تقارير وتحليلات

حرب الوكلاء في جزيرة سقطرى.. استكمال تقسيم اليمن

كتب / ياسر المهلل 

تتّسع مؤشرات الصراع العسكري المرتقب بين أذرع التحالف السعودي الإماراتي وأدواته جنوب اليمن، وساحتها هذه المـرّة أرخبيل سقطرى، بما تمثّله من نطاقٍ جغرافيٍّ استراتيجيّ، حوّلها إلى حلبة احترابٍ تعد فيها الأطراف المتصارعة عدتها، فيما تهيئ دول العدوان ظروف حرب الوكلاء ومساراتها، لفصل الجزيرة عن جسد الدولة الواحدة، واستكمال مشاريع التقسيم التي تلبّي أطماع دول التحالف وتحقّق غاياته.

وتحاول أدوات أبو ظبي استنساخ نموذج سيطرتها العسكرية والأمنية على مدينة عدن خلال الفترة الماضية، إذ بدا طريقها سالكاً بغطاء الحلول الوسط التي تخرج في كل مرّةٍ للفصل بين تباينات الحليفين الإماراتي والسعودي، وتخلص إلى تقاسم ما تحتلّه من أرضٍ ومؤسّسات، وتؤسّس من موقعها المتحكم بمشهد الأحداث جنوباً ملامح صراعٍ طويلٍ الأمد، لا يتوقّف على سيطرة طرفٍ أو خسارة آخر.

المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً، وبعد سيطرته الخاطفة على معسكر اللواء الأوّل مشاه بحري، يسير باتجاه إحكام سيطرته على مدينة حديبو، العاصمة الإدارية لأرخبيل سقطرى، ويعزّز قوّاته بعتادٍ عسكريٍّ ومئات العناصر الذين استقدمهم من الضالع وأبين تحديداً، وتم نقلهم بواسطة زوارق ومراكب إماراتيّة عبر البحر إلى منطقة الضليعة القريبة من المطار، قبل توزيعهم داخل المعسكر.

في الجهة المقابلة، تبدو خيارات حكومة هادي التي تخضع سياساتها رهناً للإرادة السعودية ضيّقةً، وخصوصاً مع إظهار الرياض تهاوناً مع تحركات قوّات الانتقاليّ الرامية إلى انتزاع السيطرة على الجزيرة، ولا سيما أن مصادر محليّةً في الجزيرة أكّدت أن القوات السعودية المكلّفة بتأمين الطرق الواصلة إلى مركز مدينة حديبو عاصمة المحافظة، قامت بسحب قواتها من كل نقاط الانتشار، فيما بدأت وسائل إعلامٍ مناصرة لما يسمى بالشرعية التلويح بحتميّة طرد قوّات هادي وإحلال الأحزمة الأمنية المدعومة إماراتياً مكانها.

صمدت سقطرى طويلاً أمام محاولات ضمها إلى دائرة النار التي يشعلها تحالف العدوان في البلاد، وبقيت بعيدة عن أي مواجهات عسكرية حقيقية، وإن عانت طويلاً من صراع النفوذ السياسي بين الأطراف المتحاربة على حلبة التقاسم وبسط النفوذ، إذ أبدت أبو ظبي رغبة مبكرة في الاستحواذ على الجزيرة ضمن أطماعها الواسعة في احتلال مدن الساحل اليمني في البحر الأحمر والبحر العربي، وإشرافها على خطوط الملاحة الأكثر أهمية بين القارات، فعملت منذ سنوات الحرب الأولى على شراء النفوذ الاجتماعي والولاءات وكسب الشارع السقطري، لتأييد أي عمليات فصل للجزيرة عن امتدادها السيادي والجغرافي في الجمهورية اليمنية.

وليس خافياً أيضاً أن هذه المسارات العملية الّتي تنتهجها دول التحالف، تنطوي أيضاً على محاولات فرض غايات المشروع الأميركي في المنطقة، إذ أدى تنامي المخاوف الناجمة عن تحرر القرار اليمني من قيود الوصاية الخارجية إلى تشكيل تحالفات عسكرية من دول وحكومات، لمنع تحويله إلى بلد يدور بدولته وشعبه حيث دارت مشاريع وتوجهات مقاومة الهيمنة والاستكبار في منطقتنا العربية والإسلامية.

والأهم في صورة الأحداث الأخيرة التي تشهدها الجزيرة الفريدة بما تحويه من جمال وطبيعة، أنها تكشف بطلان العناوين التي استحضرتها دول التحالف لشرعنه جرائم عملياتها العسكرية وفرضها الحصار على الشعب اليمني. وقد مُنحت بذلك غطاء دولياً، ظاهره اعتراف بالمؤسسات الشرعية واستعادة مؤسساتها، كما تزعم المنظمة الدولية، ولكنه يخفي وراءه حقيقة أطماع المعسكر الأميركي في بلد مهم كاليمن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى