حقوقيون يمنيون يدلون بشهادتهم للكونجرس الأمريكي.. و”حيروت” يرصدها في هذا التقرير
حيروت – خاص
طالَبَ حقوقيّون يمنيون المجتمعَ الدولي أن يعمل على تفعيل وقف فوري لإطلاق النار في مأرب وفي مختلف أنحاء اليمن، ووضع حدٍّ لمعاناة اليمنيين، في ظل استمرار القتال في مناطق متفرقة من البلاد.
وأكدوا في إحاطة مرئية أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، أن ما يحتاجه اليمنيون هو جهود جدية وحازمة من المجتمع الدولي، وتحوّلٌ في الدور السلبي للكثير من الأطراف الإقليمية والدولية -وهو الدور الذي يغذي الدمار والمجاعة– إلى دور إيجابي يعزز السلام والتنمية.
وتحدثت الحقوقية اليمنية، رضية المتوكل، رئيسة منظمة مواطنة لحقوق الإنسان، في هذه الإحاطة، بالقول: “إن غالبية اليمنيين عندما يفكرون بالمستقبل، بعد سنوات من الحرب المدمرة التي خلقت بيئة آمنة للجماعات المسلحة ما يزالون يعتقدون أن هذا المستقبل يجب أن يعاش داخل دولة تضمن سيادة القانون وتحترم الديمقراطية والعدالة”، ودعت المتوكل الولايات المتحدة إلى العمل مع الدول الأخرى عبر مجلس الأمن على “قرار جديد، يوفر إطارًا فعّالًا للسلام، ويتجنب عقبات القرار 2216”.
وأضافت بالقول: “لقد لاحظ اليمنيون عندما أعلنت الإدارة الأمريكية الجديدة نيتها انتهاج مقاربة مختلفة إزاء الوضع في اليمن، بالتركيز على الدبلوماسية بدلاً من تغذية نيران الحرب”. وعبرت عن اندهاشها من اهتمام اليمنيين في مختلف أنحاء البلاد بالأمر، إذ أن كل جهد حقيقي نحو السلم والعدل لليمن على مدار السنوات الأخيرة – بما يشمل جهود العديد من عضوات وأعضاء الكونجرس – صادف كل الترحيب.
وبالرغم من مرور سنوات عديدة قاسية، وانقلاب حياة الملايين وتدهور أحوالهم، إلا أنهم كما أكدت المتوكل، ينتظرون رؤية النهج الأمريكي الجديد يؤتي ثماره على حياتهم بشكل حقيقي. وتابعت: “أول مرة منذ سنوات يحمل فيها النهج الأمريكي الجديد أملاً جديداً، وأخشى أن يتحطم هذا الأمل”.
وأشارت إلى ما مثله اتفاق ستوكهولم من أهمية بالغة للجهود الدولية؛ والتي في حال توفرها فإنها قادرة على دفع الزخم نحو تحقيق السلام.
وفق ما ورد في إحاطة المتوكل، فإن التصعيد في مأرب عرّض المدنيين بالفعل لخطر جسيم، ويهدد بقوة بأن يؤدي إلى تدهور الوضع الإنساني في اليمن، بما في ذلك التسبب في موجات إضافية من النزوح.
وقالت إن “الجهات الإقليمية الفاعلة، استخدمت الحيل لتجنب الضغط وتجنب مسؤولياتها القانونية والأخلاقية”، من قبيل نفيها التورط في الحرب (مثل إيران)، أو إعلان انسحابها الرسمي من الحرب (مثل الإمارات العربية المتحدة)، أو الاختباء وراء حكومة ضعيفة (مثل المملكة العربية السعودية)، لكن هذا لا يغير حقيقة. كما شددت المتوكل، على أن هؤلاء الفاعلين يواصلون القتال في اليمن من خلف ستائرهم بتكلفة أقل بالنسبة لهم، وتكاليف أعلى على المدنيين اليمنيين.
في هذه الأثناء، قال المبعوث الأمريكي الخاص باليمن تيم لندركينج، اليوم الجمعة 12 مارس/ آذار، إن خطةً متماسكة لوقف إطلاق النار في اليمن، مطروحةٌ الآن على جماعة أنصار الله (الحوثيين).
وأضاف ليندركينج أن جماعة أنصار الله (الحوثيين) تعطي أولوية للهجوم العسكري لانتزاع السيطرة على مأرب، محذرًا من أنه دون إحراز تقدم في وقف إطلاق النار “سيدخل اليمن في صراع وانعدام استقرار أكبر”.
