حيروت – خاص :
انتقد كتاب يمنيون وسعوديون معهد بروكينغز لنشره تحليلاً خاصا باليمن ، كتبه باحث وسياسي ومستشار لأربعة رؤساء أمريكيين سابقين وهو الكاتب بروس ريدل ، وقال فيه “انتصر الحوثيون في اليمن، ماذا بعد؟”.
الأمر أغاظ عدداً من الكتاب اليمنيين الذين يحملون توجهاً مناهضا للحوثيين بالإضافة إلى كتاب وناشطين سعوديين ، مطلقين سيلاً من الإتهامات على الخبير الأمريكي ريدل ، حيث قالت ندوى الدوسري في تغريدة لها على تويتر إن الكاتب يحاول تجسيد أولوية الولايات المتحدة لفهم الصراع في اليمن ويحمل المقاومة الشعبية والسعودية مسؤولية الصراع في اليمن، لكنه لا يفهم الصراع في اليمن مطلقا.
وأضافت الدوسري أن ما كتبه هو مقال آخر جديد من المعلومات المضللة.
وقالت ميساء شجاع الدين بغض النظر عن التحليل الضحل لبروس ريدل في معهد بروكينغز فإن معلوماته ايضا زائفة.
وقال علي السكني إنه جزء من معلومات مضللة أخرى.
بينما قال الباحث مشير المشرعي إنه مقال يحوي المغالطات مثل الزيود حكمو اليمن لمدة ألف سنة، ويطلب من إيران انسحاب مستشاريها فقط من اليمن وفتح الرحلات الى طهران وتسليم ميناء الحديده للإيرانيين في المقابل يطلب من امريكا سحب جنودها وأسلحتها وإيقاف بيع الذخيرة للسعوديه لتدميرها.
وبروس ريدل هو سياسي أمريكي ومستشار لاربعة رؤساء أمريكيين منذ جورج بوش الأب وحتى اوباما، ويشغل منصب مستشار لشؤون الشرق الأوسط وجنوب آسيا في مجلس الامن القومي وهو زميل رفيع في مركز سابان لسياسات الشرق الأوسط في معهد بروكينجز .
حيروت بحث عن ترجمة للمقال التحليلي كما وردت ، ونعيد نشره لمتابعينا حتى يعطوا وجهة نظرهم بالمقال دون تأثير من المؤيدين أو المعارضين له :
جاء في المقال للخبير بروس ريدل “انتصر الحوثيون في حرب اليمن وهزموا معارضيهم في الحرب الأهلية، والسعوديين والإماراتيين الذين تدخلوا ضدهم عام 2015 بدعم من الولايات المتحدة. وهو إنجاز لافت لميليشيا لا تملك قوة جوية أو بحرية. وهي قصة نجاح مدهشة مثل حزب الله في لبنان”.
وأشار إلى أن الحوثيين هم شيعة زيديون، يختلف مذهبهم عن شيعة إيران والعراق ومناطق أخرى. وينسبون إلى زيد بن علي حفيد علي بن أبي طالب، ابن عم الرسول وصهره. وفي عام 740 قاد زيد بن علي انتفاضة ضد الإمبراطورية الأموية التي كانت تحكم من دمشق وقتل في الثورة ويعتقد أن رأسه مدفون في مدينة الكرك الأردنية. وتشير السير الذاتية عنه إلى أنه كان نموذج الخليفة الصالح للحكم ومحارب الفساد، الذي كان في مركز ثورته. وجعل الحوثيون بدورهم مكافحة الفساد -على الأقل اسميا- في جوهر ثورتهم.
واتخذ الزيديون من جبال اليمن مركزا لهم ومنذ عدة قرون وقاتلوا للسيطرة على اليمن بنجاحات متباينة، وخاضوا الحرب ضد العثمانيين ومن ثم الوهابيين في السعودية. ومع انهيار الدولة العثمانية في عام 1918، أعلنت مملكة زيدية باسم الدولة المتوكلية حكم شمال اليمن. وفي عام 1962 قام زعيم دعمته مصر بإنهاء حكم الدولة المتوكلية وأعلن عن ولادة الجمهورية العربية اليمنية وعاصمتها صنعاء.
وأرسلت مصر المسلحة بالسلاح السوفييتي جنودها لدعم الانقلاب، لكن المؤيدين للملكية فروا إلى الجبال القريبة من السعودية وخاضوا حربا للسيطرة على البلاد بدعم من الرياض ضد التدخل المصري، وكذا إسرائيل التي دعمتهم سرا. وانتهت الحرب بانتصار الجمهوريين، وبعد سلسلة من الانقلابات وصل إلى السلطة جنرال زيدي مؤيد للجمهورية اسمه علي عبد الله صالح عام 1978، وحكم اليمن أو أساء حكمها لمدة 33 عاما. ووحد الشمال مع الجنوب في 1990 ومال نحو دعم صدام حسين في حرب العراق الأولى عام 1991 ونجا من محاولة انفصالية في الجنوب دعمتها السعودية عام 1994. وظهرت الحركة الحوثية في التسعينات من القرن الماضي تحت زعامة شخصية جذابة وهو حسين الحوثي الذي سميت الحركة باسمه، وكان هدف التمرد هو مكافحة فساد صالح.
ويرى الكاتب أن الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 أدى إلى تشدد الحركة كما حدث في مناطق عدة من العالم العربي. وتبنى الحوثيون شعار “الله أكبر الموت لأمريكا الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود والنصر للإسلام”. وأعلنت الحركة عن اسمها الرسمي “أنصار الله”، وكانت نقطة تحول في تاريخ الحركة التي لم يسمع بها أحد خارج اليمن، وواحدا من التداعيات غير المقصودة لمغامرات جورج دبليو بوش في العراق.
وفي عام 2003 شن صالح سلسلة من الهجمات لقمع الحركة وتدميرها. وفي 2004 قتلت قوات صالح حسين الحوثي. وتم استخدام القوة الجوية والبرية لقمع التمرد وبخاصة في إقليم صعدة. وانضم السعوديون إلى الحملات بدون نجاح. وبعد الإطاحة بصالح في انتفاضات الربيع العربي عام 2011، عين مكانه نائبه عبد ربه منصور هادي في شباط/فبراير 2012، ثم بدأ الحوثيون عام 2014 بالتعاون السري مع صالح ضد هادي. وكان نفاقا واضحا من الطرفين، حتى بمعايير السياسة في الشرق الأوسط. لكن التحالف كان مؤقتا حيث قتل صالح عام 2017 عندما حاول تغيير موقفه والعودة إلى المعسكر السعودي.
وتساءل الكاتب عن السبب الذي جعل الحوثيين ينتصرون، ويشير إلى نموذج حزب الله في لبنان الذي استطاع طرد الإسرائيليين من جنوب لبنان عام 2000، حيث أصبح واحدا محفزا ومدربا لهم بالإضافة لإيران التي كانت مصدر دعم آخر للحوثيين، وبخاصة بعد اشتراك الحركة وطهران مع العدو المشترك وهي السعودية. لقد ألقى انتصار حزب الله بظلاله على الحوثيين بعدة طرق، فسجل الجماعتين في حقوق الإنسان ليس جيدا، وقدمت الحركتان نفسيهما على أنهما مدافعتان عن الوطن ضد الغزاة الأجانب: إسرائيل والسعودية اللتين دعمتهما أمريكا. فقد نجح حزب الله بطرد إسرائيل بعد عقدين من المقاومة ودمرت دولة الجنوب الموالية لإسرائيل. وبات يهدد إسرائيل بمئات الآلاف من الصواريخ والطائرات بدون طيار. أما الحوثيون فقد استطاعوا التحكم بالحرب منذ بداية الحملة السعودية عام 2015 ووسعوا مناطقهم وهم يقتربون من السيطرة على آخر معقل حكومي في الشمال، وهي مدينة مأرب الغنية بالنفط.
واستخدم الحوثيون الصواريخ والمسيرات لضرب أهداف ضد السعودية والآن أبو ظبي، وبدعم من إيران وحزب الله. وانتصارات الحوثيين يجب ألا تعمينا عن ثمن الحرب الباهظ في اليمن، وبحسب صندوق التنمية التابع للأمم المتحدة، فقد قتل حوالي 377.000 يمني بنهاية عام 2021، ومعظمهم بطريقة غير مباشرة ونسبة 70% هم أطفال تحت سنة الخامسة. وكان الحصار السعودي لليمن سببا أساسيا للكارثة الإنسانية وحرمان البلد من الغذاء والدواء.
وماذا بعد؟
يجيب ريدل أن المعركة على مأرب هي المرحلة القادمة في الحرب، فقد حقق الحوثيون تقدما مهما في ميناء الحديدة ولا يبدو أنهم على عجلة من أمرهم في مأرب. ولا يعرف إن كان لدى الحوثيين مطامح في الجنوب السني، وإن كانوا سيطالبون بالأراضي التي سيطرت عليها السعودية في ثلاثينات القرن الماضي، مع أنهم لم يعبروا علنا عن هذا.
ويقول ريدل إن إدارة جوي بايدن تعهدت بتحقيق السلام في اليمن كأولوية، لكنها لم تفعل الكثير على هذا المسار. وواصلت سياسة سلفها ببيع الأسلحة للسعوديين. وفي الوقت نفسه، فالحوثيون ليسوا متعجلين في إنهاء حرب انتصروا فيها. ولا يمكن لأي سياسة إنهاء الحرب في اليمن، وتحقيق السلام هو قرار يمني وليس أمريكيا علاوة على أنه سعودي. فاليمن هو مجتمع منقسم ولا يبدو أن سيتحد مرة أخرى. وربما كان صالح هو الزعيم اليمني الوحيد الذي حكم يمنا موحدا.
وعلى المجتمع الدولي تركيز اهتمامه على أهداف اليمنيين وتشجيعهم على التعاون وليس توحيد البلاد. وأفضل مكان للحل هو مجلس الأمن الدولي وقرار يعترف بالوقائع المتغيرة لا الموجودة في القرار السابق والذي مال لخدمة المصالح السعودية. وأول مبدأ في القرار الجديد هو الدعوة لإنهاء التدخل الخارجي، مما يعني رفع الحصار عن اليمن ووقف الغارات السعودية داخله. ويجب وقف كل الدعم العسكري لحكومة هادي. وهذا يعني وقف تدخل حزب الله وإيران والتوقف عن تقديم الخبرة للحوثيين في مجال الصواريخ والمسيرات.
ويجب مغادرة كل الخبراء اليمنيين مع السماح للطيران بين صنعاء وطهران ومشاريع التطوير بما فيها المشاريع الإيرانية لتطوير ميناء الحديدة. ويجب الحفاظ على الآلية الحالية للتحقق والتفتيش في اليمن كما هي وتوسيع صلاحيتها وزيادة عدد العاملين فيها لكي تقوم بالتفتيش في الموانئ والقواعد الجوية والتأكد من عدم وجود خروقات. وفي حالة رفض السعودية وقف غاراتها ورفع الحصار، فعلى الولايات المتحدة وقف كل أشكال الدعم العسكري للمملكة وسحب الجنود والمتعهدين العسكريين كما فعلت في أفغانستان.
ويجب أن يشمل هذا الصيانة الفنية لسلاح الجو الملكي السعودي، مما سيترك أثره المباشر على الطيران العسكري السعودي الذي لن يكون قادرا على شن غارات، وسيشل الحرس الوطني والجيش السعودي أيضا. ولن تتأثر البحرية السعودية لأن مصادر شرائها وصيانتها متنوعة، لكنها ستواجه مصاعب.
ويعتقد الكاتب أن التعامل مع الحوثيين لن يكون سهلا في مرحلة ما بعد الحرب، فموقف الحركة المعادي من أمريكا متجذر منذ قرار غزو العراق، وفاقمها دعم حرب لمدة سبعة أعوام شنتها جارة اليمن من خلال الطيران والحصار. وتظل الأولوية الأمريكية هي وقف الحصار والسماح بوصول المساعدات إلى اليمنيين
فضلا عن تداعيات استمرار الحوثيين المتكررة باستهداف منشآت حيوية في السعودية والإمارات.