ثقافة وفن

ثمن الكرامة !! بقلم / ليسا جاردنر

بقلم / ليسا جاردنر

رنّ هاتف المكتب في وزارة الكهرباء بقسم الإصلاحات فردّ على الهاتف المُهندس علي قائلا:

 مرحبا… علي معكم كيف أستطيع المساعدة…؟

أجاب الطرف الآخر قائلا:

  • هااالو علي أنا فاطمة…
  • أهلا زوجتي الحبيبة…! ما الخطْب؟ هل أنت بخير يا عزيزتي…؟

أجابته فاطمة بكلّ رقة وفرح:

  •  نعم عزيزي أنا بخير طالما أنّك كذلك… حاول ألاّ تتأخر…! عندي مفاجأة. !؟

ابتسم علي وقلبه مُفْعم بالحب والشوق واللهفة للقاء زوجته… فداعبها قائلا:

إن لم تقولي لي ما هي المفاجأة لن أُحْضِر لك الشكولاتة التي تشتهينها!  قالت فاطمة: لا تغريني…إن أفصحتُ عنها انتهت من أن تكون مفاجأة ها ها ها …! عُدْ حبيبي إلى البيت وستجدها في انتظارك…!!! وقالت بسرعة.. الى اللقاء حبيبي ثم أغلقت الهاتف.

 يا لها من مجنونة…! تمتم في نفسه وغمغم مبتسما كم أحبها…!

 كان كلّ عِرق في جسده يَحُثّه على أن يسرع الى المنزل ليرى زوجته الغالية المشرقة كالشمس….اه كم أشتاقك حتى وإن كنت بجانبي…ثم  قال بصمت إنّي أسعد رجل في الكون. ..!

حين دقّت السّاعة الرابعة عصرا هرع علي الى محطة الباصات واستقل الباص المكتظّ بالمسافرين. صغارا..  كبارا وشيوخا كل واحد منهم ترسم على ملامحه قصّة ورواية تشعر وأنت تتمعن في وجوههم الشاحبة والمُرْهقة ملامح الشقاء والبؤس ..بؤس الحياة التي لا ترحم..!  

انتفض علي من عمق تأمله وانتبه إلى سائق الحافلة وهو يحدّث نفسه متجها بصوت باطني إلى السائق قائلا :” هلا أسرعت …! فقد نفذ صبري لمعرفة المفاجأة…!! ثم ذهب به الخيال إلى تصور زوجته الآن وهي في انتظاره… وهمهم “لا بدّ أنها الآن قد سرّحت شعرها الأسود الطويل ولبست الفستان الأخضر الجميل… أو أنها ربّما وضعت نقش الحناء على يديها الجميلتين الناعمتين…ولعلّها طبخت الطعام المفضل لي… آه منك يا فاطمة.. كم انت شهيّة وساحرة…!

توقف الباص أمام المحطة التي تعوّد عليها فهو كل صباح ينطلق منها ويصل إليها كل عشية…

 نزل علي راكضا بسرعة الى السوبرماركت المجاور لمنزله ليشتري الشكولاتة لفاطمة ولأولاده الثلاثة… ثم هرع إلى البيت وهو يحمل كيسي الخبز والشكولاتة وفي طريقه سمع صوت الطائرات السعودية تحلق في عمق السماء تُسمِّم أجواء صنعاء الباهتة كان عددها كبيرا جدا .. وكانت تصعد بسرعة فائقة حتى تصبح بحجم الذّبابة ثمّ تُسرع في الهبوط كأنها ستصْطدم بالبناءات مُحدِثة صوتا رهيبا مخيفا مخترقة به جدار الصمت الذي يزعزع الأرض ويرج البناءات ويكسر بلور النوافذ… ويهز الكيان ويرجّ الأنفس، لا أحد من المتساكنين اليمنيين يحبّ هذه الكائنات الآلية الوحشية ..إنها “غول متوحش” إنّها ” أشباح الموت والدَّمار” إن هذه “الماكنات الطائرة” هذه “الاليات الحربيّة” ليست إلاّ تعبيرا صريحا ومدويّا “لشريّة الإنسان المتوحش ” والمستعمر الظالم والمفترس لسماحة الإنسانية والقاتل للكرامة البشريّة والعابث بأدنى حقوق الإنسان اليَمَني وبمكانة الإنسان عموما…

عاش علي كل هذه الأحاسيس في لحظة فارقة وهو يركض إلى بيته خوفا من القصف العشوائي لتلك الطائرات الضخمة والمتوحشة، وهو يتصور هذه الطائرات بصورة التّنين الأسطوري الذي له سبعة رؤوس تنفخ ألسنتها المتوهجة بالنيران الحارقة والعاتية التي لا تبقي على شيء وتأتي على الأخضر واليابس غير مكترثة بخصوصيات الحياة.

 فتح باب المنزل وخُيّل إليه أنه فتح باب الجنّة حيث الأمان والسعادة وبهجة الحياة… ونادى بصوت مٌرتفع فطومة… فطومة… حياتي … لقد رجعت للتوّ…

  هرعت إليه فاطمة وأولاده الثلاثة وهم سعداء باستقباله وتسابق الأولاد وهم يهتفون … بابا… بابا… ماذا احضرت لنا؟

احتضن علي فاطمة بين ذراعيه، غمره إحساس بالأمان والسّلام… فهي في نظره، لها من الرّقّة والطيبة والقدسية ما يمكِّنُهَا من جبر قلبه… وهو يستمع إلى دقات قلبها في تلك اللحظة من العناق همس لها بنبرة حنان وحبّ: حياتي ما مفاجئتك. !؟ احمرت وجنتاها فخالهما علي تفاحتين من ثمار الجنة لا يقْدر أيُّ رسام بارع من نقل جمالهما الطبيعي…! وقالت له بخجل واحتشام زادا وجهها النيّر إشعاعا وبهاءا: “علي إني حامل..! فصرخ من شدّة الغبطة يا الله….، ما أروع هذا الخبر…!  مبارك علينا هذا الضيف المنتظر يا حبيبيتي…، مبارك لنا طفلنا الرّابع….فاختلطت مشاعر الفرح بدموع السعادة والبهجة التي عبّرت عن نفسها بتلقائيّة الرغبة في هذه الإضافة المباركة ليَمَنِيٍّ آخر منتظرا يُضاف إلى  الشعب اليمني الذي افتقد الملايين من الأطفال خلال هذه الحرب الملعونة الغاشمة… لقد حطّمت الحروب مستقبل اليمن… ودمّرت جسمه الحصين..!

  بعد الانتهاء من تناول الغداء الشهيّ الذي أعدّته فاطمة خصيصا لزوجها لآنه يشتهيه ولا يملّ من تذوّق نكهته اللّذيذة…غادر علي المنزل متّجها الى عمله الآخر الإضافي في عيادة مجاورة لبيته، فهو يعمل هناك سكرتيرا يرتّب مواعيد المرضى ولا يعود إلى المنزل إلا في حدود التاسعة مساءا، ليصلي العشاء  وينام قرير العين بجانب زوجته الحبيبة.

وكالعادة وهو ذاهب إلى العمل صباحا بدأ يفكر بينه وبين نفسه في شؤون يومه وشهره ويقول:” قد اقتربت نهاية الشهر وبدأ الراتب يلُوح في الأفق .. فقال الحمد لله عند استلام الرّاتب سأشتري بعض المستلزمات للبيت و لفاطمة وسريرا صغيرا لطفلنا الجديد..

لكنه لم يكن على علم في تلك اللحظة وهو يخطط لمصاريف البيت أنّه خلال عام ٢٠١٤ لن يتحصّل على راتبه نتيجة الضغوط الاقتصادية والعقوبات المالية التي فرضتها الحكومة الملكية السعودية الوهابية الغاشمة على اليمن… فقد تم نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء الى جنوب اليمن في عدن فتغيرت أحوال ملايين البشر منهم علي، إذ انقلب الوضع رأسا على عقب وانقطع صرف الرواتب لجميع الموظفين في الشمال اليمني.

فأصبح هؤلاء اليمنيون تحت وطأة الحرب القاتلة وحدّ سيف العوز القاتل أيضا…!   يا لمرارة الوضع المتردي يوميّا…! ولم تتوقف المأساة إلى هذا الحد بل تعمَّقت أكثر واحتدت حين استغنى بعد أيام قليلة المركز الصحي عن خدمات علي … ورمت به في الشارع دون أي مبرر…!  فاصبح علي بدون دخل ليكفل أسرته واحتياجاته فتبخرت الأحلام وحلّ محلّها الكوابيس المخيفة والمهددة في كل لحظة بالعدميّة..!. ضل علي بع فقده شغله يبحث عن مصدر رزق لكن دون جدوى وبدأت تسكنه هواجس البؤس واليأس…!  وها هو يصرخ في داخله: “يا إلهي ماذا أفعل كيف سأسدِّد دَيْن الإيجار وكيف سأتحمل أعباء الأسرة… ؟

أحدث صراخه صدى في الكون كله لكن دون ردّ سوى صوت محركات الطائرات الحربيّة وهي تدوي في قلب السماء واعدةً بالقهر.. مهددةً بالقتل.. والتشريد.. والتجويع.. والاذلال. مخلّفة وراءها دخانا كثيفا يلوّث نقاوة سماء اليمن ويسلب لها هواءها وأملها في الحياة الكريمة…!   

