5 محافظين للمركزي اليمني في 5 سنوات.. ما الذي جرى للعملة الوطنية طوال هذه الفترة؟
حيروت – عدن
نشرت خيوط تقريراً يتناول دورة حياة العملة الوطنية خلال خمس سنوات وفي ظل خمسة محافظين للبنك المركزي، إنطلاقاً من أن اليمن يعيش على وقع صراع اقتصادي طاحن بالتوازي مع الحرب والمعارك العسكرية الدائرة منذ العام 2015، صراع تسبب في انقسام خطير في المؤسسات المالية والنقدية في البلاد، منذ أن قررت الحكومة المعترف بها دوليًّا نقل إدارة البنك المركزي اليمني من العاصمة صنعاء إلى عدن التي اتخذت منها عاصمة مؤقتة في سبتمبر/ أيلول من العام 2016، إذ تعاقب على إدارة البنك -الذي فشل في السيطرة على انهيار العملة المحلية التي فقدت ثلثي قيمتها- أربعة محافظين قبل تعيين المحافظ الخامس أمس الإثنين 6 ديسمبر/ أيلول 2021.
منصر القعيطي
(18/9/2016 – 11/2/2018)
منصر القعيطي، سياسي يمني، تولى منصب محافظ البنك المركزي خلال الفترة (18 سبتمبر 2016 – 11 فبراير 2018) وعيّن وزيرًا للمالية خلال الفترة (17 أكتوبر 2015 – 18 سبتمبر 2016).
أول محافظ للبنك المركزي اليمني في عدن بعد قرار نقله من العاصمة صنعاء، حيث تم تعيينه خلفًا للمحافظ محمد بن همام الذي شغل المنصب منذ أبريل/ نيسان 2010، ووصفت إدارته بالناجحة.
عقب قرار النقل، كان البنك المركزي قد فقد ما كان متوفرًا من احتياطي نقدي يقدر بنحو 5 مليارات دولار، وأكثر من تريليون ونصف من العملة الوطنية، بينما فقدت العملة، وفق تقارير رسمية، 150% من قيمتها.
نفذ البنك المركزي في عدن في العام 2017، إجراءات طباعة الفئات الورقية من العملة الوطنية، والتي تقدرها تقارير بنحو 700 مليار ريال من جميع الفئات.
لم تحقق القيادة الجديدة للبنك بقيادة القعيطي شيئًا يذكر، فمعظم الإيرادات تصب في بنك صنعاء الذي تديره جماعة أنصار الله (الحوثيين)، كما تتهمها الحكومة المعترف بها دوليًّا، وسط انهيار متواصل للعملة الوطنية أمام النقد الأجنبي.
محمد منصور زمام
(11/2/ 2018 – 2019)
محمد منصور زمام، وزير وسياسي يمني، تم تعيينه وزيرًا للمالية في حكومة باسندوة في 11 يونيو/ تموز2014 ، وفي حكومة خالد بحاح بتاريخ 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014 حتى قدمت استقالتها في 22 يناير/ كانون الثاني 2015، ولكن الرئيس هادي المعترف به دوليًّا أصدر قرارًا بإعفائه من منصبه في 9 يونيو/ تموز2015. في 11 فبراير/ شباط 2018 عيّن محافظًا للبنك المركزي في عدن.
بدأ الانهيار الكبير للعملة اليمنية في شهر سبتمبر/ أيلول 2018، إذ شكلت أزمة سعر الصرف التي وصلت ذروتها بين منتصف سبتمبر/ أيلول ومنتصف نوفمبر/ تشرين الأول 2018، أبرز العوامل المستجدة التي أثرت سلبًا على الأوضاع المعيشية للمواطنين في البلاد.
رغم الانخفاض النسبي في سعر الصرف فيما بعد، إلا أنه لم يستقر. فخلال الشهور الأولى من العام 2019، تصاعد سعر الصرف الموازي في المتوسط من 537 ريالًا/ دولار في يناير/ كانون الثاني 2019 إلى أكثر من 570 ريالًا/ دولار في فبراير/ شباط ومارس/آذار.
شهدت العملة تدهورًا غير مسبوق منذ نهاية العام 2018، حيث لم يستقر الريال اليمني على سعر ثابت مقابل العملات الأجنبية نتيجة للمضاربة المتواصلة بالعملة في السوق المصرفية وانقسام المؤسسات المالية الحكومية، بالرغم من حصول البنك المركزي في عدن على وديعة مالية سعودية بنحو 2 مليار دولار.
حافظ فاخر معياد
(20/3/2019 – 19/9/2019)
صدر في 20 مارس/ آذار من العام 2019، قرار جمهوري قضى بتعيين حافظ فاخر معياد محافظًا للبنك المركزي اليمني، الذي كان قبل تعيينه عضوًا في اللجنة الاقتصادية التابعة للحكومة المعترف بها دوليًّا، كما شغل سابقًا رئيس لمجلس إدارة بنك التسليف التعاوني الزراعي (كاك بنك).
واصلت العملة الوطنية انحدارها طوال العام 2019، وتصاعد سعر الصرف الموازي في المتوسط من 570 ريالًا/ دولار في مارس/ آذار إلى أكثر من 595 ريالًا/ دولار في مايو/ أيار.
تصاعد سعر الصرف الموازي تدريجيًّا حتى بلغ 584 ريالًا/ دولار مطلع أغسطس/ آب 2019، وتجاوز نهاية نفس هذا الشهر حاجز الـ600 ريال للدولار الواحد مرتفعًا بحوالي 172% مقارنة بما كان عليه بداية 2015 قبل أن يعود إلى 578 ريال مقابل الدولار في الشهر التالي سبتمبر/ أيلول 2019.
أحمد عبيد الفضلي
(19/9/2019 – 7/12/2021)
صدر قرار رئيس الجمهورية المعترف به دوليًّا، في 19 سبتمبر/ أيلول من العام 2019، بتعيين الدكتور أحمد عبيد الفضلي، محافظًا للبنك المركز.، الذي شغل منصب وزير المالية في الحكومة المعترف بها دوليًّا منذ العام 2016، وله سيرة حافلة تقلد فيها عددًا من المناصب البارزة في اليمن طوال العقود الثلاثة الماضية.
زاد الصراع الاقتصادي والمالي والنقدي ضراوة نهاية العام 2019، مع قرار سلطة أنصار الله (الحوثيين) بمنع تداول العملة الجديدة المطبوعة، وهو ما أدى إلى تجزئة تداول العملة المحلية بين صنعاء (الأوراق النقدية القديمة) وعدن (الأوراق النقدية الجديدة المطبوعة).
طوال العام 2020، اتخذ الصراع على العملة المجزأة في اليمن منحنيات وأشكالًا متعددة، أضرّت كثيرًا بعملية تداول العملة الوطنية المنهارة، وضاعفت المعاناة الإنسانية للمواطنين اليمنيين.
ظل البنك المركزي في عدن يعتمد على الوديعة السعودية في تمويل الواردات من السلع الغذائية، حتى استنفادها نهاية العام 2020، مع إعادة تشكيل الحكومة المعترف بها دوليًّا برئاسة معين عبدالملك مناصفة مع المجلس الانتقالي الجنوبي.
باشرت الحكومة عملها من عدن مطلع يناير/ كانون الثاني من العام 2021، وأعلنت أن الملف الاقتصادي يأتي في طليعة اهتمامها، إذ كان سعر صرف الريال اليمني يصل إلى حوالي 690 ريالًا مقابل الدولار الواحد.
منذ منتصف العام 2021، تشهد العملة المحلية في المناطق المحسوبة على الحكومة المعترف بها دوليًّا انهيارًا متسارعًا تصاعدت حدته مؤخرًا، بالتحديد منذ نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بعد أن تجاوز سعر صرف الريال حاجز 1500 ريال مقابل الدولار الواحد، وانخفض إلى 1700 ريال مقابل الدولار مطلع ديسمبر/ كانون الأول الحالي 2021.
يتفق خبراء اقتصاد على أن سلطة عدن لا تمتلك رؤية سليمة لإدارة السياسات المالية والنقدية؛ مما دفع في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية إلى المجهول، فما نلمسه مؤخرًا من مظاهرات واضطرابات في عدن وحضرموت وتعز يقودها شباب، معبرين عن سخطهم وغضبهم، خوفًا من الوقوع في براثن الجوع والفاقة، بسبب التصاعد الجنوني لأسعار السلع، وخاصة السلع الغذائية مصدر الأمان لبقائهم وأسرهم على قيد الحياة، وانعدام الخدمات من مياه وكهرباء وأمن وغيرها.
أحمد بن أحمد غالب المعبقي
(6/12/2021 – …)
على وقع انهيار متسارع للعملة الوطنية في مناطق الحكومة المعترف بها دوليًّا، وأزمات اقتصادية متلاحقة واختناق في الأسواق والتجارة، وارتفاع أسعار السلع الغذائية لمستويات قياسية، واضطرابات واحتجاجات ومظاهرات شعبية، وبيانات من قطاعات تجارية ومصرفية بخطورة الوضع الاقتصادي الراهن في اليمن، تطالب الرئيس المعترف به دوليًّا عبدربه منصور بالتدخل العاجل- صدر قرار بتغيير مجلس إدارة البنك المركزي اليمني في عدن، وتعيين أحمد أحمد غالب المعبقي محافظًا جديدًا للبنك، وهو الخامس الذي يتولى هذا المنصب منذ سبتمبر/ أيلول من العام 2016.
وهنا نستعرض نبذة تعريفية بالمحافظ الجديد الذي يعتبر من الشخصيات الاقتصادية البارزة في اليمن ومحل إجماع مختلف الأطراف السياسية التي ترى تعيينه قرارًا صائبًا بالنظر إلى سيرته وتجربته في مؤسسات الدولة طوال السنوات الماضية، لكن المشكلة وفق مراقبين تكمن في ظروف المرحلة الراهنة الصعبة والتي تعيش فيها اليمن أكبر أزمة سياسية واقتصادية في تاريخها وانقسام حاد في الجوانب المالية والنقدية وصراع سياسي على أكثر من مستوى، ومعارك عسكرية طاحنة انحصرت منذ مطلع العام الحالي 2021، في محافظة مأرب شرقي اليمن، وانفجار الوضع العسكري في الساحل الغربي منذ الشهر الماضي نوفمبر/ تشرين الثاني.
والمحافظ الجديد للبنك المركزي في عدن أحمد أحمد غالب من مواليد 1957 محافظة لحج، وآخر منصب كان يشغله رئيس مجلس الإدارة، الرئيس التنفيذي للمؤسسة العامة القابضة للتنمية العقارية والاستثمار، بقرار صادر عن رئيس الجمهورية في منتصف يونيو 2014، كما أنه رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب منذ العام 2004.
مؤهلاته العلمية
حاصل على بكالوريوس علوم اقتصادية ومالية – جامعة البترول والمعادن، عام 1983م، وحاصل على شهادة دراسات متخصصة في البرمجة والسياسات المالية بمعهد صندوق النقد الدولي بواشنطن عام 1987، كما أنه أجرى دراسات في التحليل الاقتصادي والإدارة المالية بمعهد السياسات الاقتصادية بصندوق النقد العربي، ودراسات في المالية العامة معهد السياسات الاقتصادية بصندوق النقد العربي، ودراسات في السوق المالية – الولايات المتحدة الأمريكية، ودراسات بمكافحة غسيل الأموال في معهد السياسات الاقتصادية – صندوق النقد العربي، ودراسات للتجارب الناجحة في مكافحة الفقر في المعهد الأفريقي – تنزانيا.
شغل المعبقي العديد من الوظائف؛ أبرزها:
رئيس مصلحة الضرائب (2007 – 2014).
وكيل مصلحة الضرائب (2005 – 2007).
وكيل وزارة المالية لقطاع العلاقات المالية الخارجية (1995 – 2005).
مدير عام العلاقات المالية الخارجية – وزارة المالية (1987 – 1995).