وفاة الرائد المنسي !!
بقلم / محمد عبد الوهاب الشيباني
توفي قبل يومين في القاهرة الأستاذ الجليل (عبد الله حسن العالم) الشخصية الوطنية البارزة وأحد رموز التحديث في اليمن .
قبل ثلاثة أعوام كتبت تحت عنوان ( عبد الله حسن العالم … رائداَ منسياً)
مدينة القاهرة ، التي شهدت منتصف خمسينات القرن الماضي بزوغ نجمه كمناضل يمني أصيل ضمن ثلة من رموز التنوير في أوساط الطلاب اليمنين أمثال ” عمر الجاوي و أبوبكر السقاف ومحمد أحمد عبد الولي وسعيد الشيباني ومحمد أنعم غالب وابراهيم صادق ومحمد عبدالله باسلامة و أحمد الشجني ،وخالد فضل منصور ومحمد جعفر زين وعبد الغني علي وفيصل عبد اللطيف الشعبي ومحمد علي الشهاري. وعبده عثمان محمد وطاهر رجب ، وغيرهم.”
وقد وصلها بعد فترة قصيرة من وصول بعثة نادي الشباب اللحجي التي تبناها الاتحاد اليمني في العام 1954 ، والتي يسهل نعتها ببعثة السقاقفة الوهطيين لضمها خمسة طلاب نابهين من أسرة واحدة من قرية (الوهط) التابعة للسلطنة العبدلية آنذاك وهم ” عمر عبدالله الجاوي (السقاف) ، وعلي عيدروس السقاف، وأبوبكر عبدالرحمن السقاف ، ومحمد جعفر زين السقاف ، ومحمد عمر حسن اسكندر السقاف” والأخير كان أول رئيس لرابطة الطلاب اليمنيين في القاهرة ، وتزاملوا أيضاً مع مبتعثي المملكة المتوكلية و السلطنة العبدلية ومبتعثي الرابطة والاتحاد اليمني الآخرين، ومبتعثي الأندية القروية، الى جانب الطلاب الذين ذهبوا على نفقات اسرهم الخاصة ن لكنهم صاروا في القاهرة جزءً اصيلاً من بنية الحركة الطلابية اليمنية الموحدة.
يقول الأستاذ (علوان سعيد الشيباني) في مسودة مذكراته أنه تعرف على عبد الله حسن العالم مطلع الخمسينات في مدينة (دردوا) الأثيوبية ، وأرتبط بعلاقة صداقة كبيرة معه، لهذا حينما غادرها الى القاهرة للدراسة ، حاول الشيباني اللحاق به عن طريق الخرطوم ، لمزاملته في الدراسة في مصر ، لكنه لم يوفق لأسباب تتصل بالهوية ” لم يكن يحمل جواز سفر” والمؤهل ” لم يكن قد تحصل على تعليم منظم”
في صيف 1959 كان (العالِم) ضمن العائدين من القاهرة الى مدينة تعز ، والذين تضامنوا مع مطرودي المخابرات المصرية آنذاك ” عمر الجاوي ومحمد عبد الله باسلامة، ومحمد جعفر زين السقاف ” وكان معه من المتضامنين العائدين ” أبوبكر السقاف ومحمد أحمد عبد الولي وعلي حميد شرف وحمود طالب وأحمد الخربي و عبد الله صالح عبده و عمر غزال ونجيب عبد الملك أسعد و عبد الرحمن البصري وعلوي جعفر زين و خالد فضل منصور، وآخرين “، حيث عمل ولي العهد (محمد البدر) ، وبعد مراسلات و تظلمات ، وبعد موافقة والده المريض في ايطاليا ، على إعادة ابتعاثهم للدراسة الجامعية في عدد من دول المعسكر الاشتراكي مثل روسيا والمانيا ، ومن الذين اُبتعثوا محمد جعفر زين الى المانيا الشرقية لدراسة القانون ، و أبوبكر السقاف و عمرالجاوي ومحمد عبد الولي وعبد الله حسن العالم الى موسكو ، فتخصص الأول بالفلسفة والثاني بالصحافة والثالث هرب من الهندسة الى الآداب أما الرابع ( العالِم) فدرس العلوم السياسية والاقتصاد في جامعة موسكو ، وعاد بشكل نهائي الى صنعاء في العام 1967 ، وعمل لفترة في وزارة الاقتصاد ، ثم انتدب للعمل في المجلس الوطني ، قبل أن يغادر الى عدن، ومنها الى بيروت للعمل في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)
لسنوات طويلة ظل خبيراً مرموقاً في المنظمة وحينما تقاعد مطلع الألفية عاد الى صنعاء للإقامة الدائمة فيها ، لكن مع ظروف الحرب غادر الى دبي ، وهناك بدأت متاعبه الصحية تكبر فقامت أسرته بنقله إلى القاهرة لتلقي العلاج.
