حرض: من منطقة حيوية للتبادل التجاري إلى ساحة مفتوحة للمعارك الضارية.. إلى أين تتجه البوصلة؟
حيروت – خاص
انقطعت الحياة عن مدينة حرض منذ الأيام الأولى لعاصفة الحزم في مارس 2015، بعد أن كانت هذه المدينة المحاذية للسعودية تعتبر من أكثر مدن اليمن نشاطا وحيوية بحكم اتصالها بأهم منفذ مع “الجارة الكبرى”. لكن هذه المدينة تشهد اليوم تصعيداً سعودياً هو الأكبر من نوعه منذ أعوام، وهو ما قوبل بعملية عسكرية عكسية من جماعة الحوثي أوقفت من خلالها الهجوم عند أطراف حرض، وذلك إثر هجوم مضاد كسر الحصار الذي فرضه التحالف السعودي الإماراتي على العشرات من مقاتليها، منذ الجمعة الماضي.
وفي أعقاب معارك عنيفة استُخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة، تمكنت قوات الحوثي من استيعاب الهجوم ثم التقدم في مناطق واسعة جنوب شرقي المدينة، وسيطرت على جبل الحصنين الاستراتيجي بعد استعادتها لمنطقة المحصام، في وقت جرت مواجهات من المسافة صفر في الأطراف الجنوبية الغربية. كذلك، تمكّنت قوات الحوثي من فتح الخط الحدودي الرابط بين مدينة حرض ومحافظة صعدة، وسيطرت على مرتفعات حدودية جنوب المدينة، تطلّ على مناطق صحراوية في منطقة الطوال السعودية، وتمنح المتحكّم بها السيطرة النارية على مساحات واسعة، والقدرة على استهداف أيّ تعزيزات سعودية قادمة، بحسب مصادر عسكرية تابعة لجماعة الحوثي.
وأضافت المصادر أن قوات الحوثي كثّفت من هجماتهما الصاروخية على ثكنات الجيش السعودي باستخدام صواريخ قصيرة المدى، سواءً في محيط حرض أو في العمق السعودي، ما أدّى خسائر بشرية في صفوف المهاجمين.
ويرى مراقبون أن الهدف من هذا التصعيد السعودي هو تخفيف الضغط على معركة مأرب وإشغال قوات الحوثي عنها، كذلك السيطرة على حوض حرض النفطي، وهو الحوض نفسه الذي منعت السعودية، اليمن، من استكشاف النفط فيه في عهد الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي، قبل اغتياله أواخر عام 1977.
وكانت المملكة فشلت، مطلع عام 2014، في شراء أراضٍ حدودية واسعة على امتداد 10 كلم يقع فيها الحوض، من زعماء قبائل يمنيين. ومن هنا، يعتقد خبراء أن هذا التصعيد «ذو طابع اقتصادي صرف»، في منطقة ظلّت إلى ما قبل الحرب تمثّل أحد أهم المنافذ البرّية بين اليمن والسعودية شمال غربي البلاد.
ووفقاً للخبراء، فإن أول عملية تنقيب عن النفط جنوب مدينة حرض، أجريت في عهد الرئيس الحمدي مطلع عام 1977، من قِبَل شركة «شل» الأميركية، بعد مسوحات أثبتت وجود كميات كبيرة من النفط الخام في هذه المناطق الحدودية. إلا أن الشركة التي كانت باشرت في حفر 20 بئراً، سرعان ما توقّفت عن العمل قبل موعد افتتاح أول بئر في الذكرى الـ15 لـ”ثورة 26 سبتمبر”، نتيجة الاعتراض السعودي على التنقيب تحت ذريعة أن الدولتين لم تقوما بترسيم الحدود، وهو ما أدّى إلى أزمة سياسية بين الرياض وصنعاء انتهت بجريمة اغتيال الحمدي وشقيقه عبدالله.
وتبعد مدينة حرض نحو 10 كيلومترات عن منفذ الطوال الحدودي، المعبر الرئيسي الرابط بين اليمن والسعودية، وتسعى قوات التحالف السعودي الإماراتي للسيطرة عليه وإعادة تشغيله، وفي حال نجحت فإنها ستتحكم بالطريق الرئيسي الرابط بين ميناء ميدي ومناطق شمالية أخرى تقع في نطاق سيطرة جماعة الحوثي.
وفي هذا الصدد، يشار إلى أن المنطقة التي تفصل حرض ومنفذ الطوال ظلت ساحة معارك عنيفة بين الحوثيين من جهة والقوات السعودية والسودانية من جهة أخرى، على مدى السنوات الماضية.