بدوره، رحب عبدالواسع محمد مستشار السياسات في منظمة “أوكسفام” في اليمن، في إحاطته أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، بالخطوات الأخيرة للرئيس بايدن لإنهاء النزاع والمعاناة في اليمن ووضعها ضمن الأولويات.
ودعا الولايات المتحدة الأمريكية إلى إيقاف أي دعم قد يساهم في إطالة أمد الحرب في اليمن حتى يتم تحقيق السلام المستدام.
انتهاكات ممنهجة
تصف الأمم المتحدة الوضع في اليمن بكونه أسوأ أزمة إنسانية في العالم. ومنذ بدأت الحرب، أصدرت المنظمات الإنسانية والحقوقية التقرير تلو التقرير، والإحصاء تلو الإحصاء، حول مدى سوء الوضع في البلاد.
في هذا الخصوص، عبرت رئيسة منظمة مواطنة عن صدمتها أن يحدث كل هذا في القرن الحادي والعشرين. وحسب حديثها، فإن كلًّا من هذه الأرقام “نراها في صورة شخص ما، من لحم ودم، يعاني دون ضرورة للمعاناة”. وأضافت: “إننا نرى هذه المعاناة –الأم وهي تحاول إطعام أطفالها، والأب وهو يعاني اليأس التام لأنه غير قادر على إطعامهم– كل يوم”.
هذه المآسي ليست بسبب كارثة طبيعية. وليست نتيجة لقرارات اتخذها بعض الأفراد، إنما هي نتاج انتهاكات ممنهجة ترتكبها أطراف الحرب في اليمن.
إذ لا يمكن فهم الكارثة الإنسانية المروعة في اليمن -وفق حقوقيون- إلا لدى فهم ارتباطها بكيف دأبت أطراف القتال على تنفيذ الهجمات واختيارها استمرارَ القتال على خيار السلام، وهي تقوم بهذا وذاك في غياب كامل للمحاسبة.
وفي إحاطتها أمام لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس الأمريكي، أشارت المتوكل إلى ما قامت به أطراف الحرب من انتهاكات واسعة فاقمت مآسي اليمنيين بصورة تفوق قدراتهم على تحملها، وكما ورد في حديثها، فقد ضرب التحالف بقيادة السعودية والإمارات المزارعَ ونقاط توزيع المياه والصيادين، بالغارات الجوية.
كما قامت جميع الأطراف بإعاقة وعرقلة ومنع وصول المساعدات الإنسانية، في ظل شعورها الدائم بالأمان وهي ترتكب تلك التصرفات، التي وصفتها المتوكل بالمشينة، بالنظر إلى تساهل السياق الدولي الذي يدلل ويحمي ويمنح تلك الأطراف قدرة شبه كاملة على الإفلات من العقاب.
خلال عام 2020 وحده، وثقت مواطنة أكثر من 1020 واقعة اعتداء على مدنيين وأعيان مدنية، قُتل وجُرح فيها ما لا يقل عن 900 مدنيّ، أغلبهم من النساء والأطفال. الوقائع الموثقة في شتى أرجاء البلاد على مدار عام 2020، كما في الأعوام السابقة كلها، ارتكبتها كافة أطراف القتال، المسؤولة عن الاعتداء على المدنيين وارتكاب خروقات للقانون الدولي، وتشمل:التحالف بقيادة السعودية والإمارات والجماعات المسلحة الموالية له، وحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي والقوات والجماعات المسلحة الموالية لها، والمجلس الانتقالي الجنوبي والقوات المشتركة في الساحل الغربي المدعومَين إماراتيًّا وأنصار الله .
التنديد بالمعارك والنزاع المدمر
في السياق نفسه، أدلت كبير مديري السياسات والمناصرة في لجنة الإنقاذ الدولية، أماندا كاتانزانو، بشهادتها في جلسة استماع لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي حول الأزمة اليمنية، حيث تطرقت إلى أهمية تفعيل زخم الجهود الدبلوماسية والبناء عليها لإنهاء النزاع المدمر في اليمن.
وشدد على ضرورة وقف إطلاق النار على مستوى البلاد؛ لأن وقف القتال سيحمي المدنيين، ويسهل إيصال المساعدات، ويساعد في بناء الثقة اللازمة لعملية سياسية هادفة.
كما أكدت حاجة اليمنيين الآن إلى أغذية ميسورة التكلفة ومواد أساسية أخرى، وفق حديثها: “لا يمكن أن يحل العاملون في المجال الإنساني محل الاقتصاد الفعال”، لذا يجب على الولايات المتحدة حسب تأكيدات أماندا كاتانزانو، الضغط من أجل إعادة فتح الموانئ الجوية والبحرية والخطوات الأخرى اللازمة لتسهيل تدفق الواردات واستقرار العملة.