استطلاعات وتحقيقاتالأخبارمحليات

الرياض تعمل على ابتلاع المهرة.. قواعد عسكرية بالجملة.. ومشروع عزل في المعابر الحدودية (تحقيق)

حيروت – المهرة

من صور الأقمار الصناعية عبر خاصية التتبع الزمني التي يقدمها جوجل إيرث، يتتبع المشاهد لهذا التقرير الاستحداثات العسكرية السعودية في محافظة المهرة اليمنية، شرق البلاد والمطلة على البحر العربي التي قدمت اليها القوات السعودية في نهاية 2017 بحجة مكافحة التهريب وإعادة الأعمار، الا أن الواقع الموثق بالأقمار الصناعي يحكي غير ذلك تماما. فبعد تحويل مطار الغيضة المدني إلى قواعد عسكرية متعددة الجنسيات، نشطت القوات السعودية على مدار السنوات الثلاث الماضية، في بناء قواعد لها على المنافذ البرية والبحرية اليمنية في المهرة بالرغم من بعد المحافظة عن مناطق القتال بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي في ظل سخط قبلي وانقسام مجتمعي حيال هذه التطورات وما تخفيه من أهداف.

قاعدة عسكرية سعودية على مرفأ نشطون

تظهر صور الأقمار الصناعية أن السعودية أنشأت معسكرا لها على ميناء نشطون في أغسطس 2018

وفقا للمعلومات التي تقدمها وزارة النقل اليمنية عن ميناء نشطون في المهرة فهو يتكون من مرسيين المرسى رقم (1) لسفن البضاعة العامة التي تصل حمولتها حتى 5000طن وطول 90 متراً وغاطس 5 أمتار كما يوفر الرصيف آلية خاصة لتفريغ المحروقات من ناقلات النفط. ويستوعب المرسى رقم (2) سفناً وسواعي بطول 60متراً وغاطس ما بين 3.5 – 4 أمتار كما يوفر الميناء إمكانات تخزين عن طريق المخازن المغلقة بمساحة 1160متراً مربعاً و7400متر مربع مساحات مفتوحة.

الميناء الذي يبعد 45 كليو مترا غرب العاصمة الغيضة، وضعته القوات السعودية في أغسطس 2018 رهن إجراءاتها التي سيطرت على مطار ومنافذ المحافظة، وبنفس الحجة (إعادة الإعمار) التي كانت أولى خطواتها على الأرض بناء قواعد عسكرية، وحيثما حلت القواعد العسكرية فلا حديث عن استثمارات وتنمية.

خنق التنمية
يقول الناشط المهري صالح سالم المهري في تغريدة له مطلع مارس الجاري رصدها معد التحقيق: ” عمل الاحتلال السعودي على هروب المستثمرين من المهرة بل وعمل على مضايقة التجار ورجال الاعمال عبر المنافذ البرية في صرفيت وشحن وفي ميناء نشطون البحري والغرض من كل ذلك تدمير اقتصاد اليمن بشكل كامل”.

معد التحقيق تتبع مشروع إعادة الأعمار السعودي في ميناء نشطون وفقا لخاصية التتبع الزمني التي يقدمها جوجل إيرث ولم يجد أية إضافات جديدة في الميناء خارجة عن المألوف أو عما كان عليه الميناء حين زاره معد التحقيق في العام 2013م عدا إنشاء القاعدة العسكرية السعودية، وتكدس المئات من السيارات التي يتم استيرادها عبر الميناء وتمنع القوات السعودية استكمال عملية الجمركة، ولم يتم بالمطلق زيادة القدرة الاستيعابية للميناء من حيث توسيع المرسيين وتعميق الغاطسين، حتى يكون الميناء قادرا على استيعاب السفن الكبيرة وتسهيل تفريغ البضائع.

