حكايتان وعبرة …!! بقلم / سامي عطا
كتب / سامي عطا
” من لا يعرف تاريخه محكوم بتكراره ” الفيلسوف جورج سانتيانا
في هذا المقام تحضرني حكايتان مختلفتان ، ولكنهما تحويان على عبر يمكن الاستفادة منها ، ومن خلالها يمكن تجنب تكرار الأخطاء والاستفادة من تجارب الماضي والغير.. !!
سمعت حكاية تم تداولها في بداية الألفية عن اجتماع دعا إليه رأس نظام 7/7 حدث في الحديدة وحصره فقط بعصبة الحكم القبلية من قبيلة حاشد ، وحث فيه أفراد هذه العصبة على الإتجاه للإقتصاد والنشاط الإقتصادي والمالي على اعتبار أن العصر عصر الإقتصاد وبقاء سيطرة هذه العصبة على الحكم يحتم عليها الدخول إلى هذا المجال وأن لا يجعلوه حكراً على غيرهم، وعلى إثره بدأت تسهيلات وظهرت بنوك وشركات إتصالات وشركات خدمات نفطية استُحوذ عليها بتسهيلات سلطوية ، ويمكن ذكر بعضها على سبيل المثال بنك سبأ وشركة سبأفون وشركات خدمات نفطية ، ورافقه وجود (فيتو) على بعض البيوت التجارية المعروفة من دخول سوق الإتصالات أو سوق الخدمات النفطية ، ولم يكن يعلم رأس النظام بأنه يؤسس لنظام كليبتوجراسي أو ” حكم اللصوص وباللصوص ومن أجلهم ” وبهذا النظام التآمري حفر قبره بيده .
حيث أخذ هذا النظام يتداعى مع كبر المصالح والصراع على المال والإقتصاد وبروز تناقضات تناحرية بين أقطابه ، ورافق هذا الصراع تفاقم أوضاع الناس المعيشية أكثر فأكثر ، الأمر الذي أدى تفجر الأوضاع رويداً رويداً في كل مكان ، حتى بلغت في 11 فبراير 2011م أوجها، وأخذت أطراف صاعدة في النظام استغلال الحدث وتوظيفه لصالحها ، وغايتها إعادة تدوير النظام وهو ما نجحت فيه إلى حين ..!
أما الحكاية الأخرى وهي زيارة رائد النهضة الماليزية مهاتير محمد إلى اليمن ، وفي معرض زيارته إلى عدن وضمن بروتوكول الزيارة ، ألقى محاضرة في جامعة عدن تحدث فيها عن النهضة الماليزية وكيف حدثت ، فقال فيها بأنه عندما فاز حزبه في بداية الثمانينيات أظن في 1981م وصار رئيس وزراء ، وأردف بأنه كان لديه مشروع للنهوض ، لكنه اصطدم بعائق إجتماعي ، وإذا لم يتم حله ؛ فإن مشروع النهضة سيكون غير مأمون مستقبلاً ، وحدد هذا العائق بالتركيب الإجتماعي للمجتمع الماليزي ، فهو يتكون من إثنيات متعددة ، الصينيين والهنود والسكان الأصليين الملاويين ، وطبقة الأثرياء هم من الصينيين والهنود ، بينما يقبع السكان الأصليين تحت طائلة البؤس والفقر ، وإذا لم يتم حل هذه الإشكالية ضمن خطة النهضة ، فإن النهوض سوف يكون مهدداً في المستقبل ؛ لأن الأثرياء سيزدادون ثراءً والفقراء سيزدادون فقراً ، ولذا قال مهاتير محمد : استدعيت الغرفة التجارية واجتمعت بأثرياء ماليزيا وشرحت لهم مخاطر تطبيق مشروع النهضة في ظل هذه الفوارق الإجتماعية ، وطرحنا خطتنا عليهم لحل هذا الأمر من خلال برامج تشجيع وقروض لأصحاب المشاريع الصغيرة من الشباب الملاويين من أجل خلق توازن مستقبلي ، فوافق الأثرياء على خطة مهاتير محمد وأخذ في تنفيذها ، وقال : رويداً رويداً بدأت تظهر طبقة من الأثرياء الملاويين ، وصار هناك توازن وعدالة بين الفئات الإجتماعية المكونة للمجتمع.
ماذا نستفيد من الحكايتين ؟! ، السلطة التي تتأسس على قاعدة التآمر والإستئثار والشعور بالتميز والتفوق ولا تمتلك مشروع جامع للناس وهدفها المصلحة العامة للناس تنتهي بالسقوط ، لأن مشاريع التآمر تستقر في المؤامرة ويستحيل أن تكون بمنأى عن تناقضات مصالح أفرادها الذين خلقتهم المؤامرة والدهاليز المظلمة.
بينما الحكاية الثانية تؤكد أن السلطة التي تفكر بأفق وطني عام وتسعى إلى حل المشاكل وغايتها خدمة الناس وتحقيق استقرار وعدالة وحل تناقضات المجتمع حلاً علمياً ، فإنها تؤسس لنظام حكم مستقر وآمن ودائم.
وما بني على مؤامرة تلتهمه نيران المؤامرة لا محالة …!!