالختان لهُ حضور قوي في القرى والأرياف بشكل كبير، مقارنة بالمدينة.

وتعلل حضور عمل الريسة في الأرياف بكونه نابعًا عن قناعة الأهالي بأهمية ختان بناتهم للحفاظ عليهن. في حين يعتبر ختان الإناث، بحسب ما وصفته منظمة الصحة العالمية، من “أسوأ أشكال العنف الممارس ضدهن”، لاسيما في المحافظات التي تسود فيها الكثير من المشاكل، كالأمية والجهل والفقر، والتي ساعدت بشكل أو بآخر على إضفاء هالة دينية لعملية ختان الإناث.

وثلثا عمليات الختان التي تجرى للنساء، تتم عن طريق الدايات الشعبيات، وأقل من الربع عن طريق الجدات (الأقارب)، في حين لا تتعدى نسبة العمليات التي يجريها أخصائيون (ممرضات أو قابلات) 8%، فيما يتولى الحلاق إجراء 5% من العمليات، بينما نسبة 97% من عمليات الختان للفتيات تتم في المنازل، بالتزامن مع طقوس ختان تختلف من منطقة إلى أخرى، وفقًا للدراسة التي أجراها مشروع تنمية الطفل، بالتنسيق مع منظمة اليونيسف والبنك الدولي، عام 2007.

تأييد مجتمعي
تتم ممارسة ختان البنات في 5 محافظات يمنية، اكثرها محافظة الحديدة بنسبة 97.3% في و79.3% في حضرموت و96.5% في المهرة (شرق البلاد)، و82.2% في عدن (جنوبًا)، و45.5% في صنعاء، وفق دراسة تحليلية عن وضع ختان الإناث في اليمن، أعدها مركز دراسات وأبحاث النوع الاجتماعي والتنمية بجامعة صنعاء، في 2011.

لكن دراسة نفذها مشروع تنمية الطفل، بالتنسيق مع منظمة اليونيسف والبنك الدولي، عام 2007، أشارت إلى أن الظاهرة تفشت بصورة كبيرة في ذلك الوقت، في 10 محافظات تتصدرها الحديدة، تليها حضرموت، المهرة، عدن، أبين، ثم إب، حجة، لحج، صعدة، وتعز، بنسب متفاوتة على التوالي.

ومن بين 30 مديرية جرى مسح الظاهرة فيها ميدانيًا في 5080 أسرة، تبين أن الكثير من الأسر تُخضع أطفالها الإناث بعد الولادة إلى عملية ختان يتم فيها استئصال جزء لحمي من العضو التناسلي للفتاة، بدعوى الطهارة والعفة.

ووفقًا للدراسة، فإن 46% من سكان 30 مديرية يمنية يؤيدون هذه الظاهرة، بمبرر الرغبة في تطهير الأنثى، و10% يؤيدونها بدعوى المحافظة على التقاليد المتوارثة، فيما يؤيد 30% الظاهرة بسبب الاعتقاد بأن ذلك من الدين و12% يؤيدونها بدعوى المحافظة على بكارة الأنثى وضمان العلاقة الزوجية الحسنة.

أنواع مختلفة لـ”ختان الإناث”
وهناك أربعة أنواع من ختان البنات، منتشرة في اليمن، حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية. وأكثر هذه الأنواع انتشارًا هو النوع الثاني الذي يتضمن القطع الكلي أو الجزئي للبظر والشفرين الصغيرين أحيانًا مع أو بدون قطع الشفرين الكبيرين، وهذا النوع منتشر بين 83% من الحالات التي تمت دراستها. في حين يشكل الختان من النوع الأول، والذي يتضمن إزالة غلفة البظر أو البظر كله 13% من الحالات المدروسة. وكان المسح الديموغرافي لعام 1997، استنتج أن 23% من الفتيات والنساء تعرضن للختان، بمن في ذلك 69% في المناطق الساحلية، و15% في المناطق الجبلية، و5% من المناطق الصحراوية، وفق دراسة دراسة تحليلية عن وضع ختان الإناث في اليمن، أعدها مركز دراسات وأبحاث النوع الاجتماعي والتنمية بجامعة صنعاء، في 2011.

أعمال أخرى للريسة
إلى جانب ختان الإناث، تعمل الريسة في تجهيز العرائس في تهامة، والقيام بالطباخة في الولائم، والقيام بعمل الوسم (وهو الكي بالنار لمن أصيب بالفجيعة)، كما تقوم بالتمسيد للنساء اللواتي تأخرن بالحمل، إذ ساد في مخيلة النساء أن تدليك الريسة أسفل بطن المرأة قد يساعدها على الحمل، بحسب فاطم. لكنها تقول إنها لم تعد تقوم بالتدليك، لعدم قدرتها على ذلك.

“مادامت العادات قائمة، فالريسة موجودة”، تضيف فاطم، معبرة عن ارتباط أعمالها بالعادات والتقاليد المتوارثة، لذا فإنها ستظل قائمة في مجتمعها.

وتشكل العادات قواعد للتنظيم والضبط بين أفراد المجتمع، وتصبح قانونًا غير مكتوب، ودستورًا محفوظًا في أعماق المجتمع، وليس غريبًا أن تأخذ العادات الاجتماعية مكانها في علم الاجتماع، فكُل أمر نقوم بهِ في المُجتمع مُرتبطٌ بها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى