تصحيح مفاهيم “12 “..الجبناء لايصنعون نصراً!! بقلم / أزال الجاوي
بقلم / أزال الجاوي
كثيرة هي المغالطات التاريخية التي شكلت وعينا المعاصر والتي بنينا عليها كثيرا من المشاريع ، حتى تلك المشاريع التي تكرر فشلها لإنها مبنية على نفس الأسباب والحيثيات بل حتى نفس الظروف و الاشخاص الذين توقف تفكيرهم إن كان لديهم تفكير اصلاً عند حدث معين ، فظنوا ان الحياة والموت والماضي والمستقبل هي تلك اللحظة ، لذلك لا يملون تكرارها طالما لايدفعون ثمنها ، بل نحن كشعب من يدفع الثمن حتى اليوم والساعة .
عبثاً هي محاولاتهم المستمرة في اقناعنا أن حرب صيف ٩٤ هي من اجل الحفاظ على الوحدة ، والأكثر عبثا من ذلك هو رد الاتجاه الاخر بقوله أن الحرب كانت للدفاع عن جمهورية اليمن الديمقراطية او مايسمى فك الارتباط .
واقع الحال يقول أن الحرب كانت بين جيشين وحدويين وقيادتين انفصاليتين ، ولذلك عندما تكون الوحدة في مقابل الوحدة حتماً ستنتصر الوحدة رغم أنها لم تكن موضوع النزاع في حرب صيف ٩٤ بل كان الموضوع هو اقتسام الثروة والسلطة او لنقل هو تركز السلطة والثروة .
كانت القوات الغازية عبارة عن خليط من الافراد من الشمال والجنوب تحت عنوان ” قوات الوحدة والشرعية الدستورية ” وكان في المقابل خليط من الافراد من الشمال والجنوب أيضاً تحت عنوان ” قوات الوحدة والإجماع الوطني ” ، حتى يوم إعلان الانفصال والذي توالت فيه الانهيارات في الجبهات من بعد إعلانه وصولاً الى عدن التي لم يدافع عنها أي انفصالي ممن خرجوا ابتهاجاً في يوم ٢١ مايو بعد الاعلان يشعلون سماء عدن بطلقاتهم المرتجفة ، ثم مالبثوا أن فروا هاربين دون أن يطلقوا طلقة واحدة ولو في السماء دفاعاً عن ملكهم او حصتهم في ذلك الملك آخذين ما خف وزنه وغلى ثمنه وتاركين وراءهم في منازلهم اسلحة متكدسة كان في حاجتها الوحدويون المدافعون عن عدن والذين لم يبقى منهم سوى المتطوعون من العسكريين أو من أخذ بالإكراه من افراد التعبئة دون زاد أو ذخيرة وبأسلحة قديمة ( شميزر ) ، وبعضهم حتى بدون أي سلاح ، وأتذكر من قيادات الصف الثاني من ذهب تطوعاً للدفاع عن عدن وليس لحصة في الملك او للإعلان الزائل .
ومثالاً وليس حصراً على ذلك الشهيد العقيد /سالم درعة ( عقيد امني ) وعضو اللجنة ألمركزية الشهيد / ناجي محسن الحلقبي ( شمالي ) طيب الله ثراهم جميعاً وايضاً الحي قلباً وروحاً وعقلاً العقيد / احمد سالم عبيد أطال الله في عمره ، كل أولئك القادة وآخرون ذهبوا تطوعاً وليس أمراً بل أزعم أن من بقي من القادة العسكريين مدافعاً عن عدن بقيوا أيضاً تطوعاً بعد ان فر القادة الانفصاليون خارج عدن حتى قبل اعلان الانفصال وقبل توغل قوات الحاكم علي عبدالله صالح ليتركوا عدن والمحافظات المحيطة بها في حالة فوضى تواجه مصيرها لوحدها .
كنت ممن يذهب إلى الجبهات بشكل يومي مع والدي او بدونه وكنت اسمع الهمس واللمز من القادة والأفراد حول الاعلان الغبي والقيادة الجبانة التي فرت حين كان أزيز الرصاص يبعد عن عدن اكثر من مائة كيلو خارج حدود دولتهم السابقة والمعلنة .
قبل عدة أشهر كنت أستمع لأحد القادة ( المفحطين ) وهو يروي بطولات الدفاع عن فك الارتباط وعدت بالذاكرة الى اول ايام الحرب حيث كانت تجتمع تلك القيادات بالقوى والتنظيمات السياسية لبحث الخروج من الأزمة والحرب وقد كانت الاجتماعات ذو شقين ، شق يتم في فندق عدن قبل غروب الشمس والشق الآخر بعد غروبها بعيداً عن الأعين والأنظار وكذلك الاعلام في مقر اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي ( مقر جامعة عدن حالياً ) ، وكان يتم تحت اجراءات أمنية مشددة تشمل إطفاء الكهرباء والأنوار عن المقر والأحياء والشوارع المحيطة به ، وكنت مكلف بإحضار بعض تلك القيادات إلى المقر والعودة كل ليلة بسيارتي الخاصة ذو الاربعة المقاعد والتي كانت تعمل بالبركة ودعاء الوالدين وكنت في بعض الأحيان احشرهم فيها حشراً ذهابا وإياباً .
في تلك الفترة كان والدي رحمه الله يبدي كثيرا من عدم الإكتراث واللامبالاة بل والسخرية من تلك الاجتماعات المسائية حتى اعتقد كثير من تلك القيادات الحاضرة انه اصبح معطلاً لتلك الاجتماعات التي أفضت لإعلان الانفصال الهزيل ، انفرد بي أحد كبار القادة في حينه ليشكو لي تصرف والدي وطالباً مني الحديث معه ، فالناس في حالة حرب والوضع لايحتمل الا الجدية ، بدوري نقلت الرسالة لوالدي مع إلحاح على الامتثال ، وبعد إلحاح كبير رد علي والدي رحمه الله بسؤال : لماذا تنقل انت بعض تلك القيادات بسيارتك رغم انهم يمتلكون اكثر من سيارة ؟!! فكان ردي حينها ربما احتراز أمني .. فقال : بل خوف ، هؤلاء المرتعدين الذين لا يستطيعون أن يجتمعوا تحت الضوء في مقرهم وفي عاصمتهم وبين رجالهم لايستحقون ان يتم التعامل معهم بجدية ، فهؤلاء المرتعشين لايمكنهم إلا أن يخرجوا بقرارات مرتعشة لايستطيعون حتى تنفيذها أو حمايتها بل سيضعهم الحاكم علي عبدالله صالح خلال شهر في جيبه، ثم ماذا لو تعرضت سيارتك المكتظة بهم لحادث لذهب ربع او ثلث القادة المرتعشين من الحرب ، حينها أدركت انهم ليسوا محشورين في سيارتي التي تسير بالبركة بل ان الوطن محشوراً بهم ويسير بالبركة ، وفعلاً بعد ان فض اجتماعهم بقرار فك الارتباط الهزيل فروا خارج عدن قبل إعلانه .
ايها السادة ، ان عودتهم اليوم بمشاريعهم الفاشلة لن ينجيكم فالقيادات المرتعشة خوفاً ومشاريعها الهزيلة لا تصنع نصراُ ، بل أيديكم التي تصنعه بالتفاف كل القوى الوطنية من صعدة إلى المهرة في ثورة تقتلع النصف الإنفصالي الاخر في صنعاء.
من حساب الأستاذ أزال الجاوي في فيسبوك ، نشرت بتاريخ 27 يوليو 2013م