بعد حادثة الكونغرس هل بدأ العد العكسي لانهيار الولايات المتحدة ؟؟؟ بقلم/ خالد البوهالي
حيروت – بقلم/ خالد البوهالي
لم يتوقّع، حتى المتشائمون، أن يأتيَ يومٌ نرى فيه رئيساً أميركياً يرفض الإعتراف بنتائج الإنتخابات، و يصرّ على أنّها مزوّرة، من دون أن يعطيَ دليلاً واحداً على ذلك.
لطالما تغنّت الولايات المتحدة الأميركية بِقِيَمِها العريقة، وبديمقراطيّتها العتيدة أمام العالم، واصفةً نفسها بأنها دولة مؤسساتٍ لا أشخاص، غزت دولاً وانتهكت سيادتها بإسم الديمقراطية، وحاربت الأنظمة الديكتاتورية وفق تصوّرها.
لم يتوقّع، حتى المتشائمون، أن يأتيَ يومٌ نرى فيه رئيساً أميركياً يرفض الإعتراف بنتائج الإنتخابات ، و يصرّ على أنّها مزوّرة، من دون أن يعطيَ دليلاً واحداً على ذلك، إذ وصلت به الصفاقة السياسية أن يمارس ضغوطاً على سكرتير ولاية جورجيا الجمهوري “براد رافينسبرغر” وحمله على إيجاد أصواتٍ كافية بغية قلب نتائج الانتخابات الرئاسية بالولاية لصالحه، حسب مقطعٍ من المكالمة التي دارت بين الاثنين و نشرتها صحيفة “واشنطن بوست”.
المشهد الأكثر غرابةً هو الخطاب الذي ألقاه يوم أمس أمام حشدٍ من أنصاره مُقِرّاً أنّه لن يستسلم، ولن يعترف بهزيمته في الانتخابات التي يُعدّها مسروقةً منه، الشيء الذي دفع بأنصاره، وفي لحظةٍ من الحماسة الهوجاء، إلى الهجوم على الكونغرس واقتحامه لمنع المصادقة على فوز الرئيس المنتخب جو بايدن.
ولأنّ الأنا المتجذّرة و العنجهية الفارغة تطبعان سلوك ترامب، فقد نسي أنه بهذا التصرف الأرعن، تسبّب بانشقاقٍ في صفوف الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه.
ترتّب على ذلك تداعياتٌ سلبيّة على صورة الحزب مستقبلاً، فقد تجلّى الانقسام الحادّ بين أعضاء الحزب الجمهوري في امتناع 60 عضواً بمجلس الشيوخ عن قبول نتائج الانتخابات الرئاسية.
ومن المؤسف حقاً تلكؤ البنتاغون في إرسال وحداتٍ من الحرس الوطني إلى واشنطن لحماية مقر الكونغرس من المتظاهرين الغاضبين، والعمل على إجلائهم، ومن المستغرب أيضاً مماطلة ترامب في دعوة أنصاره إلى الهدوء والعودة إلى بيوتهم.
ما وقع في أميركا من أحداثٍ هو أمرٌ مخزٍ حتماً، أضرّ بصورتها وسمعتها أمام دول العالم، و هي التي كانت تعطي الدروس في الديمقراطية واحترام المؤسسات والدستور.
و لا أَدَلَّ على ذلك سوى ردود الفعل الصادرة من أقرب حلفاء واشنطن، كحلف الشمال الأطلسي ولندن وباريس والاتحاد الأوروبي الذين هالتهم المشاهد المخجلة، فضلاً عن أنقرة التي دعت الأميركيين إلى ضبط النفس.
كانت أمام الكونغرس فرصة التخلّص من دونالد ترامب عندما تقدّم النواب الديمقراطيون بمشروع عزل الرئيس، على خلفيّة فضيحة أوكرانيا، حيث حاول ترامب آنذاك الضغط على الرئيس الأوكراني من أجل تشويه سمعة منافسٍ له في الانتخابات. لكنّ مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون أسقط التهمة عن ترامب و برّأه منها.
إنّ الحماقة التي ارتكبها الرئيس الأميركي المنتهية ولايته في خطاب الأربعاء، من حيث التوقيت والتجييش – لا سيما مناصروه من اليمين المتطرف – هي إساءةٌ للدستور والمؤسسات السياسية، وضربٌ للديمقراطية التي أتحفتنا أميركا بسمفونيّتها لعقود. لو تطوّرت الأحداث إلى عنفٍ مسلّح، لكانت شوارع واشنطن وغيرها فمن المدن الأميركية مليئةً بجثث القتلى، و لتحوّلت المواجهات إلى حربٍ أهلية.
لا شكّ في أنّ تهوّر ترامب ألحق ضرراً بمستقبله السياسي، فقد كان عليه، ومن منطلق قواعد اللّعبة السياسية، القبول بالخسارة، والعمل على العودة إلى خوض الرئاسيات في 2024، كما كان يُروّج له مساعدوه، و بذلك كان سيكسب احترام الجميع.
بناءً على ما سبق، نعتقد أنّ المجتمع الأميركي آخذٌ في الانهيار شيئاً فشيئا، فكلّ المؤشرات توحي بذلك، وأمام الرئيس المنتخب عملٌ شاق لإعادة اللُّحمة إلى المجتمع الذي تضررّ بفعل الممارسات الخاطئة للرئيس الحالي دونالد ترامب.
نقلاً عن الميادين نت