من وحي انتصار الناشئين: الفرحة لمَن؟ بقلم| حكيم الحسني
بقلم| حكيم الحسني
لستُ مع أولئك الذين يريدون قتل فرحتنا كجمهور رياضي يعشق الكرة، فالكرة لها عشقها وجمالها، و خاصةً عندما تنتصر على خصم تشعر أنّ بينك وبينه خصومات و متاهات و تأريخ من الاستنقاص و الاحتقار و الممارسات تصل الى مستوى صناعة مشاريع التدمير والتجويع والإفقار والقتل والحرب، و دعم الأنظمة القائمة على أسس الفساد و شغل العصابات لعقود من الزمن، و لا يزال واقع الحال شاهد على مشاريع التنقاض و المصارعة ودعم الخصمين و أسلوب ذي الوجهين لتفريخ الأزمات ،والتعامل مع مصير شعب سلّم ماضيه ومستقبله و ذلك عندما رهنه سياسيوه مقابل فتات من المال تدفعه اللجنة الخاصة كمخصصات شهرية و هبات حاتمية وزكوات رمضانية، ابتداءً من رئيس الدولة الى أصغر شخصية اجتماعية لها حضورها الشعبي. فهذا تأريخ لا يُغضب أحداً وهو لا يزال الى اليوم والأشقاء في السعودية لا ينكرونه بل ويتفاخرون به، مع أنه في قوانين الدول المحترمة وفي مقدمتها السعودية جريمة يُعاقب عليها القانون بتهمة الخيانة.
ولستُ مع أؤلئك الذي يريدون تحوير و تحويل الفرحة الى مشروع سياسي يريدون بها القفز على المشكلات الحقيقية بركلة جزاء لشابٍ بريء لا يعترف بدهاليز السياسة و لا يعرفها، و لا مكر السياسيين وفسادهم، و الأقبح من ذلك أنهم حتى في لحظة انتصار و نجاح و صدق أولئك الشباب أبناء الفقراء والذين هم ضحايا فشل السياسيين و عهرهم يريدون استثمارها لتكميل مشاريع الدمار والمزايدة، و أن هؤلاء الشباب بأرجلهم سيحلون المعضلة اليمنية.
فهذه السطحية في تصوير حلول مشكلات اليمن المعقدة تدل على سوء تفكير و عدم استشعار حجم الجريمة التي ارتكبوها في حق هذا الشعب المكلوم مما يجعلنا ندرك أن هذه النخب الآفة لا زالت آفة سياسية لم تفق من أسلوب الفهلوة وحل المشكلات بعقلية القبيلي الذي يسامح لكن لا ينسى حقه.
الفوز ببطولة غرب آسيا لن تحل مشاكلنا بركلات الترجيح،بل أتخوّف أن ندخل بطولات أكثر دموية كما حصل من سابق مع حروب الحوثي عندما كانت تتوقف باتصالات هاتفية عاطفية لا تحل مشاكلاً بل تعود أقوى و أعقد من سابق.
تقرير مصير الشعب وحل مشاكله واستقرار حياته و نزع عقلية الاستعلاء السياسي،و رسم المشروع السياسي لليمن كله ،لن تقوم به إلا نخبة سياسية لديها القدرة السياسية الواعية وتمتلك رؤية حقيقية لوضع الحلول الواقعية المناسبة، ويجب أن تكون نظيفة ولديها موقف حازم من الفساد و المفسدين.
البطولات الرياضية لم تنفع إسبانيا و لا البرتغال و إيطاليا وهم اليوم في مؤخرة دول الاتحاد الأوروبي في مستوى دخل الفرد، و السقوط الرياضي لم يضر أمريكا والصين وهم في ذيل الإنجازات الرياضية.
أيها المتطرفون اتركوا الناس تفرح بالانتصارات الرياضية وعيشوا الأجواء الفرائحية فكفانا آلآماً و أحزاناً.
إن هذه الأفراح التي شهدتها اليمن من شرقها الى غربها ومن شمالها الى جنوبها لا تعبّر عن هزيمة أي مشروع سياسي مهما كانت شعبيته، لأن كل الأطراف تجتره لصالحها و تحسبه من إنجازاتها وبأشكال مختلفة، ولكن في حقيقة الأمر أن هذا الانتصار و هذا الفرح هو تعبير شعبي حقيقي عاطفي بسيط على هزيمة المشروع السعودي في اليمن.