إحباطُ انقلاب أم استعدادٌ لتنصيب ابن سلمان ملكًا؟
بعدما سرّبت صحيفة “نيويورك تايمز” ما حصل أمس في السعودية من حملة اعتقالات جديدة طالت أمراء بارزين في الأسرة الحاكمة على رأسهم أخ الملك سلمان، الأمير أحمد بن عبد العزيز، ووليّ العهد السابق محمد بن نايف وشقيقه نواف بن نايف، بدأت معلومات جديدة تنتشر حيال الموجة المستجدّة من الاحتجازات.
وبينما لم تتكشّف وقائع ما حصل، تحدّث المغرّد الشهير مجتهد عن أن اعتقال الأميرين أحمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف جاء بسبب اتهامهما الخيانة، مرجّحًا أنهما كانا يحضّران لانقلاب داخلي، مشيرًا الى أن ما يحصل في السعودية يُنذر بالتفكّك والصراع الداخلي والتناحر السياسي العائلي، ولفت الى أن المملكة تشهد ليلة سوداء فقوات الحرس الملكي تُحاصر بعض الامراء والقيادات في مقر إمارة الرياض، تزامنًا مع قطع الطرق وإقامة العشرات من حواجز التفتيش الأمنية مؤكدًا أن هناك محاولة انقلاب.
وبينما أفاد حساب “العهد الجديد” على “تويتر” الذي يرصد أخبار النظام السعودي أن الاعتقالات شملت أيضًا وزير الداخلية عبد العزيز بن سعود ومجموعة أخرى من الأمراء، كان لافتًا ما أورده الناشط الإماراتي المعروف بأنه مقرّب جدًا من وليّ عهد أبو ظبي محمد بن زايد، حمد المزروعي على حسابه عندما كتب “كش ملك”، وكأنه يلمّح الى احتمال تنصيب محمد بن سلمان ملكًا للسعودية قريبًا.
فرضيات قد تفُسّر الاعتقالات
بالموازاة، ذكر الإعلام الغربي أن هناك أكثر من فرضية تُفسّر أسباب الاعتقالات الجديدة.
وبحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”، احتجاز الأميرين أحمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف له صلة بمحاولة انقلاب مزعومة.
وأشارت الى أن السلطات تتهم الأميرين بالخيانة العظمى، وأنهما يواجهان عقوبة الإعدام أو السجن مدى الحياة.
وكالة “رويترز” نقلت عن مصدريْن تحدثا لها أن بعض أفراد الأسرة الحاكمة سعوا لتغيير ترتيب وراثة العرش، معتبرين أن الأمير أحمد أحد الخيارات الممكنة الذي يمكن أن يحظى بدعم أفراد الأسرة والأجهزة الأمنية وبعض القوى الغربية.
ونقلت عن المصدريْن قولهما إن ابن سلمان أثار استياء بين بعض الفروع البارزة للأسرة الحاكمة بسبب تشديد قبضته على السلطة، وتساءل البعض عن قدرته على قيادة البلاد عقب قتل الصحفي البارز جمال خاشقجي في القنصلية بإسطنبول عام 2018 وتعرض البنية التحتية النفطية لأكبر هجوم على الإطلاق العام الماضي.
أوضاعٌ مفصلية ستشهدها المملكة
عضو الهيئة القيادية في حركة “خلاص” السعودية المُعارضة فؤاد ابراهيم قال “إننا أمام ثلاث فرضيات في اعتقال احمد ومحمد: الاولى حركة انقلابية فاشلة داخل العائلة ضد ابن أبيه، الثانية موت سلمان أو أنه على وشك الموت، الثالثة أن هناك أوضاعًا مفصلية ستشهدها البلاد وتستوجب غياب شخصيات لها حيثية داخل الجهاز الدولتي، ورابعًا هو عهد سلمان المتقلّب والمربك والمرتاب”.
وتساءل ابراهيم قائلًا “اذا كان سبب اعتقال احمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف هو “خيانة الوطن” ماذا تُركتم للمعارضين من تهمة”، ورأى أن ابن أبيه، أي محمد بن سلمان، صارت عنده لائحة اتهام موحدة لا تحوي سوى عنوان واحد هو خيانة الوطن سواء كان أميرًا أو خفيرًا، وهنا يحقق المساواة بين ابناء الشعب غير الواحد، فما تفرقه الدولة توحّده الخيانة”.
رواية سعد الفقيه
من ناحيته، أشار رئيس الحركة الإسلامية للإصلاح السعودية سعد الفقيه إلى روايتيْن أخرييْن حول أسباب ما جرى هما، فقال إن بعض المعتقلين سعوا عند الملك للشفاعة للمعتقلين من آل سعود من أجل الإفراج عنهم، وأنهم خلال حديثهم مع الملك قسوا عليه، فبادر ابن سلمان لاعتقالهم، وأضاف “المعتقلون تذاكروا فيما بينهم بشأن قرار إيقاف العمرة والطواف حول الكعبة المشرفة، في حين تستمر حفلات الترفيه وتأشيرات السياحة، وأن ذلك قد يشكل خطرا جراء موقف العالم الإسلامي وهو يشاهد الحرم المكي خاليا من الطائفين، فأحسّ ابن سلمان أن هناك ما يشبه التحرك للانقلاب عليه جراء ذلك، فأمر بإيداعهم السجن”، وتابع “ابن سلمان يؤمن فقط بالقوة، وليس لديه حسابات الحكام السعوديين القدماء الذين يزنون الأمور، ولذلك بطش بالعلماء ورجال القبائل، واعتقل رئيس أكبر قبيلة في البلد ورماه شهرين في السجن، كما استدعى كبار العلماء ووبخهم لأنهم قدموا له نصيحة في السر”.
من جهتها، أشارت صحيفة الـ”غارديان” البريطانية إلى أن اعتقال السلطات السعودية ثلاثة أمراء من العائلة المالكة يأتي في وقت حساس، اذ تمنع السعودية المسلمين من زيارة أقدس المواقع بسبب تفشي فيروس “كورونا”.
تشديد قبضة ابن سلمان في الحكم
أما المحلّلة السياسية في مؤسسة “راند” الأميركية بيكا فاسر فقالت إنّ الاعتقالات تعد خطوة أخرى من جانب ابن سلمان لتكريس سلطته، ورسالة إلى أي شخص بما في ذلك أفراد العائلة المالكة ومن تسول له نفسه معارضة ولي العهد، وأردف “ابن سلمان كان أزال من أمامه بالفعل أي تهديدات تعيق صعوده للسلطة، وسجن أو قتل منتقدي نظامه دون أي تداعيات”.
وفي السياق نفسه، كتب جيفري مارتن في مجلة “نيوزويك” الأميركية أن الاعتقالات تشير إلى أن ابن سلمان يشدد قبضته على السلطة مع هبوط عائدات النفط، لافتًا الى أنه ومنذ صعوده كولي للعهد يسعى لترسيخ سلطته بالمملكة عبر سجن معارضيه السياسيين.
وكانت السلطات قد شنت عام 2017 حملة اعتقالات واسعة شملت العشرات من رموز العائلة المالكة والوزراء ورجال أعمال، واحتجزوا جميعا في فندق “ريتز كارلتون” في الرياض، والذين اشتهروا لاحقا بمعتقلي “الريتز”.
المصدر : مجلة العصر