الأخبارعربي ودوليمحليات

“بي بي سي” تكشف ما دار بين الملك السعودي الراحل خالد بن عبد العزيز ووزير خارجية بريطانيا ديفيد أوين

حيروت _ وكالات:

كشفت شبكة “بي بي سي” البريطانية محتوى وثائق حصلت عليها بمقتضى قانون حرية المعلومات، وثقت ما دار بين الملك السعودي الراحل خالد بن عبد العزيز، ووزير خارجية بريطانيا آنذاك ديفيد أوين.

وقالت “بي بي سي” إن الوثائق أكدت أن الحوار بين أوين وخالد كان ساخنا، وقال فيه الملك إنه ليس دبلوماسيا ويتحدث بما يدور في ذهنه بصراحة.

وحذر الملك الوزير البريطاني من أنه “لا يمكن أن ينجو زعيم عربي يرضخ لحل لا يأخذ حقوق الفلسطينيين في الاعتبار”، وأصر على حل عادل للقضية الفلسطينية يحسم وضع القدس.

وجاءت زيارة أوين للسعودية في أثناء نقاشات دولية بعد أربع سنوات من حرب أكتوبر عام 1973، بشأن عقد مؤتمر للسلام في الشرق الأوسط.

كما سبقت المفاوضاتِ المصرية الإسرائيلية المنفصلة التي أدت إلى اتفاقيات كامب ديفيد عام 1978 ثم اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل في العام التالي.

وفي الوقت نفسه، كانت إدارة أمريكية جديدة بقيادة جيمي كارتر، تعمل على إيجاد صيغة لجمع أطراف الصراع في الشرق الأوسط للتفاوض.

وذكرت “بي بي سي” أن أوين الذي كان قد تولى منصبه قبل شهور قليلة، أُرسل إلى السعودية لبحث أزمة اقتصادية يواجهها العالم وكان أبرز تجلياتها ارتفاع معدلات التضخم وأسعار النفط.

وحسب محضر اللقاء، وصف أوين القضية الفلسطينية بأنها “بلا شك الأكبر في الشرق الأوسط”، وعبر عن أمل في نجاح مساعي الرئيس كارتر في حلها.

ورد الملك خالد قائلا “إن المشكلة فعلا سهلة للغاية”، مضيفا أن المطلوب هو “العدالة والإنصاف فقط”.

وأكد للوزير أن “كل ما هو مطلوب قرار منصف من جانب القوى التي يمكنها التأثير في الأمور”.

وأضاف أنه “لا يطلب أن يأخذ هؤلاء موقف أي جانب بشكل مطلق، فقط ينبغي عليهم النظر إلى المشكلة نظرة عادلة”.

ورد أوين بأنه “لابد من تسوية تتضمن حلا وسطا لو أريد التوصل إلى نتيجة ناجحة” لمساعي إنهاء الصراع، وأقر بأن “درجة الاستعداد التي أبداها الزعماء العرب، وفي المقدمة جلالة الملك خالد، للوصول إلى حل في الوقت الحالي مشجعة”.

ووفق تصور الملك خالد حينها، فإن انسحاب إسرائيل الكامل من كل وليس بعض، الأراضي العربية التي احتلتها في حرب عام 1967 ضروري.

وقال “أخذ الإسرائيليون فلسطين كلها وأيضا أجزاء من مصر وسوريا، ويجب أن ينسحبوا من الأراضي التي احتلوها بشكل غير قانوني”.

ووافق أوين على الانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة، وهذا يؤكد أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242، الذي صاغته بريطانيا في نوفمبر عام 1967، قُصد به الانسحاب من كل الأراضي العربية المحتلة وليس جزءا منها.

ورد أوين على الملك قائلا إنه “يجب أن يُعطى الإسرائيليون أسبابا قوية للإيمان بأنهم سوف ينعمون بالأمن”.

غير أن الملك رد بنبرة حاسمة، قائلا: “ليس لدى الإسرائيليين ما يخشونه، بل العرب هم الذين لديهم سبب للخوف من العدوان”، واعتبر أن “التهديد معكوس”، أي أن إسرائيل هي التي تهدد العرب.

وهنا، تدخل الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي الراحل، شارحا وجهة نظر الملك قائلا إنه يجب “التمييز بين تهديد محتمل، وتهديد واقع”، واصفا “المخاوف” الإسرائيلية بأنها “وهمية مُتخيلة”.

ومع ذلك، قال الملك إن السعودية “مستعدة لدراسة أي وسيلة للوصول إلى حل”، وطالب بريطانيا بأنه “لا بد من حل القضية الفلسطينية”.

وأجاب أوين ملفتا إلى أن هناك “تطورا هائلا في وجهات نظر الزعماء الغربيين”.

وأشار إلى أن الدليل على هذا هو أن الأهمية المركزية للقضية الفلسطينية هي الآن مقبولة عموما، ووصف هذا القبول بأنه “تغير ملحوظ للغاية عن الاتجاهات حتى التي كانت قبل خمس سنوات.

وفي ختام النقاش بشأن القضية الفلسطينية، حذر الملك خالد البريطانيين من عواقب استمرار المشكلة لمدة 30 عاما على المصالح العربية والغربية معا، وحمل بريطانيا والغرب المسؤولية.

وقال أوين إن السياسيين البريطانيين الحاليين لا ينبغي أن يتحملوا إلى ما لا نهاية مسؤولية أخطاء سابقيهم التاريخية، ورد الملك بأن عليهم أن يصححوا هذه الأخطاء، ثم عاد الوزير ليقول “هناك الآن فرصة حقيقية لتسوية المشكلة في العام المقبل”.

وخلال زيارته للمملكة، التقى أوين مع ولي العهد السعودي الأمير فهد بن عبد العزيز، والأمير سعود الفيصل، كل على حدة، وفي كلا اللقاءين كانت القضية الفلسطينية على رأس قائمة قضايا المباحثات.

 

وتزامن لقاء فهد وأوين مع استعداد الأمير السعودي لزيارة الولايات المتحدة للقاء الرئيس كارتر كي يشرح له كيفية تفكيره في سبل حل الصراع بين العرب وإسرائيل.

وتحدث فهد عمن وصفهم بالمتطرفين والمتعصبين الإسرائيليين الذين “ما زالوا يعتقدون بفكرة الانتصار النهائي”، الذي أكد أنه لن يحدث.

وأرجع ذلك إلى أن هناك الآن 100 مليون عربي، لديهم الموارد البشرية في صورة قوات مسلحة متينة، ولديهم موارد مادية وطاقة ومستويات مرتفعة من المهارة والتعليم والمساعدة من الخارج.

وخلص إلى أنه من المستحيل أن تحقق إسرائيل انتصارا نهائيا، مضيفا أن  الزعماء العرب، لهذا السبب، مستعدون للعمل من أجل تطوير العلاقات مع إسرائيل، كي يمكن أن تكون هناك نهاية لحالة الحرب.

وأنهى الأمير فهد كلامه بأنه “لا يطلب من المملكة المتحدة أن تقف بجانب العرب ضد إسرائيل”، لكنه “لا يتوقع أن تقف المملكة مع الإسرائيليين ضد العرب”.

وفي رده، أبدى الوزير البريطاني “اتفاقه مع تحليل” الأمير فهد، للمشكلة الفلسطينية، مضيفا أنه ستكون هناك “عواقب كبرى” لو ضاعت الفرصة التي رآها متاحة لتسوية النزاع.

المصدر: “بي بي سي”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى