حيروت – أخبار فنية
كأي فيلم آخر كان يرى صناعه أن لديهم رسالة ما يودون توصيلها للجمهور، ولكن لم يكن في حسبانهم أن الفيلم “ريش” الحاصل على جائزتين تاريخيتين من مهرجان “كان” السينمائي الدولي سيثير ردود الفعل بهذا الشكل بعدما خرج الفنان شريف منير من العرض الخاص للفيلم أثناء مهرجان الجونة، وتبعه آخرون بدعوى أنه يسيء إلى مصر إذ يسلط على الفقر فيها.
الشركة المتحدة
ويبدو أن الأمر قد أثار حفيظة المسؤولين عن الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية المحسوبة على الحكومة المصرية، لتتخذ قراراً بمنع نشر الأخبار عن المهرجان في بعض مواقعها وجرائدها وقنواتها، فيما انسحبت قناتا الحياة وCBC من المهرجان ولم تغط أياً من فعاليات الأمس، واختفت قناة On E، الراعية للمهرجان والحاصلة على حقوقه الحصرية، من التغطيات بالأمس، وكذلك قناة الفضائية المصرية.
كما أن موقعي “مبتدأ” و”الدستور” أوقفا النشر مؤقتاً عن المهرجان حتى إشعار آخر، في حين يتم النشر في موقعي “اليوم السابع” و”الوطن” لعدد قليل من الأخبار لحين اتضاح الرؤية حول الفيلم، ولم يتضح إذا ما كانت تلك المواقع ستعود للتغطية بشكل طبيعي أم أن الأمر سيتطور.
في انتظار المصالحة
يتوقع البعض أن تنتهي الأزمة باتفاق بين إدارة المهرجان والشركة المتحدة لحل المشكلة، كما حدث في الدورة الثانية حين حدثت أزمة بسبب القناة الحاصلة على حقوق البث في الدورة الثانية من المهرجان وهي DMC، حيث أصدرت الشركة قراراً للتابعين لها من قنوات ومواقع وجرائد بعدم نشر أي شيء عن المهرجان قبل بدء فعالياته وتم حل الأزمة مع إدارة المهرجان قبل حفل الافتتاح بساعات قليلة.
ظهور مفاجئ وإنجاز تاريخي
قبل يوم 14 يوليو/تموز الماضي لم يكن معظم المصريين يعلمون شيئاً عن الفيلم الروائي الطويل “ريش” الذي يعتبر العمل الأول لمخرجه عمر الزهيري، ومن إنتاج محمد حفظي رئيس مهرجان القاهرة، ولكن نجاح الفيلم في تحقيق إنجاز تاريخي بحصوله على أول جائزة مصرية في مهرجان “كان” أحدث صدى كبير في الشارع المصري، بعدما نجح الفيلم في الحصول على الجائزة الكبرى لأسبوع النقاد في مهرجان “كان”، وبعدها بيومين تم الإعلان عن حصوله على جائزة جديدة في المهرجان، وهي جائزة الفيبريسي لأفضل فيلم في المسابقات الموازية للمهرجان.
وعلى المستوى الفني فقد استقبل جميع صناع السينما المصرية والعربية الخبر بحفاوة بالغة، وأشاد معظم الفنانين بالفيلم وإنجازه في منشورات كثيرة على حساباتهم الشخصية وصفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي.
تكريم رسمي لأول فيلم يحصد “كان”
أما على مستوى رد فعل الدولة فقد احتفت مصر بحصول فيلم “ريش” على جائزتين تاريخيتين من مهرجان “كان” السينمائي الدولية في دورته الـ74، حيث لم يسبق لأي فيلم مصري في الـ73 دورة السابقة من المهرجان أن حقق جائزة فيه.
التكريم المصري الرسمي جائزة من وزارة الثقافة المصرية والوزيرة إيناس عبد الدايم، بعدما أقيم حفل كبير في دار الأوبرا المصرية وتم تكريم صناع الفيلم وفريق العمل والاحتفاء بهم في حدث شاهده كل الجمهور.
العرض في مهرجان الجونة
استغل مهرجان الجونة وجود فيلم مصري بهذه الأهمية، واتفق مع صناعه على دخوله المسابقة الرسمية للمهرجان للمنافسة على جوائزه، وأعلن المهرجان في بيان رسمي أن الفيلم بالإضافة لأفلام أخرى سيكون ضمن المتنافسين على مسابقات المهرجان، ولم يكن هناك أي مشاكل في الأمر وحتى هذه اللحظات كانت الأمور تسير بشكل طبيعي دون وجود ما يعكر صفو الأجواء.
نجاح جديد.. وغضب من شريف منير
قبل مهرجان الجونة بأيام حقق الفيلم نجاحاً دولياً جديداً بحصوله على الجائزة الكبرى لمهرجان “بينغياو” الصيني، محققاً الجائزة الدولية الثالثة له، وتم اختياره أيضاً للمشاركة في مهرجان أيام قرطاج السينمائي في دورته القادمة في تونس، وسارت الأمور بشكل جيد حتى بدأ المهرجان وتم عرض الفيلم.
على الرغم من أن الفيلم لا يتحدث عن مصر ولا يشير إليها ولا في وقت سابق أو حالي، فإن الفنان شريف منير خرج بعد الفيلم ليهاجمه ويتهمه بأنه يسيء إلى سمعة مصر، هو والفنان أحمد رزق، إلا أن أحمد رزق خرج ليوضح أن انسحابه جاء بسبب أن الفيلم أصابه بالإحباط، ولكن البعض فهم انسحابه بشكل خاطئ، ونفى أن يكون رأيه في الفيلم بأنه يسيء لمصر، وتبعه الفنان أشرف عبد الباقي الذي أكد في “لايف” على صفحته الشخصية أنه انسحب بسبب التزامه بالتكريم في القاهرة في اليوم التالي، وأن الفيلم جيد، وشرف مصر في المحافل الدولية، ليظل شريف منير وحيداً في تلك المنطقة.
هجوم على شريف منير
لم يمر الأمر مرور الكرام، فقد أثار الفنان شريف منير غضب جمهور السوشيال ميديا الذي اتهمه بالتطبيل، مطلقين عليه لقب “المطبلاتي”، حتى أن أحد مراسلي المواقع سأله على السجادة الحمراء في اليوم التالي قائلاً له: “بيقولوا عليك مطبلاتي إيه ردك؟”، ليرد عليه قائلاً: “إيه يعني لما أكون مطبلاتي لبلدي”، ليزداد الهجوم عليه على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أن الصحفيين والنقاد هاجموه بشدة وكتبوا منشورات متعددة للدفاع عن الفيلم، واتهموا شريف منير بالبحث عن الأضواء بعدما ابتعدت عنه الأضواء في الفترة الأخيرة، حتى أن زملاء فنانين له هاجموه بشكل غير واضح وساندوا الفيلم وصناعه.
وفي نفس الوقت أصدرت إدارة مهرجان الجونة بياناً تؤكد فيه أن الفيلم لا يسيء لأحد، وأن المهرجان يقام بالتعاون مع الأجهزة المصرية المسؤولة مثل وزارتي الثقافة والداخلية، وأن المهرجان يقبل الأفلام وفقاً لمعايير محددة، مضيفاً أن فريق الفيلم تم تكريمه من وزارة الثقافة كدليل على أنه لا يسيء للدولة.
قصة الفيلم
تبدأ السجادة الحمراء لفيلم “ريش” في مهرجان الجونة وسط اهتمام إعلامي كبير وحفاوة بالغة وحضور كبير من جانب الفنانين المصريين والعرب وضيوف المهرجان لمشاهدة الفيلم الحاصل على جوائز “كان”.
تدور قصة الفيلم حول أسرة مكونة من أب وأم وثلاثة أطفال في بيئة فقيرة جداً، دون أن يحدد الزمان والمكان، فالأحداث تدور في زمان ومكان مبهم لا نعلم هل هو الماضي أم الحاضر أم المستقبل، ويعمل الأب في مصنع ويعطي زوجته كل يوم عدة جنيهات لتجهيز الطعام والذي يكون غالباً قليلاً، وفي إحدى المرات يحاول إسعاد أبنائه خلال عيد ميلاد ابنه الكبير فيحضر لهم ساحراً يقوم الساحر بإدخاله في أحد الصناديق فيتحول إلى فرخة ويفشل الساحر في إعادته إلى طبيعته مرة أخرى.
فتبدأ رحلة الزوجة في إعادة زوجها لطبيعته وتذهب به من ساحر لآخر حتى يتمكن منها الفشل، كما أن الفقر يطاردها خلال رحلتها بسبب عدم قدرتها على إطعام أطفالها وعدم قدرتها على دفع فواتير المياه والكهرباء، فتقوم الحكومة بالحجز على البيت، وتحاول السيدة إدخال ابنها الكبير للعمل بدلاً من والده في المصنع، ولكن أصحاب المصنع يرفضون ويطلبون منها تحديد موقف زوجها سواء بالاختفاء أو الموت، فتقوم بتحرير محضر في قسم الشرطة باختفائه لتتفاجأ بعدها بقليل بالعثور عليه مع مجموعة أخرى من الأشخاص في صحراء بعيدة، وتحوله بعدها إلى شخص مجذوب، فتحاول إعادته لوضعه الطبيعي، ولكنها تفشل.
المصدر : عربي بوست