قراءة في حرب اللاعنف بقلم| عبدالباري طاهر
بقلم| عبد الباري طاهر
دعوة اللاعنف قديمة قدم التاريخ البشري، ولها نماذج كثيرة في الأمم والشعوب، ولكنها في عصرنا تعددت تجاربها، وأصبح لها رموز كثيرة، من أبرزها الزعيم الهندي غاندي، والمناضل الفذ نيسلون مانديلا.
كتاب “حرب اللاعنف” للأساتذة: وائل عادل، والدكتور هشام مرسي، وأحمد عادل عبد الحكيم من الإصدارات المهمة، ولعل تنظير وانشغالات جين شارب في هذا الجانب لها التأثير الكبير.
كتاب “حرب اللاعنف” متوسط الحجم، يقع في 254 صفحة، ويشتمل على تمهيد، ومقدمة، وخمسة أبواب، وعدة فصول، وخاتمة.
تشير المقدمة إلى أن حرب اللاعنف (الخيار الثالث) ضروري للمهتمين بقضية التغيير للتحرر من الدكتاتورية، وتجنبًا للوقوع في ثنائيات: إما العنف، أو الاستسلام.
يعود الكتاب بالتاريخ لحرب اللاعنف إلى القرن الخامس قبل الميلاد، ويفرق بين مستويات خمسة تشكل البناء التغييري الهرمي لتلك الحرب، وسوف أتناولها باختصار شديد:
الأول: مستوى الفلسفة، ويمثل قاعدة البناء، وأرضية الحركة التغييرية.
الثاني: مستوى السياسات، وهي إطار التصرف، أو موجهات وقيود الفعل، ولا بد أن تكون متسقة، ونابعة من الفلسفة.
الثالث: الاستراتيجيات، وهو أسلوب التفكير في الحلول، وتحديد أداة التغيير الرئيسية، وأداة الحسم.
الرابع: التكتيكات، وتعني استخدام الموارد المتاحة البشرية والمادية، وتشمل الوسائل والخطط التنفيذية، وهناك تشابه كبير بين الخطط العسكرية، وخطط حرب اللاعنف. الخامس: التنفيذ: الإجراءات، وخطوات العمل.
الاستراتيجيات، والتكتيكات، والتنفيذ تجيب على سؤال “كيف تخاض الحرب”؟ أما الفلسفة والسياسات، فتمثل قاعدة البناء التغييري.
يفرق بين الواقعية السياسية، والواقع السياسي؛ بأن الواقع السياسي يعني الحالة القائمة، أما الواقعية السياسية، فهو أسلوب التعامل معها.
النشأة والجذور
يتناول تجربة غاندي، فالقوة التي اكتشفها غيرت القرن العشرين، كما يشير إلى لجوء ماركس إلى فكرة تنظيم حملة لإقناع أوروبا بعدم دفع الضرائب خلال الثورة التي اجتاحت أوروبا خلال عام 1848، ويرجع الكتاب بفكرة حرب اللاعنف إلى العصر الروماني 494 قبل الميلاد. بذور اللاعنف تعود إلى ثورة الجماهير ضد ظلم القناصلة باللجوء إلى جبل سمي “الجبل المقدس”، رافضين المشاركة في الحياة السياسية.
يتناول الكتاب نماذج القارات الثلاث: الآسيوية، والإفريقية، والأمريكية.
القارة الآسيوية: استخدمت الثورة الروسية هذا الأسلوب أوائل القرن العشرين 1905، واستخدمت النقابات العمالية في البلدان المختلفة الإضرابات، والمقاطعات الاقتصادية؛ فقد قاطع الصينيون المنتجات اليابانية 1908، و1915، و1919 في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين، واستخدم المواطنون الهنود حرب اللاعنف ضد بريطانيا بقيادة غاندي، ونجح الكفاح في استقلال الهند عام 1947. لقد صام غاندي عدة أيام، لمنع الحرب بين المسلمين والهندوس، ودعا لوحدة شعوب القارة الهندية، واغتيل بسبب ذلك.
في سبعينيات القرن الماضي تخوض الثورة الإيرانية ملحمة من ملاحم اللاعنف انتهت بسقوط الدكتاتور عام 1979، ويشير إلى سقوط ماركوس في الفلبين بواسطة حرب اللاعنف عام 1986، وفي عام 1988 أجمع البورميون الديمقراطيون على مواجهة الدكتاتورية العسكرية باستخدام المسيرات والعصيان؛ ما أدى إلى إسقاط ثلاث حكومات.
في 1989 قاد الطلاب الصينيون الاحتجاجات الرمزية ضد الفساد، والقمع الحكوميين في أكثر من ثلاثمئة مدينة شملت بكين (ساحة تيانانمن)، وهي الاحتجاجات التي انتهت بالتدخل العسكري، وقتل الكثير من المحتجين.
لم يشر الكتاب إلى الثورات السلمية الكبرى كثورة مصر (ثورة عرابي 1882)، والتي قال غاندي أنه تعلم ثورته من الشعب المصري، وثورة المشروطة في تركيا، وثورة الدستور في إيران عام 1906، وثورة التنباك في إيران عام 1890 كاستجابة لفتوى الملا محمد حسن الشيرازي التي هزت عرش الشاه، وحقيقةً، فإن هذه الثورات أثرت عميقًا في حياتنا العربية. [الكاتب].
القارة الإفريقية
في إبريل من عام 1961 رفض الجنود الفرنسيون التعاون مع سلطات الانقلاب العسكري في الجزائر- المستعمرة الفرنسية حينذاك، وما واكبه من مظاهرات حاشدة في باريس، ومن رفض لحكومة ديغول لهذا الانقلاب؛ مما أحبط الانقلاب العسكري في الجزائر، وكان له ارتباط بانقلاب آخر في باريس. وقد تناول المؤلفون الموضوع بتوسع في المحلق الخاص بنماذج حرب اللاعنف.
ويرى الكتاب أن الاحتجاجات اللاعنفية، والمقاومة الجماهيرية هي من قوض سياسات التمييز العنصري، والهيمنة الأوروبية في جنوب أفريقيا، خاصةً في الفترة ما بين عامي 1950 و1990.
القارة الأوروبية
يتناول استخدام الألمان اللاعنف في مواجهة العصيان المسلح عام 1920، وفي مواجهة الاحتلالين الفرنسي والبلغاري لحوض نهر الرور عام 1923.
ويشير إلى كفاح النرويج والدانمارك وهولندا ضد الاحتلال والحكم النازي في الأعوام 1940، وحتى العام 1945، وهو الكفاح السلمي الذي أضعف قبضة الحكم النازي، وتعد التجربة النرويجية من أكثر تلك التجارب نجاحًا.
ويشيد بتمكن التشيك والسلوفاك من إيقاف سيطرة حلف وارسو على أراضيهم لمدة ثمانية أشهر عام 1968، و1969، ويشير إلى الفترة ما بين1953، وحتى 1990 لاستخدام كفاح اللاعنف؛ لانتزاع المزيد من الحريات في أوروبا الشرقية، وخاصةً في ألمانيا الشرقية، والمجر، ودول البلطيق.
يتناول كفاح اللاعنف في بولندا (حركة تضامن عام 1981)، وكفاح تشيكوسلوفاكيا عام 1980، وألمانيا الشرقية، وايستونيا، ولاتفيا، وليتوانيا عام 1991، ويشيد بحملة كوسوفو: “لا تعاون” ضد الحكم الصربي، ولكن كانت الخطيئة الانجرار لحرب العصابات؛ ما أدى إلى إبادة عرقية ضد مسلمي البوسنة، ثم كان تدخل حلف الناتو في نهاية الأمر.
ويؤكد على دور حركة اوتبور، وتعني المقاومة في اللغة الصربية في تحدي حكم ميلوسوفيتش بخوض كفاح ديمقراطي مخطط ومتأنٍ انتهى بإسقاط الدكتاتور.
أما في الأمريكيتين، فقد استطاع شعبا السلفادور وغواتميالا من إسقاط الدكتاتوريين عام 1944 بكفاح اللاعنف، واستطاع مناضلو الحقوق المدنية الأمريكية ضد التمييز العنصري بتغيير القوانين والسياسات المتبعة في جنوب الولايات المتحدة، كما تمكنت الجماهير التشيكية من هزيمة الدكتاتور بينوشيت عام 1987.
ويتناول حركات المقاومة، والتدخل الأجنبي، والاعتراض على اللجوء للأجنبي؛ مشيرًا إلى:
1- إن الأساس والسبب سياسة الحاكم.
2- جل الحركات تتجنب أن توصم بالتبعية للأجنبي.
3- حرب العنف تشبه الحرب العسكرية النظامية، وحرب العصابات في بنيتها؛ فهي محتاجة للدعم الفني والمتدربين، والبنية المالية، والخبراء، والاستشاريين في غرفة العمليات، وتحديد شكل الدعاية وغيرها.
4- مصالح الدول متشابكة متداخلة، وهناك الكثير من التقاطعات حتى في الأيديولوجيات المختلفة. ويتساءل: هل من سبيل لمنع التدخل الأجنبي؟ ويجيب: بناء المؤسسات القادرة على سد حاجات المقاومة؛ ليكون التعامل مع القوى الخارجية، وهو أمر لا مفر منه؛ نتيجة التقاطعات والتشابكات بين الدول من موقع الندية.
مفهوم حرب اللاعنف
يكرس الباب الثاني لمفهوم حرب اللاعنف، موردًا عدة مصطلحات: قوة الحقيقة، الاحتجاج السلمي، المقاومة السلمية، المقاومة المدنية السلمية، والمقاومة السلبية، والمقاومة غير العسكرية، والعصيان غير المسلح، والعصيان المدني، واللاتعاون، والمقاومة اللاعنيفة، واللاعنف.
ويقرأ هذه المصطلحات ناقدًا ومعطيًا لمصطلح حرب اللاعنف الترجيح. ويتناول التطورات التكنولوجية التي جاءت في إطار تطور تكنولوجيا الحرب، كذلك في حرب اللاعنف مضاعفة القدرات، وإحداث ثورة في نمط الفعل. ويرى أن حرب اللاعنف لا تترك العلم والتكنولوجيا حكرًا على الحكومات، والطفرة القادمة هي تحويل المقاومة اللاعنفية من خلال امتلاك تكنولوجيا خاصة تتفوق على تلك التي تمتلكها الحكومات. (ص 50).
في ثلاثة فصول يتناول في الفصل الأول منها: طبيعة الصراع، وفي الثاني: أطراف الصراع، وفي الثالث: طبيعة القوة السياسية،
وفي الفصل الرابع: طبيعة أسلحة حرب اللاعنف.
في فصل طبيعة الصراع يتحدث عن شن الصراع الحاسم على الخصوم المعاندين من خلال التحكم المقصود والمخطط في أدوات القوة السياسية؛ لتحطيم إرادة الخصم باستخدام أسلحة لاعنفية قوية التأثير.
يقرأ حتمية الصراع، وظاهرة التنوع والاختلاف، وظاهرة الندرة، وشن الصراع، وتعريفه، وأنواعه، وخلل النتائج، وعدم القدرة على الحشد الجماهيري، وفقدان الاتجاه.
في الفصل الثاني
طبيعة أطراف الصراع، ودوافع أطراف الصراع لشن الصراع، وأنواع الصراع الصغرى، وصراع النقاط، وتفاعل الأطراف مع فكرة الصراع، ونتائج الصراع، والتسوية، والتنازلات المتبادلة.
كما يدرس طبيعة القوة السياسية، ويعرفها بأنها القدرة على التأثير في سلوك الآخرين، ويختار تعريف “القدرة على العقاب، والمكافأة، والإجبار، والمناورة؛ لإخضاع الآخرين”. يقسم القوة إلى ذاتية، وأحادية، والأحادية قوة الحاكم الذاتية التي يطيعها الشعب، ويرجع إليها. أما القوة الذاتية، فمتعددة المصادر، وهي القوة الحقيقية؛ فالسلطة تحتكر العقاب، والثواب، والإجبار، والمناورة؛ فقوتها ذاتية. اتجاه القوة هابط من أعلى (الحكم)، إلى أسفل (الشعب).
إن القوة في جميع الحكومات تنبع من أقسام كثيرة للنظام، وهذا الهرم تحمله قوة اجتماعية هي التي تمنحه الحياة. (ص91).
ويعتبر الانقلابات العسكرية تعبيرًا عن الطبيعة الأحادية للسلطة، وكقلة سيمكنها من السيطرة على السلطة بواسطة عدد محدود من الضباط، وبضع مئات من الجنود.
أما القوة متعددة المصادر، فتقوم على العمل السياسي لازدياد وعي الشعوب، وانتشار حقوق الإنسان، ويدلل بنماذج وتجارب انتصار العديد من الشعوب في القارات الثلاث والأمريكيتين.
ويرى أن الطبيعة الجماعية للقوة هي نظرية البشرية المستقبلية المتطورة، ويرى أن التغيير بالقوة من قبل القوة سرعان ما يتحول إلى فساد، حتى لو كان موجهًا في البدء ضد الفساد، أما التغيير الجماعي، فإنه حريص على ثقة المجتمع بنفسه، وتطوير إمكانياته بما يحول ضد المتحول إلى الدكتاتورية، بل إنه يجب على قادة الحركة التغييرية أن يدركوا أن المقياس الحقيقي للقوة يكمن في الأثر المترتب عليها؛ أي أن مقياس القوة في نتيجتها، وليس في أدواتها، ويدلل بالحرب الفيتنامية- الأمريكية، فالقوة الأمريكية الأكبر عقيمة غير منتجة، وهو ما ينطبق على القوة العسكرية السوفيتية في أفغانستان، فليس العبرة بمن يتحكم في أدوات القوة، وإنما في كيفية استخدامها للوصول إلى النتائج المرجوة، مؤكدًا على أهمية عدم رهبة الحركات التغييرية لقوة الخصم. (ص 103 بتصرف).
يميز بين حرب اللاعنف، والاستجابات السلمية للصراعات: الاسترضاء الشعبي، والتسوية، والمفاوضات؛ فهي تعني المقاومة، ولكن بأسلحة أخرى لا تعترف بتسول الحرية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا ما تعمله حاليًا الانتفاضة السودانية. [الكاتب].
يؤكد على المقارنة بين حرب اللاعنف، والحرب العسكرية في رسم الخطط، والاستراتيجية، والتكتيكات المختلفة، وطبيع الكر والفر؛ إنها حرب، ولكن بأسلحة أخرى، كما يؤكد المؤلفون. [الكاتب].
كما يشدد على التمييز بين المقاومة، والاحتجاج؛ ليتمكن النشطاء من تحديد الدرجة التي يقفون عليها، ويختارون الوسائل الأنسب لتحقيق أهدافهم.
حرب اللاعنف لا يحسمها عادة أي طرف من طرفي الصراع المباشرين: النظام، والمقاومة، بل إن عنصر الحسم هو قدرة أحد الطرفين على القوز بالطرف الثالث، والتأثير فيه. هذا الطرف الثالث هو المجتمع، فلا سبيل أمام حركة المقاومين لعزل الحاكم عن مصادر قوته، وإصابته بالمجاعة السياسية إلا عبر التأثير في الجماهير، والمؤسسات والقوى الداعمة وإقناعها بسحب تعاونها مع الحكم. (ص 133).
كما يشدد على علنية حرب اللاعنف، فهو مبدأ أساسي في هذه الحرب، ويحدد تسعة أساسيات لحرب اللاعنف:
الأول: حرب اللاعنف مقاومة، وليست احتجاجًا.
والثاني: الفوز بالطرف الثالث (المجتمع).
والثالث: حرب اللاعنف والنضال فوق الدستوري.
والرابع: علنية لا تعرف السرية.
والخامس: العمل المباشر.
والسادس: الاقتراب غير المباشر.
والسابع: الالتزام بمبدأ اللاعنف.
والثامن: النظرة للممكن والصواب.
والتاسع: الرمزية، وهو عمل مؤقت ومحدود.