في فترة اقامته بصنعاء بقي صديقاً حميماً لرواد (منتدى الجاوي الثقافي) وقيادة (حزب التجمع الوحدوي اليمني) ومستشارهم الكبير في القضايا السياسية والتنموية و تاريخ الحركة الوطنية اليمنية ، وكانت مكتبته بالنسبة للكثير منهم منهلاً مهماً للقراءة المتنوعة، وإن معظم مستعارات الأصدقاء من الكتب القيمة من مكتبة العالِم كانت تتحول الى هدايا محببة للمستعيرين من صاحبها الكريم .
هو الوحيد من زملائه الرواد الذي ظل متوارياً عن الأنظار ، ربما لطبيعة انشغالاته المهنية وتكوينه وطباعه الهادئة المسالمة ، ولهذا يصعب كثيراً تتبع الكثير من محطات حياته ، لكن لا يمكن الحديث عن نشاط طلاب اليسار اليمنيين في القاهرة ابتداء من منتصف الخمسينات ووصولهم الى مؤتمر الطلاب اليمنيين في 23 يوليو 1956 دون ذكر لهذا الاسم الرائد، الذي لعب مع رفاقه “أدوراً رئيسية تتعلق بمستقبل اليمن ، وغطت هذه الأدوار مجالات عديدة من بينها المشاركة في صياغة الأهداف العامة للمرحلة التاريخية الجديدة والتحضير للثورة في الجنوب والشمال.” كما يقول الراحل الكبير الدكتور أحمد القصير في كتابه ” اصلاحيون وماركسيون – رواد تنوير اليمن 2014″ والذي قال أيضاَ في ذات الكتاب ” … وينبغي التنويه بأنه كانت هناك خلايا حزبية تتشكل من طلاب يمنيين ، وعلى سبيل المثال كان بين الوحدات الحزبية التي تشكلت من طلاب يمنيين بالحزب الشيوعي المصري الموحد عام 1956 وحدة ضمت ” أبوبكر السقاف وخالد فضل منصور ، وعمر الجاوي، وعبده عثمان محمد ، وعبدالله حسن العالم، ويشير ذلك إلى أن الذين أسسوا الحركة الطلابية اليمنية في مصر ، التي نتحدث عنها ، كانوا على صلة عضوية بالحركة الشيوعية المصرية”
تنويه
ما تم تضمينه النص من إشارات هي محاولة لرسم صورة قريبة للأستاذ عبدالله العالم ، من قراءات وتتبعات وسماع متعدد، وهي لا تخلوا من عيوب كثيرة، ويمكن للكاتب تلافيها في المستقبل ، حين تصوَّب بعض المعلومات الواردة فيها ، أو الإضافة الى محتواها ، ويعوِّل في ذلك على تفاعل من يحتفظون بمعلومات مختلفة عن سيرته.
اصدق التعازي وعظيم المواساة لاسرته واحبته وتلامذته.
29 يونيو 2023
صنعاء