ورصد معد التحقيق ما نشره البرنامج السعودي في صفحته الموثقة في الفيس بوك من إنجازات يتباهى بها في ميناء نشطون والتي تمثلت بعملية ترميم لمرفقات الميناء وتجديد الإنارة، وتقديم رافعة Tadano يابانية 30 طن، قيمتها وفقا لموقع التسوق العالمي ebay يبلغ 225 ألف دولار أمريكي.

تتباهي السعودية بإنجازات وهمية في تنمية ميناء نشطون الذي لم يتعدى شراء رافعة يابانية 30 طن لا يتجاوز قيمتها 225 ألف دولار أمريكي

ولم تتجاوز مشاريع البرنامج السعودي الذي لم يرد على استفسارات معد التحقيق المرسلة عبر الإيميل المسجل للبرنامج سوى هذه الصورة التي رصدها البرنامج دون تنفيذ لما عُرض فيها على أرض الواقع.

صورة ترويجية للبرنامج السعودي لما وصفه بتأهيل ميناء نشطون مقابل قواعد عسكرية على طول الشريط الساحلي للمهرة على البحر العربي

يقول الناشط صالح سالم المهري إن “السعودية جعلت أرض المهرة كلها معسكرات، معسكر استولى على المطار وثان استولى ميناء نشطون وثالث استولى على منفذ شحن ورابع استولى على منفذ حوف”.

معسكر حات

صورة عبر الأقمار الصناعية من جوجل إيرث لمعسكر حات، شمال غرب الغيضة، عاصمة محافظة المهرة

حسب صالح فإن معسكر حات هو المعسكر الإماراتي تحت يافطة سعودية وهذا المعسكر الواقع جغرافيا في مديرية حات شمال غرب مدينة الغيضة على الطريق الدولي المتجه إلى منفذ شحن وسلطنة عمان يتحكم بمنفذ شحن وتصل التعزيزات الإماراتية والسعودية إليه عبر الطريق الصحراوي الذي يربط مدن صحراء حضرموت بمنفذ شحن المحاذي لسلطنة عمان.

في 28 أغسطس 2020 م خرجت قوة عسكرية سعودية من معسكر حات متجهة إلى منفذ شحن تحمل جهاز اشعة لفحص البضائع. في الطريق قامت مجموعة من أبناء المهرة بمهاجمة القوات السعودية وأعطبوا أحد المدرعات التابعة لهذه القوات التي عادت إلى قاعدتها في حات، لم تسفر المواجهات عن سقوط ضحايا لكن الحادثة خلفت المزيد من التعقيدات بين قبائل المهرة والقوات السعودية التي يصفها أبناء المهرة بـ “قوات الاحتلال”.

وتظهر صور الأقمار الصناعية أن قاعدة حات التي تعد أحد خمس قواعد عسكرية سعودية في المهرة شيدت في أغسطس 2019 م ومنها تتحرك القوات السعودية إلى منفذ شحن، ووفقا لتلك الصور فإن القواعد العسكرية السعودية في تصميمها تظهر بذات الشكل الذي تتخذه القواعد والمعسكرات السعودية في المهرة أو عدن

وبالمثل تتحكم قاعدة “لوسك” الواقعة بين الغيضة وحوف شرقا بالطريق من وإلى منفذ حوف “صرفيت” ما يؤكد أن القوات السعودية اطبقت الخناق على كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية لمحافظة المهرة.

إدخال حاويات مغلقة عبر منفذ شحن
وفقا لما ترصده الأخبار عن الأحداث التي شهدتها منطقة شحن فإنه لأربع مرات بين عامي 2019 و2020 تحولت الاحتجاجات المهرية ضد التواجد السعودي في منفذ شحن إلى مواجهات مسلحة.

استقدمت القوات السعودية حاويات كبيرة مغلقة وحاولت إدخالها من منفذ شحن دون تفتيش واندلعت المواجهات. جاء ذلك في الوقت الذي كانت القوات السعودية تسوق للسيطرة على منفذ شحن تحت ذريعة فحص البضائع لتكون أول من يمارس التهريب من المنفذ تحت إدارتها.
المرة الثانية: في يونيو من نفس العام حدثت مواجهات بين مجموعة من أبناء المهرة وقوات سعودية بالقرب من منفذ شحن وكانت في طريقها إلى الغيضة.

المرة الثالثة: كانت في فبراير 2020 حين هاجمت قبائل المهرة القوات السعودية في منفذ شحن وسيطرت عليه لكن تدخل وزير الداخلية اليمني حينها أحد المسيري لاحتواء المواقف حال دون استمرار سيطرة قبائل المهرة على المنفذ، ووجه الميسري بتسليم المنفذ لقوات الأمن اليمنية واستعادت بعد ذلك القوات السعودية السيطرة على المنفذ .

المرة الرابعة: كانت في أغسطس 2020 حين ارادت القوات السعودية إيصال جهاز للأشعة إلى منفذ شحن واعترضت قوات قبلية طريق القوات السعودية وأحرقت إحدى المدرعات.

ويعد منفذ شحن النقطة الأكثر سخونة في مشهد التواجد العسكري السعودي في محافظة المهرة، المنفذ يستقبل البضائع القادمة من عمان والإمارات إلى الجمهورية اليمنية، لكن القوات السعودية فرضت إجراءات في المنفذ منعت بموجبها دخول الكثير من المواد التجارية، تضمنت 80 نوعا منها مدخلات الزراعة والري، المختبرات، أدوات التجميل والسيارات والبطاريات، الخلايا الشمسية وأجهزة وبرامج الاتصالات وفقا لما رصده معد التحقيق.

وثيقة توضح حظر القوات السعودية المتنفذة في ميناء شحن البري دخول مواد تجارية إلى اليمن منها مدخلات زراعية وأدوات تجميل

تواصل القوات السعودية تحكمها بمنفذ شحن على نحو واسع دون توقف وتستقدم ضباطها وقواتها تحت يافطة إعادة الإعمار.

قائمة بالمواد التجارية التي تحظر القوات السعودية دخولها عبر منفذ شحن

ويقول رئيس لجنة الاعتصام السلمي في مديرية شحن الشيخ حميد زعبنوت إن “القوات السعودية منذ ديسمبر 2017 تحاول خنق اليمن واليمنيين بالسيطرة على منفذ شحن ومراقبة تحركات الدخول والخروج عبر المنفذ، وتريد أن تنقل الحركة التجارية عبر منفذها في شرورة “، ”اذا ما اعجبكم الوضع في منفذ شحن روحوا على منفذ شرورة”، هكذا يرد السعوديين على التجار الساخطين لما تقوم به في منفذ شحن.

ورصد معد التحقيق نشر الشيخ حميد زعبنوت في صفحته على موقع تويتر مقاطع فيديو قصيرة لما يقول إنه استحداثات تنفذها القوات السعودية في حرم المنفذ بواسطة شركة السليماني إخوان من محافظة شبوة.

قواعد ومواقع عسكرية

رصد معد التحقيق إدارة السعودية لنحو 5 قواعد عسكرية، في حات، مطار الغيضة، ميناء نشطون، والفيدمي وسيحوت إلى جانب 16 موقعا عسكريا صغيرا تتوزع على طول الشريط الساحلي من المسيلة غربا إلى حوف شرقا، ما يحيل المهرة من كونها بوابة اليمن الشرقية إلى ساحة مفتوحة للقوات السعودية على البحر العربي، ما يقول عنه الشيخ حميد زعنبوت:” تريد السعودية خنق المهرة واليمن كاملة من منفذ شحن وعزل محافظة المهرة بشكل كامل عن سلطنة عمان وعن محيطها في الجمهورية اليمنية من أجل تمرير مشاريعها واجندتها.

رابط تفاعلي لصور الأقمار الصناعية الاستحداثات العسكرية السعودية في المهرة

*فاروق الكمالي

 

 


 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى