لهذه الأسباب نحذّر من الزج بشباب الجنوب في معارك الشمال بقلم| صلاح السقلدي
بقلم| صلاح السقلدي
زيارة العميد تركي المالكي، الناطق باسم التحالف الى شبوة اليوم الثلاثاء، وعقده مؤتمرا صحفيا بمعية محافظها السيد عوض العولقي بعد ساعات من إعلان ألوية العمالقة انتهاء العمليات الحربية هناك، وبعد ساعات ايضا من لقاء متلفز مع رئيس الانتقالي الجنوبي السيد عيدروس الزبيدي، هي زيارة يلفها الغموض وتبعث عن التوجس لدى قطاع واسع من الجنوبيين، توجس من النوايا التي تضمرها السعودية تجاه القوات الجنوبية هناك ومحاولة الزج بها في معركة خطيرة في جبهات الشمال المثيرة هي الاخرى للجدل والقتامةٕ. فالسعودية لا يؤمن جانبها ابداً، فهي ترفع بوجه الكل عصا غليظة وجزرة ضامرة، وسرعان ما تدير ظهرها لشركائها بعد أن تقضي منهم وِطرها.
فالخشية من هذه الزيارة أن تكون أتت كتعبير سعودي عن الامتعاض والرفض لأية مواقف جنوبية، عسكرية كانت أو سياسية رافضة للتوجه للقتال في الشمال بعد ما سمعته الرياض يوم الاثنين من بيانات وتصريحات جنوبية تتمنّـع -ولو على استحياء- عن التوجه للقتال شمال، برغم ان السيد الزبيدي لم يعلن صراحة رفضه مثل هكذا فكرة، وربطها برغبة التحالف وبشرط مشاركة قوات الإصلاح الموجودة بحضرموت وشبوة بالمعارك بالشمال، إلا أن السعودية لا يروق لها أن تسمع من حلفائها مثل هذا التمنع والاشتراطات حتى ولو كانت خجولة فانتفاخ الذات سمة وفلسفة ملازمة للسياسة السعودية منذ عقود.
ثمة مخاوف منطقية نراها من أية مشاركة عسكرية جنوبية بالعمق الشمالي، يمكن إيجازها بالآتي:
– اولا: تخطي الحد الجغرافي الذي كان يمثل حدود الخارطة السياسية بين دولتي اليمن الى عام 90م او بالأصح الى عاب ٩٤م، عام الانقلاب على المشروع الوحدوي وبزوغ القضية الجنوبية كتعبير سياسي منطقي عن فشل تلك الوحدة وضرورة النظر بمستقبل العلاقة بين طرفيها وفق معطيات اليوم بعد أن طعنها أحد طرفيها بالخاصرة… نقول ان تحطي القوات الجنوبية للحدود وبالذات مع مأرب والبيضاء سيضفي ضبابية كثيفة على جوهر وماهية القضية الجنوبية كقضية سياسية بامتياز لدى الداخل والخارج، وسيبدو المجلس الانتقالي وسواه من القوى والشخصيات الجنوبية التي تناضل لنصرة تلك القضية وكأنهم قد تخلوا عنها و انضووا تحت معطف الحكومة اليمنية المسماة بالشرعية التي تناضل لاستعادة سُـلطة سلبت منها في صنعاء عام ٢٠١٤م وليس فقدان الوطن تم مصادرته كما تم عام ٩٤م مع الجنوبيين.. وهذا الأمر أعنى التوجه للقتال خلف الحدود من شأنه أن يصيب القضية الجنوبية بمقتل سياسي ويتخذ منه هكذا خصومها حجة وكلمة حق يراد بها دفنا للقضية والالتفاف عليها. فأية مشاركة عسكرية ستأخذ بُعدا سياسيا قِـبلَ بذلك الجنوبيون او رفضوا، فهي بالضرورة ستكون كذلك.
-ثانيا: سيكون المقاتل الجنوبي في بيئة جغرافية واجتماعية – مثل مأرب والبيضاء وغيرها من محافظات الشمال- دخيلا عليها ونكرة كبيئة رافضة له اجتماعيا وقبلياً وسياسيا وعسكريا، ناهيك عن فكريا، وبالتالي سيكونون على موعد مع مجزرة لا تبقي ولا تذر في محيط ينظر لهم اصلا بمنظور الحوثيين كعناصر داعشية ارهابية ومرتزقة اجراء، وحتى القوى الأخرى التي يفترض أنها بصف التحالف والشرعية وبصف الجنوبيين هناد مثل حزب الإصلاح ستنظر لهم كمجموعة انفصالية و سلفية وهابية وعملاء إماراتيين يستحقون الطعن من الأمام وليس فقط من الخلف. فإذا كان المقاتل الجنوبي وهو يقاتل في ارضه وبين ربعه يجأر بالشكوى مما يسميه بغدر الإصلاح وتآمره، فكيف سيكون حاله في الشمال بمعقل الإصلاح ومخزونه البشري القتالي الحقيقي.
-ثالثا: الأمر الآخر الذي لن يكون أقل خطورة على المقاتل الجنوبي عن سواه مما ذكرنا من الاخطار آنفاً هو عامل الجغرافيا الوعرة بالشمال والتضاريس المريعة التي يجهل مسالكها ودروبها المقاتل الجنوبي ويتقنها المقاتل الشمالي والحوثيون تحديدا ببراعة، مما سيجعلهم اي الجنوبيين طريدة سهلة ولقمة سهلة الابتلاع والتنكيل- ولنا في تجربة الجيش المصرية المريرة هناك عِـبرة آن اردنا ان نعتبر من تجارب الغير-.هذا علاوة على أن مثل هكذا تضاريس صعبة كفيلة بأن تحيّـد دور الطيران تماما وهو السلاح الذي يتكئ عليه الجنوبيون ويعوضهم عن نقص العُـدة والعدد والخبرة فهذه الجغرافية المتشعبة والمتعرجة الجبال والوهاد هي التي يتفوق فيها الحوثيون ويصعب إن لم نقل يستحيل التغلب عليهم فيها، وبالتالي فالنتيجة في أية مواجهة هناك ستكون نتيجة محسومة سلفا لأصحاب الأرض” الحوثيون” وحلفاؤهم، تماما كما كانت في الجنوب لمصلحة الجنوبيين، فالأرض تقاتل مع أهلها كما يُــقال. فالحديث عن نتيجة اية مواجهة جنوبية شمالية بالشمالي ستكون فقط حول عدد القتلى والجرحى الجنوبيين والاسرى الجنوبيين، ما دون ذلك فهو نافلة بالتفاصيل ليس أكثر.
ثم لماذا على الجنوبي ان يخوض معارك بالوكالة، ونيابة عن أصحاب الشأن، وعن أصحاب الأرض؟