في الباب الخامس: يتناول ملاحق تشتمل على التجارب التغييرية لحرب اللاعنف، يتناول الثورة الروسية، فيقرأ حكم القياصرة آل رومانوف، واستبدادهم، وفسادهم، وثورة فبراير 1917 التي أطاحت بالحكم القيصري؛ فقد بدأت بتظاهر نساء بتروغراد (اليوم العالمي للاحتفال بيوم المرأة). ثم يسرد المظاهرات، واشتراك الجنود مع المواطنين في احتلال الشوارع، وأدت إلى تكوين السوفيات المجالس الثورية، واضطر القيصر إلى التنازل، وأدى فشل الحكومة إلى الانتفاضة المسلحة، وقيام الثورة الاشتراكية في 24 أكتوبر 1917. ويورد المقاومة الصينية لليابان عام 1894؛ فقد وقعت الحكومة الصينية (أسرة شينغ) اتفاقية إذعان لتسليم تايوان لليابان، وعمت الاحتجاجات الصين، وصولاً إلى الحرب الوطنية لطرد اليابان.
كما يتناول التجربة الهندية، وهي أهم تجارب اللاعنف إن لم تكن أهمها على الإطلاق. شارك غاندي في الحرب اللاعنفية في جنوب أفريقيا، وزار مصر في طريقه إلى الهند، وعرف عن ثورة عرابي، ثم عاد إلى الهند، وهو يحمل هم قضية أمته.
في العام 1930 أعد غاندي برنامجًا يتضمن المطالب السياسية، وخطة واضحة للتمرد، مركزًا على قانون الملح المحتكر لبريطانيا. دعا شعبه للخروج معه إلى الساحل لاستخراج الملح. كانت مسيرة الملح الشرارة الأولى؛ فقد بدأت التجمعات الجماهيرية والاستعراضات الضخمة، وقاطع الهنود الملابس الأجنبية، وهجر الطلاب المدارس الحكومية، وبدأ رفع الأعلام الوطنية، والمقاطعة لموظفي الحكومة، والإضرابات العامة، والاستقالات الجماعية، ومقاطعة المصالح الحكومية، وشركات التأمين الأجنبية لخدمات البريد والتلغراف، والامتناع عن دفع الضرائب، واحتلال مصانع ومراكز إنتاج الملح.
اعتقل غاندي ومئة ألف هندي بينهم سبعة عشر ألف امرأة، ترافق ذلك مع إطلاق النار، وفرض الرقابة، ومصادرة الممتلكات، وفرض الرقابة، ومصادرة الممتلكات، ومنع الاجتماعات، وقتل الكثير من المقاومين. بدأت مفاوضات لم يهتم بها غاندي، وكان همه الاستقلال، وحصلت الهند على استقلالها عام 1947.
ويدرس التجربة الإيرانية، ويركز على ثورة الخميني. والواقع أن التجربة الإيرانية من أهم ثورات القرن العشرين؛ فقد تصدى الملايين بصدورهم العارية للرصاص، وعلى مدى أشهر، لسادس جيش في العالم، ولأخطر أمن ومخابرات في العالم.
ما يعيب الكتاب أنه لا يتناول الثورة الدستورية عام 1906، وكانت من أوائل ثورات القرن العشرين، ولها علاقة وارتباط بثورة المشروطية في تركيا؛ فالدعوتان للدسترة يتزامنان، وإن كانت البداية في تركيا بحكم التأثير الأوروبي، وقوة المعارضة العصرية.
ويدرس الطابع الديني للثورة، وخطابات الإمام الخميني، ومساندة البازار والآيات الإيرانية. والحقيقة أن الثورة الإيرانية رغم انتصارها بالمظاهرات إلا أن حركات ثورية كان لها حضور كبير كحزب توده الشيوعي، ومجاهدي خلق الإسلامية وزعمائها.
مفكران إسلاميان إصلاحيان: على منتظري- نائب الإمام، ومحمود طلقاني، وهما من قادة الثورة الميدانيين، ويؤمنان بولاية الأمة بدلاً من ولاية الفقيه؛ ولذلك أقضيا؛ فقد اعتقل طلقاني، وفرضت الإقامة الجبرية على منتظري. [الكاتب].
وهناك تجارب الفلبين، والتجربة الفرنسية في الجزائر، وتجربة جنوب أفريقيا، وهي من أهم التجارب.