مصير مجهول وهزيمة حتمية للسعودية والإمارات في اليمن
بقلم د/ حسن زيد بن عقيل
خلال سبع سنوات من الحرب المفروضة على اليمن ، التي كشفت عن عمق عداء حكام السعودية والإمارات بشكل خاص ، وحكام دول الخليج عامة تجاه الشعب اليمني. وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ( 8 سورة البروج ) . إن العداء الخليجي للحوثيين (أنصار الله) بدأ بالظهور عندما أطلق الحوثيون شعارهم على أعداء الله ورسوله ومؤمنين { الله أكبر. الموت لأمريكا. الموت لإسرائيل . اللعنة على اليهود. نصر للإسلام } كان هذا الشعار استفزازياً لهم. ولخص الشعار موقف الحوثيين من أعداء الله ورسوله ومؤمنين. والتمسك بالله ، وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (107 سورة البقرة) . والظاهر أن أنصار الله لم يطلبوا نصرة إلا من إخوانهم في محور المقاومة من طهران إلى بيروت ، وكان رد محور المقاومة على طلب أنصار الله ، وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (48 سورة الروم) . وهكذا كان النصر حليف “الحوثيين” وحلفائهم ، والإذلال والهزيمة لقوات التحالف ومن تبعهم . يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ ( 32 سورة التوبة ) .
اعتمد محمد بن سلمان على شرعية الرئيس هادي 2012-2021 ، شرعية هشة وفاسدة وغير مرغوبة في اليمن ، لا في الشمال ولا في الجنوب. أغرب ما في الأمر أن العدوان السعودي جرى تحت غطاء الرئيس باراك أوباما ، الرجل والقائد المثقف ، الذي قال في إحدى مقابلاته مع البي بي سي: إن عصر المعلومات والعولمة والتطورات التكنولوجية ساعدت على ربط العالم ببعضه البعض. بطرق جديدة لم يعرفها جيلي في شبابه. وقال أيضا: إن بعض التغييرات كانت لها أسباب تتعلق بالهوية الثقافية والانتماء ، كما في حالة التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو تحول المشهد السياسي في الولايات المتحدة ، أو الصعود السريع للشعبويون في أوروبا ، ولم يكن كل هذا نتيجة للتغيرات الاقتصادية فحسب ، بل كان أيضًا رد فعل على الغضب الشعبي الذي جعل المواطنين يشعرون بأن مكانتهم قد تضاءلت. يريدون وضع قوانين حقيقية أو مجازية تسمح لهم بالحفاظ على ما يعتقدون أنهم يستمتعون به. إذا سألنا الزعيم المثقف أوباما ، ماذا تسمي “مشاركة واشنطن في خطة الدعم اللوجيستي والاستخباراتي والعسكري ، وأنشأت غرفة عمليات مشتركة مع السعوديين ، وكذلك خلية التخطيط وتبادل المعلومات ، وربطت تلك المنظومة بالأقمار الصناعية الأمريكية ( التابعة للبنتاغون ) . كما قدم التزود بالوقود جوًا للطائرات الحربية ، وشارك في اختيار الأهداف التي سيتم قصفها من قبل التحالف السعودي والإماراتي ، وشارك في عمليات التفتيش البحري للسفن في البحر العربي والبحر الأحمر “.
لم يأخذ أوباما والساسة الأمريكيون عبرة من تجربة جون كينيدي عندما هاجم كوبا بهدف إزاحة كاسترو أو إضعاف النفوذ السوفيتي ، لكن العكس حدث. أصبح كاسترو أكثر قوة وأقام في ذلك الوقت علاقة أقوى مع السوفييت. بعد أن أصبح الغزو كارثة لا تخفى على أحد ، ظهر جون كينيدي على شاشة التلفزيون الوطني ليشرح الغزو الفاشل ، قائلاً بسخرية: ” للنصر ألف أب والهزيمة يتيمة “. لتوضيح من يجب أن يلومه الشعب الأمريكي ، أخبرهم جون كينيدي ، ” أنا عضو مسؤول في الحكومة “.
هنا لا أعرف ما الذي يقصده الرئيس جو بايدن بالدعوة إلى إنهاء الحرب في اليمن التي أشعلها هو وأوباما ، أي حرب “بعد خراب مالطا” بعد دمار وتدمير البشر وكل مفيد وجميل في اليمن . نقول ونحن القوى الصامتة كف الله المؤمنين شر القتال . نمد يدنا إلى الرئيس جو بايدن إذا كان صادقًا في إنهاء الحرب في اليمن. عليه أولا أن يرفع يده العدوانية ، هو وغيره من الأوروبيين و عدم التدخل في الشؤون اليمنية . سحب أذرعهم القذرة من قوات التحالف وفلولهم الإرهابيين ، من القوات المحلية وعدم المساس بالسيادة الوطنية لليمن (شعبا و براً ، وبحرا ، وما إلى ذلك الممرات والجزر والمجال الجوي والثروة).
نذكر بن سلمان بهزائم الأمريكيين ليس فقط في خليج الخنازير في كوبا ، بل بالهزائم من فيتنام والصومال والعراق والفضيحة الكبرى في أفغانستان. هذا يا بن سلمان معلمك وحاميك ، أمريكا مهزومة في كل مكان. ماذا تريد من قوة مهزومة ؟ الآن كل المعطيات تأتي إليكم من مدينة مأرب ، هل قرأتها؟ إنها تشير إلى أن حرب اليمن ستكسر قوتك وتجبرك على التسول من أجل الحصول على مخرج من الحرب المستمرة منذ سبع سنوات دون استراتيجية معروفة لإنهائها.
انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة
تركز الولايات المتحدة الآن على المنافسة بين القوى العظمى ، والتعددية مقابل الأحادية ، والمواقف من التحالفات ، ووكالات الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية ، وعلى مبادرة الحزام والطريق الصينية. يبدو الوضع في اليمن أقل أهمية. هذا التحول في نهج الولايات المتحدة تجاه الحرب في اليمن يمكن أن يفرض تحولا جوهريا و يعطي رسائل مربكة حول كيفية التعامل مع الحوثيين و قوى التحالف. حتى لو فكر التحالف في احتواء جماعة الحوثيين بجعلها جزءًا من حكومة ائتلاف يمني مستقبلية ، فإن الحوثيين سيشكلون تهديدًا إقليميًا للتحالف ، أو منظمة إرهابية عابرة للقارات. على عكس التحالف الدولي (أمريكا والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين) ، قد يشكل الحوثيون تهديدًا إقليميًا لهم ، ولكن على الأقل ليس إرهابًا عابرًا للأقاليم . التهديد الإقليمي قد يتم احتوائه والسيطرة عليه من خلال الاتفاقيات والمعاهدات الدولية. وهذا يختلف عن الإرهاب العابر للحدود ، الذي هو الركيزة الأساسية في جسد الأنظمة الخليجية ، الأنظمة التي تعتمد على قوى الإرهاب لضمان استمرارية عروشها وبقائها.
يدرك الأمريكيون أن الحوثيين ليسوا منظمة إرهابية عابرة للحدود ، ولا تربطهم أي صلة بالمنظمات الجهادية السلفية في اليمن مثل السعودية والإمارات وأذرعهم ، ولا يسعون لاستفزاز الأقليات الدينية في المنطقة. يدرك الأمريكيون أن الحوثيين يشاركونهم العداء تجاه المتطرفين والإرهابيين المنتشرين في المنطقة. أثبتت حرب السنوات السبع أن المعارك ضد الحوثيين خاطئة وتستنزف موارد وطاقة الدولة.
سبب هذه الأخطاء هو أن المجتمع الدولي يفتقر إلى نهج سياسي ودبلوماسي موحد. علاوة على ذلك ، لم يجتمع جميع أصحاب المصلحة المحليين والإقليميين حول رؤية متماسكة لما يجب أن يكون عليه اليمن في المستقبل. لهذا السبب لم ينجح المجتمع الدولي في إنجاح أي عمليات سلام دائمة في اليمن . أخيرًا ، نتساءل لماذا لا يسعى المجتمع الدولي لسيناريو آخر أفضل ، ألا وهو تقديم أنصار الله للمجتمع الدولي كطرف مهين وحليف محتمل في محاربة داعش والقاعدة ، خاصة الآن في ظل انهيار مؤسسات الشرعية و الانتقالي والقوى الأخرى . نعلم ان جماعة الحوثي نفذت عدة عمليات ميدانية بهدف القضاء على مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة. بالمقابل … دعونا نراجع أحداث 02 أكتوبر 2021 في عدن ، نضعها تحت عنوان :
التحالف السعودي الإماراتي والتوازن الهش في جنوب اليمن
نسلط الضوء على ما حدث في عدن في 2 أكتوبر 2021 ، في عاصمة الشرعية ، نرى التوازن الهش للمناطق الجنوبية ، وكذلك الخلافات الداخلية في المجلس الانتقالي الجنوبي ، الهيئة التي تدّعي تمثيل الجماعات الانفصالية الجنوبية. نبحث عن اسباب الخلافات الداخلية في المحافظات الجنوبية نجدها مرتبطة بالظروف المعيشية غير المستقرة بشكل متزايد وانخفاض قيمة العملة المحلية. الأمر الذي أدى في الأشهر الأخيرة إلى تزايد الاحتجاجات على انتشار الفقر وتدهور الخدمات العامة و انتشار الجريمة ، بالإضافة إلى أن اليمن يشهد حربًا راح ضحيتها 233 ألف شخص ، و 80٪ من السكان يعتمدون على المساعدات للبقاء على قيد الحياة. يضاف إلى ذلك الأزمات المتكررة للمشتقات البترولية ، وانقطاع الكهرباء والمياه لأسباب مختلفة.
وبحسب وسائل إعلام محلية ، فإن المقاتلين الذين شاركوا في أحداث 2 أكتوبر 2021 في عدن هم جماعة إرهابية دينية مسلحة منتشرة في عدن ، تُعرف بـ “المنافس” للمجلس الانتقالي ومنفصلة عنه. وكان يقودهم إمام النوبي ، قيادي سابق في قوات الحزام الأمني التابع للإمارات وقائد معسكر 20 في عدن ، وهو إرهابي سلفي . بعد الخلافات مع عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي تحولت الخلافات بين الجانبين إلى اشتباكات مسلحة . يعاني جنوب اليمن من الشلل منذ عام 2017 ، بسبب الصراع على السلطة بين الحكومة والمجلس الانتقالي والفصائل المسلحة المدعومة من الإمارات.
وبغض النظر عمن يتحمل مسؤولية اشتباكات 2 أكتوبر ، البعض يرى أن المسؤولية منسوبة إلى الخلايا النائمة التابعة للحكومة اليمنية ومن يعتقد أن ما حدث هو نتيجة خلافات داخلية داخل المجلس الانتقالي الجنوبي. في كلتا الحالتين ، الاشتباكات تعكس الاختلال في ميزان القوى الجنوبية وتؤكد عدم استقرارها ، حيث يؤكد الفاعلون ( الشرعية أو الانتقالي) أن الصراع اليمني قد انحرف عن قواعد اللعبة ، ودخل مرحلة الفوضى ( أي الأفغنة ) ، أي الهرولة للسيطرة على مراكز القوى . و ما التوترات التي تحصل هنا وهناك هي نتيجة مباشرة لحالة “الاستقطاب” السياسي التي تشهدها المناطق التي لم يحررها الحوثيون .
ماراثون الجري السياسي الأمريكي
في عام 490 قبل الميلاد ، اندلعت معركة ماراثون بين الإغريق والفرس في منطقة ماراثون اليونانية ، وبعد نزاع طويل ، هزم الإغريق الفرس ، بعد الانتصار ، خرج شخص من المقاتلين يُدعى فيليبيدس جرى مسافة 40 كم من ماراثون إلى أثينا ليخبر شعبه أنهم هزموا الفرس ، وبعد أن أخبرهم الأمر مات من التعب والإرهاق.
أخشى على أمريكا من التعب والإرهاق من الركض المتكرر ، الرئيس نيكسون ركض من فيتنام إلى واشنطن ، ليس مثل فيليبيدس ، ليخبر شعبه أنهم فازوا ، لكن ليخبر شعبه بالهزيمة ، وكذا ركض الرئيس جون كينيدي ليخبر شعبه بالهزيمة في هجومه على كوبا ، وهكذا الهزائم المتكررة من بغداد إلى كابول . لا أعتقد أن الرئيس جو بايدن يرغب في الركض من عدن إلى واشنطن لإعلان الانسحاب و الهزيمة في الشرق الأوسط.
يعرف الأمريكيون أن الإيرانيين والحوثيين وحلفاءهم يشاركونهم العداء تجاه المتطرفين والمنظمات الإرهابية العابرة للقارات المنتشرة في جميع أنحاء المنطقة ، والتي يدعمها شيوخ وأمراء وملوك الخليج . الخلاف بين محور المقاومة والولايات المتحدة هو تكرار للخلاف بين جمال عبد الناصر (الناصرية) و الحركة القومية العربية مع الولايات المتحدة . توجد محاور يمكن البحث فيها ، وهناك محاور لا يمكن الاتفاق عليها مطلقاً . منها الكيان العنصري الصهيوني المزروع على أرض دولة فلسطين ، على الامريكان التخلي عنها اسوة بالنظام العنصري في جنوب أفريقيا ” الأبارتايد ” . كيان الصهيوني مرفوض عربياً و إسلامياً . إذاً الكيان الصهيوني عبء على دول المنطقة وعلى الولايات المتحدة ، و المجتمع الدولي و هو مصدر لكل ازمات المنطقة .
كاتب و محلل سياسي يمني