أهو تحايل على انتصار الحوثي في الحرب؟ بقلم/ نصر صالح
بقلم/ نصر صالح
في منتصف سنة الحرب الرابعة، لم يكن بمقدور الإمارات إلاّ ان تعترف بخسارة الحرب على اليمن. واخذتها من قاصرها، وأعلنت رفع قواتها من عدن. وسلمت المدينة للقوات السعودية في اكتوبر 2019.. وزعمت انها خرجت نهائيا من الحرب، رغم استمرار بقائها في الجزر الجنوبية.
وقد كان ذلك بمثابة إعلان مبكر بالهزيمة في الحرب على اليمن من قبل عيال زايد. وبالعادة يترتب على المنهزم في الحرب أن يدفع فاتورة هزيمته للمنتصر فيها. وكان هنا الحرج لغطرسة عيال زايد، فالمنتصر هو «الحوثي»، الذي طالما تعمدوا تقزيمه والاستهانة به.
ولعل تدخل كوشنير صهير ترامب كان لإيجاد المخرج لهم، ولكنه كان مخرجا مكلفا. حيث تمكن من أن يقنعهم -كما يبد- أن الخيار البديل المتاح أمامهم هو «دفع فاتورة الهزيمة لإسرائبل» وذلك بإشهار علاقة دولتهم مع إسرائيل بالعلن، وستتولى ترسانة إعلام الغرب التغطية على هزيمتهم والتمويه على انتصار اليمن بقيادة الحوثي. وكان ذلك -أيضا- هو الثمن الذي دفعته مملكة البحرين القزمة، فقد كانت هي مشاركة في الحرب على اليمن أيضا (ولو بدور الكومبارس)، وصار ما صار في اغسطس 2020، كما يعلم الجميع..ثم لحقت السودان المشارك جيشها في الحرب على اليمن بدور ارتزاقي مخجل لا يشرف السودان للأسف.
لكن كوشنير – كما بدى – ومعه ترامب لم يتمكنا من إقناع المملكة في أن تشهر علاقتها بإسرائيل جهارا. فالقائد الفعلي فيها وهو «الأمير محمد بن سلمان» رأسه ناشفة، رغم أنه هو من ينبغي عليه تحمُّل كامل تبعات الهزيمة. لكن يصعب عليه إشهار علاقة المملكة بإسرائيل جهارا، في وقت يرتب فيه اوراقه لخلافة أبيه على عرش بلاد الحرمي.
فجاء بالمبادرة الأخيرة الناقصة. الناقصة أخلاقا وقناعة، والتي جاءت بإقناع ودفع من الرئيس الأمريكي الجديد بايدن.
المملكة السعودية تريد من خلالها التنصل من تبعات الحرب.. بالأحرى التنصل من مسئوليتها بمسسئوليتها عن الهزيمة في الحرب.
يقول عملاؤها الإعلاميون، الحوثي يريد تطبيق موقف الإيراني من الحرب على اليمن. إذا كان موقف الإيراني هو وقف قصف طائرات افى15 و16لليمن وفك الحصار عن الشعب اليمني. إن شاء الله تكون «أم الصبيان» هي من تطلب ذلك، فهو المطلوب: «اوقفوا قصف طائراتكم الأمريكية لليمن، وارفعوا الحصار عن الشعب اليمني.. يا أرذل العالمين».
ولربما تدخل هنا «الدهاء اليهودي الصهيوني» من نافذة الرئيس الأمريكي الجديد، الذي كما يبدو انه يمقت الأمير محمد، لربما بسبب دوره السلبي في الانتخابات الأمريكية الأخيرة، فقد ظهرت المملكة وكأنها مناوئه لترشيحه لرئاسة امريكا، وربما لأن الحزب الديمقراطي يفضل الأمير أحمد بن عبد العزيز أو نايف بن عبد العزيز رجل أمريكا العتيد. فتم ابتكار تخريجة تناسب الإدارة الجديدة وإسرائيل في آن معا، كما يبدو.
فكان أن فتح بايدن للأمير محمد ملف انتهاكات حقوق الإنسان و«خاشقجي». لكن لا تزال رأس الأمير ناشفة حتى الآن. إلّا أن إدارة بايدن لا يبدو عليها انها ستتراجع. ولعلها قررت ان فاتورة هزيمة المملكة في الحرب على اليمن هو منع الأمير محمد بن سلمان من خلافة ابيه على عرش المملكة.
ولا يُستبعد أن تفتح إدارة بايدن للأمير، وزير حرب المملكة، أيضا ملفات «جرائم الحرب في اليمن» التي ارتكبها الطيران السعودي بحق المدنيين.. وهي جرائم إبادة جماعية موصوفة، من مثل «مجزرة الصالة الكبرى» و«مجزرة أطفال الباص المدرسي بصعدة» وغيرهما من الجرائم الفضيعة وما اكثرها.
لكن لماذا لا يأخذها الأمير الشاب (وكذا الامريكان) من قاصرها ويتم الإعتراف بهزيمة السعودية و«التحالف» في الحرب على اليمن بالمرة؟
السبب كما أسلفت؛ يعود أولا إلى تحرج بنو سعود من الإعتراف لليمنيين بانتصارهم على السعودية وإلحاق هزيمة مدوية لمملكتهم رغم مساندة 16 دولة لهم في الحرب، والأنكى عليهم أن هذه الهزيمة تتم بقيادة «الحوثي»، الذي افرط إعلام مملكتهم وعملائهم في تقزيمه والاستهانة به وتصويره بأنه «إنسان الكهف»، وكما تابع العالمون، فلم يبق إعلامهم والإعلام التابع لهم صففة قبيحة إلاّ والصقوها به: فارسي، مجوسي، رافضي.. الخ.
وثانيا، وهذا الأهم، الولايات المتحدة ترفض الإقرار بانتصار الحوثي، الذي يرفع شعار «الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل» والذي سيترجم هذا الإعتراف لو تم بأنه انتصار لإيران ولمحور المقاومة ككل المعادي لـ«إسرائيل»، والذي يتحين الفرصة لإنهائها.