مقالات

البروفيسور علي مبلغ.. الأكاديمي الانسان والوطني بلا نهاية بقلم/ د. علي الدويل

بقلم/ د. علي عبدالله علي الدويل

هذه ليست المرة الأولى التي أحاول فيها أن أكتب عن مثالا يقتدى به عن عملاق من عمالقة اليمن، لقد حاولت أن أكتب أكثر من مرة خواطر على صفحات الضياء التي صنعها هذا الرجل بأفعاله، لكنني كنت أشعر بأني لست في مقام الكتابة عن شخص أعطى مجال العلم والتعليم أغلى ما يملك، ووقف إلى جانب طلابه كالطود الشامخ الذي لا تزيده الأيام إلا ثباتاً ورسوخاً، وها قد أبى قلمي إلا أن يعبّر عمّا تجود به ذاكرته ليخوض بحراً من بحار الشجاعة، ويكتب عن عملاق من عمالقة الوطن ومعلم بحجم وطن، وعلم من أعلام اليمن الشامخة، ليكتب عن المعلم والأب الرحيم، والرمز الحكيم، عن معلم جسور، ووطني غيور، عرفته جميع الجامعات حكيماً سديد الرأي موفق المشورة.

لعلكم عرفتموه جيداً، ليست الصفات المذكورة آنفاً إلا لرجل واحد، ولا تنطبق إلا على شخصية عرفها القاصي والداني ممن يتتبعون تاريخنا المعاصر، شخصية مستقلة بذاتها، شخصية هي عصارة ناضجة من تجارب الحياة، ودرع من دروع الوطن، لا تزيدها الأيام إلا صلابة في الموقف، وإخلاصاً لكل أبناءه، شخص تمنحه الأيام مع بزوغ كل فجر جديد، شهادة وفاء ووثيقة عرفان، وتضع على صدره وسام شرف لمواقفه التي لا ينكرها إلا جاحد، أو صاحب حقد بعينيه رمد لا يرى إلا ما يوافق هواه، ويخدم مصالحه.

المقصود في هذه الحروف هو رمز المحبة والسلام، الفقيد البروفيسور الدكتور علوي مبلغ، ذلك المعلم والمربي والقدوة الحسنة الذي سيظل سيمفونية فخر يعزف عليها كل اليمنيين الشرفاء ومرجعية عليا للحق والصلح والسداد.

إنه ذلك الشخص الذي يدور مع مصلحة الوطن أينما دارت، ولا ينحني ولا ينكسر أمام كل المتغيرات التي لا تخدم الوطن، بل يعرفه الجميع بمواقفه البطولية والرجولية والانسانية والوطنية في كل النواحي.

عُرف الفقيد رحمة الله بالحنكة والحكمة والتوازن والوسطية في جميع توجهاته التي كانت لا تخدم إلا مصالح الوطن، ومصالح نجاح السلك التعليمي، وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، سمةٌ تعلمها الفقيد منذ بدايته من مدرسة الحياة التي تعلم فيها الكثير والكثير.

ليس بغريب أن نقول أن الفقيد الدكتور علوي مبلغ صاحب المواقف الطيبة التي لا تحصى إنه بالفعل رجل من زمن فريد، من زمن الشخصيات الكبيرة التي يشعر معها المرء بالأصالة والقيم والمبادئ الإنسانية، إنه بالفعل شخصية يمنية عظيمة فريدة، ونادرة في الدولة والقبيلة .

وإن أهم ما يميز الفقيد، أنه رجل لا يفرط بالثوابت الوطنية، وانه شخص استطاع أن يشق طريقه في السلك التعليمي، وأن يبحر ويتخطى الأمواج والعواصف، وقد تظل الكلمات التي تكتب نفسها عنه، حائرة وعاجزة عن أن تخوض بحر شجاعته، وتغوص أعماقه لتستخرج منه درة ثمينة، ليُلخص بها المقال هذا الرجل بأقل وصف وأبلغ تعبير، وأصدق عبارة.

الرجل الذي عرفه العالم مناصراً ومؤيداً للحق دوماً، لا يعرف علو منزلته، وشرف نضاله، وسعة حكمته، وحسن تصرفه، إلا من قرأ صفحات مسيرته، وتتبع حياته النضالية، ويكفي ان يقف المرء أمام الأحداث الأخيرة في اليمن، ليتبين له كم هو الرجل محباً لوطنه، ليس المقام ولا الموقف مقام استعراض لكل مواقفه الرجولية والنضالية النبيلة تجاه نجاح التعليم فمسيرة الفقيد البروفيسور علوي مبلغ مفتوحة، لا تقيدها الأحرف والسطور، والذي يرى أن فقدان مربياً بحجمه، ومسيرة نضاله التعليمي، تستوعبها الأسطر وتنطق بها الأحرف، فهو كالتائه في الصحراء، كلما قطع فيافيها، للخروج منها، زاد تيهاً في طريقه، وزادت هي اتساع أمامه.

رحم الله خالي الحبيب البروفيسور علوي مبلغ، وأسكنه فسيح جناته إنا لله وإنا إليه راجعون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى