خيار الموت أهون من مصاعب النزوح والألم اليومي لأطفالي.. قصة نازح في مأرب يروي معاناته من النزوح المستمر
مأرب- مراد العريفي
مع احتدام المعارك العنيفة بين قوات حكومة الرئيس وقوات الحوثيين في المديريات الجنوبية لمحافظة مأرب؛ تتفاقم الأزمة الإنسانية في المحافظة التي تضم أكثر من مليوني نازح، حسب بيانات الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في المدينة.
ووفق المركز الإعلامي لقوات هادي فإن معارك عنيفة تدور حاليا على امتداد جبهات القتال الجنوبية والغربية، في حين يعلن التحالف السعودي الإماراتي عن ضربات جوية يومية، أسفرت عن مقتل أكثر من 2450 حوثيا، وتدمير عشرات الآليات.
ويقول المواطن عماد حامد إن المعارك لم تعد تثير الذعر، إذ تدور في مناطق تبعد عن مدينة مأرب أكثر من 40 كيلومترا، ولكن ما يقلقهم هو العدد الكبير من النازحين إلى المدينة، حيث أُجبر الآلاف على الفرار في ظل ظروف معقدة، وإن رؤية الآلاف من النازحين دون مأوى وفي ظل انهيار الوضع الاقتصادي أمر مؤسف.
واتهم مدير مكتب حقوق الإنسان في مأرب عبد ربه جديع جماعة الحوثيين بممارسة تطهير طائفي عرقي وإبادة جماعية، وقال إن الحوثيين حاصروا مديرية العبدية لمدة شهر منعوا خلاله وصول الغذاء والدواء، كما استهدفوا بشكل مباشر المدنيين في مديرية الجوبة.
وأفاد جديع بأن 350 مدنيا قُتلوا منذ بدء الحرب في المنطقة خلال الشهرين الماضيين، من بينهم 43 مدنيا قُتلوا في حادثتين منفصلتين، حيث استهدف الحوثيون منزل زعيم قبلي ومسجدا في مديرية الجوبة بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.
لكن عضو المكتب السياسي للحوثيين علي القحوم يقول إن جماعته تبذل المساعي الحثيثة لتجنيب المناطق السكنية المعارك، عبر تواصل تجريه لجنة المصالحة مع السكان المحليين.
ويقول “معركتنا ليست مع اليمنيين، معركتنا ضد التحالف الذي حوّل مأرب إلى قاعدة عسكرية تضم المرتزقة، وما يسمى تنظيم القاعدة، وأهدافنا تتمثل في مهاجمة المعسكرات والقواعد العسكرية”.
نزوح مستمر
وفاقم القتال الأزمة الإنسانية في المحافظة التي تضم أكثر من مليوني نازح، حسب بيانات الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في المدينة.
وقال مدير الوحدة خالد الشجني إن نحو 70 ألف شخص اضطُروا للنزوح منذ بداية سبتمبر/أيلول الماضي، لافتا إلى أن النازحين يحتاجون إلى أبسط مقومات الحياة الأساسية في ظل تردي وبطء الاستجابة الإنسانية المقدمة من المنظمات الدولية.
ويعيش النازح أبو محمد في خيمة بدائية نصبها بالقرب من مخيم النقيعة، ويقول “اضطررنا لمغادرة مناطقنا، وبقينا نمشي مسافات طويلة، وحين وصلنا لم تُقدم لنا أي مساعدات عدا مساعدات بسيطة من الأهالي”.
ويضيف “تركنا كل شيء خلفنا، ونحن نحاول النجاة بأرواحنا من القصف والحصار، لا توجد لدينا حتى أسرّة أو أغطية للنوم خاصة في ساعات الليل، وقالوا إن المنظمات الدولية ستساعدنا لكن لم نجد شيئا حتى اللحظة”.
ووفق أبو محمد، فإن المعاناة الإنسانية صارت لا تُطاق، موضحا أن خيار الموت في الحرب قد يصير أهون من مصاعب النزوح والألم اليومي الذي يعيشه مع أطفاله.
مخيمات جديدة
ويقول جديع إن السلطة المحلية طالبت المنظمات بالتدخل لإنقاذ النازحين بالاحتياجات الأساسية، لكنها لم تستجب، في الوقت الذي استقر أكثر من 10 آلاف نازح في رمال الصحراء والمزارع، والأحسن حالا منهم استقر لدى مضيفين من المجتمع المحلي.
وتحاول السلطة المحلية استيعاب النزوح الكبير، واعتمدت إنشاء 5 مخيمات بتمويل محلي، غير أن ذلك لن يكون كافيا، حسب جديع. مؤكدا ضرورة أن يتدخل المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية كما تنص الاتفاقيات الدولية في حماية المدنيين.
وحذر بيان مشترك لوكالات الإغاثة العاملة في اليمن -ومن بينها منظمات أكتد وكير والمجلس الدانماركي والمجلس النرويجي للاجئين ومنظمة أوكسفام والعمل الإنساني البولندي ومنظمة إنقاذ الطفولة- من تداعيات الأعمال القتالية على الوضع الإنساني الكارثي.
وقال البيان إن مخاطر حماية الأشخاص الفارين من الخطوط الأمامية يعد مصدر قلق بالغ، إذ أصبحت المواقع الحالية للنازحين داخليا مكتظة بشكل متزايد، مع نقص كبير في الأموال، مما أدى إلى استجابة غير قادرة تماما على التعامل مع الأزمة.
وأضاف أن الاحتياجات الإنسانية تفوق بكثير القدرات الإنسانية الحالية على الأرض، إذ تستضيف مدينة مأرب مخيمات مزدحمة، مع نظام خدمة ورعاية صحية منهكين، وبنية تحتية هشة، ومجتمع مضيف ضعيف بشكل متزايد بحسب الجزيرة.