عاد علي إلى البيت مختنقا مكسور الجناح فاستقبلته فاطمة بتحسّر وحزن رسم على ملامح وجهها النير غيمة تشبه لون دخان مؤخرات تلك الآلات الحربية الجائرة التي لا ترحم …وقالت له: ” لا تقلق يا عزيزي، خُذ ما تبقى لي من ذهب و بِعْه لتسدد متخلفات الإيجار.. ومصاريف البيت والأولاد..” نظر إليها علي بنظرة ممزوجة بالحب البريء والعزة المسلوبة والعوز القاتل والألم المُوجع…! وردّ عليها قائلا :”لا استطيع عزيزتي بيع ذهبك مهما كان الأمر والعوز فهو من ميراث أمك..!!! معبّق برائحة المرحومه….! فحاولت فاطمة أن تُهَوِّن على زوجها الذي اختفت بسمته منذ مدة رغم محاولاته البائسة لإخفاء بؤسه…! وقالت بكل حنّيّة: لا عليك عزيزي إن الوالدة نُقشت في عمق وجداني وهي تملأ فؤادي وتسكن كياني ولا أعتقد أنها تعترض على إنقاذ حياتنا أمام جبروت الظالم الغاشم بل أشعر أنها الآن تُلِحُّ علينا صرف الهدية الثمينة وتصريف قيمتها فيما هو أثمن وأغلى وهو حياة أبنائنا وحياتك وحياتي وأنا متأكدة بل واثقة ثقة تامّة من تعويض هذا الثمن الثمين بما هو أثمن وأغلى حيت تعود إلى العمل وتتيسر الأحوال…

اقتنع علي بأقوال زوجته وفي قلبه حسرة ممزوجة بمحبة عميقة لملاكه وافتخارا بها واعتزازا بموقفها المنقذ… أخذ الذهب وتصرف فيه لسد فراغ البطن وماء الوجه… خرج علي من البيت متجها بسرعة إلى السائغ القريب من منزله … وباع له ذهب زوجته وهو في حالة اختناق لشدّة التحسّر على هذه الفعلة … فهو مضطر ولا حول له ولا قوة … ذهب أولا لدفع مخلفات الإيجار … فالمسكن قبل البطن …كما الوطن قبل كلّ شيء فهو الذي يأويهم ويشعرهم بالانتماء والأمان… دخل علي إلى منزله وهو يتظاهر ببعض السكون والطمأنينة وأخفى حسْرته وإرهاقه لكنّه سرعان ما ارتمى على صدر فاطمة واشتدت عنده الحاجة إلى البكاء … فبكى بنبرة الطفل الذي يبحث عن حنان صدر أمه الذي افتقده منذ مدّة   فاحتضنته فاطمه بحنان الام وهمست في أذنه قائلةً “سيفرّج الله همّنا حبيبي رجاء لا تبكي!” أجابها علي و هو ينظر إلى وجهها الشاحب…  ليست دموع الحزن بل هي دموع القهر قهر الاستعمار الذي نزع منا كل شيء جميل، سرق منا أمان العيش الكريم.  وأبسط شروط الحياة…

و لم تمض إلاّ بعض شهور حتى تدهورت الأوضاع و تراكمت الديون، وزاد الوضع حدّة وتأزما حين اقترب موعد ولادة فاطمة لطفلها، وسبق هذا الموعد تهديدات صاحب المنزل بإخراجهم منه إن لم يدفع علي المتخلف من الإيجار..! لكن ما العمل ؟ من أين سيأتي بالإيجار ومصاريف الولادة ومستلزماتها، خرج على مثل السّكران في رأسه دوامة يدور بسرعة حولها وتديره بطريقة جنونية …! لم يعد قادرا على شيء، ذهب إلى جميع أصدقائه و قليل منهم من ساعده لكن كل ما جمعه لا يكفيه لسد الإيجار. وفي نصف الطريق أجهش علي بالبكاء و هو يلطم وجهه و يصرخ كيف افعل!؛ اين أذهب، يا الله ..يا ليتني مت قبل هذا و كنت نسْيا منسيًّا! اجتمع الناس في الشارع من حوله يواسونه بكلمات طيبة و يخفّفوا عنه مصابه.. وما كان عليه إلاّ أن يسرد عليهم  قصته القاسية والمأساويّة… فإذا بامرأة متقدمة في السن كانت ضمن الحاضرين تناديه وتُعلمه أن لديها  حانوتا إن أراد أن  يسكن فيه مجانا حتى يفرّجها الله ، لم يصدق على هذا الخبر النازل من السماء وقال لها :”حقا يا سيدتي استطيع أن اسكن في حانوتكم! قالت له طبعا يا ولدي هيا بنا دعني اريك إياه و ذهبا معا لمعاينته الحانوت فتحت الحجّة الباب واذا به حانوت صغير فارغ مثل فراغ جيبه سأل علي الحجه اين يقع عزك الله الحمام قالت له هنا في الخلف كان الحمّام أيضا بحاجة إلى تصليح كمثل حياته المحطّمة. قبل علي بهذا المكان البارد واضطر أن يعيش فيه مع زوجته و ثلاث اطفال مفزوعين من هول ما يحدث لهم… بعد عدة أيام جاء فاطمة المخاض، وبدأت الأوجاع والتقلصات تضرب البطن وأسفله كضربات صواريخ العدو من شدة الألآم… صرقت تنادي زوجها:”   إنى على وشك الولادة…” ركض علي الى جارته الحجة يطرق بابها مثل المجنون ما إن فتحت حتى أخبرها بأن فاطمه ستلد قريبا، قالت الحجة يجب أن نأخذها إلى المشفى، فاستعانوا بسيارة جارهم الذي أخذهم إلى المشفى… كانت الولادة متعسره فاضطرت فاطمة إلى القيام بعملية قيصرية و بعد ساعات خرجت فاطمه من حجرة العمليات إلى غرفة العناية و الطفل في الحضانة، و بعدها سلم قسم الحسابات لعلي مبلغ نصف مليون ريال يمنى رسوم المشفى. عندما رأى علي هذا المبلغ كاد أن يغمى عليه، قالت له الحَجَّة صلّي على النبي وستفرج … لدي بعض المال و نسأل أهل الخير أن يساعدونا يا ولدي.. قال علي بمراره كالعلقم قد أصبحت شحاذا يا سيدتي….!، رجع علي الى الحانوت و اخذ ما يملك… اسطوانه الغاز، التلفاز ، الكمبيوتر المحمول و هاتفه إلى جانب الساعة التي أهداها له والده قبل أن يموت . باع كل ما يملك، وساعد علي أهل الخير و دفع المبلغ للمشفى ورجع مع فاطمه والطفلة الجديدة أمل

. بعد أن تأكد علي أن فاطمة نامت في الوقت الذي بدأت فيه الأمطار تهطل بغزارة، أحسّ  ببرد  قارس يقضم عظامه… اقترب علي من زوجته دثرها والمولودة الجديدة بالبطانية الدافئة، وقبلهم جميعا ، ثمّ ترك بجانب زوجته رسالة  قال فيها: “زوجتي الحبيبة فاطمة لقد عرفنا المعاناة والظلم والحرب معا وها هي طفلتي الجميلة في صدرك الحنون ترضع حبك …سامحيني إني لم أعد أستطيع البقاء بجانبكم بلا شغل ، لذلك قرّرت أن  أذهب إلى جبهة القتال… فقد خسرت كل شيء راتبي ،بيتي، نفسي، وخسرت الكرامة لذلك  سأحارب لأتخلص من عار الفقر و عار الخزي أريد أن أموت بطلا عوضا عن الموت قهرا…! سامحيني…

 لم يرجع علي إلى اليوم… وما زالت فاطمة تنتظره وكل يوم ترتدي له فستانها الأخضر لعلّه يعود من جبهة القتال فيجدها في انتظاره بأبهى حلّة إنها تنتظره بشوق يفوق شدة شوق الصائم لقطرة ماء.

مقالات ذات صلة

‫7 تعليقات

  1. لم ادري هل ابكي أو اهرب
    ترجمتي معاناه المواطن البسيط تحت سيطره الحصار و إنعدام المشتقات النفطيه الذي يستغلها حكومه الشرعيه الغير مشروعه
    تبا للبند السابع لقد تكاتلت على اليمن الأوجاع من كل مكان
    و لا أثمن من الكرامه

  2. ما زلنا ننتظر الحريه و الخلاص في ابهى حله
    كما تنتظر فاطمه زوجها البطل
    المقاوم ليرجع لها بالنصر المبين
    و سينتصر الحق و لن تهزم مادام هناك
    علي و كل المقاتلين

  3. اعجبني التكاتف الاجتماعي البسيط
    و كيف الفقراء يتحدوا مع الفقراء و ينفذوا الاسره
    و هذه حقيقه اليمن
    اين الأغنياء الذي نهبوا أموال الدوله
    اين الشركات الوهميه .اين النخبه التى استغلت ثروات اليمن للمصالحهم الشخصيه ؟ الان اليمن في وضع جديد لكي يثبت كرامته أمام المبتذلين و الخائنين ، امان العالم و قولت الإمبريالية اللعينه
    قصه هادفه و ثوره لبوساء اليمن مع امل و ثمن الكرامه هو الروح

  4. كل الحلول التي تؤدي إلى الكرامة تقتضي الموت، وكل الحلول التي تؤدي إلي العيش تقتضي الذل تحت انهيار الأخلاقيات الانسانيه نرى اليوم في اليمن
    ثمن الكرامه هو الدفاع عن اليمن من المعتدي الغاشم.
    لا فض فوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى