“عمر الجاوي”.. نفتقدك كثيراً بقلم| د. مبارك سالمين
بقلم| د. مبارك سالمين
إن الحديث عن “عمر الجاوي” الشخصية الوطنية المناضلة والتي يجب أن تورّث خصالها للأجيال القادمة، هو حديث عن الإرث المجيد الذي نعتزّ به ونفخر في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، ولأن الامر كذلك فإننا وعلى الرغم من الظروف المأساوية الدموية التي تمر بها نتفيأ ظلال روحه المحلقة في عليائها ونستلهم من قبسها ذلك الوهج الذي تبثه في أرواحنا عزما وبسالة.
أي عمر، لقد غمرتنا بكبريائك، ومجدك لأنك قامة استثنائية في زمن الجدب قامه تنحني لها المحكّات، كنت صوت الحق في زمن الباطل والبهتان، كنت ضمير الشعب، زعيما وطنيا لايبارى في وطنيته، كنت مناضلا نقابيا وأديبا وصحفيا ثائرا مبدعا. رجل مبادرات وإيثار. لروحك السلام في عليائها، إن الحديث عنك هو حديث عن قصة هذه البلاد، لأن روحك قد تماهت معها منذ ولادتك في قرية الوهط بمحافظة لحج، (جنوب) في العام 1938م، ثم انتقالك الى تعز ( شمال )،- لقد كنت موحدا منذ صباك -، ثم سفرك الى مصر المحروسة لتدرس مرحلتي الإعدادية والثانوية و لتسهم بفعالية في تأسيس اتحاد الطلبة اليمنيين عام 1956، إلى أن غادرت مصر بصورة قسرية بسبب ظهور وتنامي ميولك اليسارية ، أنت وعدد من زملائك في تلك المرحلة . وصولا الى سفرك مرة أخرى من تعز الى “الاتحاد السوفيتي “لتدرس في موسكو الصحافة، ثم عودتك بعد الحصول على شهادة الماجستير عام 1966، لقد كنت ياسيدي جامعا للمجد من أطرافه منذ بواكير سيرتك العطرة ( جهويا، وطنيا، عربيا، أمميا ) . وهو الأمر الذي تجلى في باقي مسيرتك في السنوات اللاحقة حيث تصدرت في العام 1967م رأس تحرير صحيفة «الثورة»، وشاركت في تأسيس أول وكالة أنباء يمنية في منتصف الستينيات.
لقد كنت من الرعيل الأول من مؤسسي اتحادنا العتيد اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في سبعينيات القرن الفارط وترأسته لاحقا، كنت حكيما كالشمس فيما دونت من كتب في الصحافة والشعر والترجمة، وكانت حكمة الاتحاد ( المجلة ) تكتفي بافتتاحيتها التي كنت تخطها بحكمة وإيمان حقيقي تهتز له عروش السلطة اليمنية في الشمال وفي الجنوب، كنت النخلة الوارفة الظلال التي نتفيأ بها، كنت زاهدا في المناصب والامتيازات والكراسي التي يتمتع بها معظم أدعياء النضال في السلطة والمعارضة و كنت شجاعا مقداما في عرض آرائك والمجاهرة بها والدفاع عنها ، رائعا في اصطفافك إلى جانب قضايا الحق والخير والجمال، غير آبه لما قد يحدث لك بسبب ذلك الاصطفاف.
نم أيها الحبيب فمثلك لا يموت لأنه شعاع شمس تطل على روابي البلاد كل يوم.