البعد التنموي والأخلاقي لتوطين العمل الإنساني بقلم| د. علي البريهي
بقلم| د. علي البريهي
ينطلق العمل الانساني بمفهومه الحقيقي من فلسفة اخلاقية غايتها صون الكرامة الانسانية من خلال القضاء على الجوع والفقر والحرمان وتلبية احتياجات الناس المعوزين وتمكينهم من الحياة الكريمة.
ولدينا ارث مادي كبير يعزز ذلك يتمثل بالمواثيق والاتفاقيات الدولية، والقانون الانساني الدولي، والصفقة الكبرى، وميثاق التغيير، وتقارير التنمية البشرية، والبيانات والاعلانات الاممية، المتمخضة عن القمم العالمية المتعلقة بالمعونات الانسانية للدول النامية، ومساعدتها في إحداث التغيير والنمو المنشود.
وتماشيا مع ذلك انبثقت المرامي الإنمائية الثمانية للالفية الثالثة المتمخضة عن الاعلان العالمي للأمم المتحدة الذي اتفقت عليه 192 دولة عضوة و23منظمة دولية ووقعته عام 2000م. والتي أكدت على تعزيز جهود التنمية والزمت الدول الاعضاء بمكافحة الفقر، والجوع ،والمرض والتمييز، وحثت على الإهتمام بالتعليم، والصحة، وتحسين البيئة، واقامة شراكة عالمية من اجل التنمية( كما نص عليه الهدف الثامن ).
ورغم أهمية وضخامة التراث المادي والتشريعات والسياسات الداعمة التي تحظ على مكافحة الفقر والبطالة وتعزيز وتطوير اليات التنمية البشرية إلا أن الفجوة لا تزال كبيرة ببن الإلتزامات والتعهدات التي قطعتها على نفسها الدول الأعضاء المتقدمة إقتصاديا والمنصوص عليها في الاتفاقيات والاعلانات الدولية والأممية وبين الوفاء الفعلي بهذه التعهدات ، إذ لم تف الدول الكبيرة المانحة بما التزمت به من استقطاع مانسبته 0.7% من الناتج القومي الاجمالي لصالح المساعدات الإنمائية للدول النامية .
حان الوقت للوفاء بالتزامات وتعهدات الدول المانحة ،فالحروب والكوارث قد خلفت ملايين الفقراء والمشردين والجوعى. وبتنا في امس الحاجة أكثر من اي وقت مضى لإيقاف الحروب والصراعات وإحلال السلام وتوسيع مجالات الاستجابة الانسانية ،وتعضيد آليات العمل الإنساني وميكانزماته لتحقيق الغايات الكبيرة وتجويد امكانية وسبل الوصول إلى المستفيدين وتحقيق اعلى فائدة مرجوة.وللإنصاف فإن منظمات المجتمع المدني المحلية تتمتع بقدرات كبيرة على الوصول إلى المستهدفين وفي أصعب الظروف وأخطرها كونها نشأت في البيئة ذاتها وتتميز بعلاقات واسعة مع أصحاب المصلحة المستفيدين الفعليين من أنشطتها فهي امتداد لهم وتعمل من أجلهم.
وفي تقديري فإن من أهم المداخل الرئيسة لبلوغ أهداف التنمية المستدامة،هو توطبن العمل الانساني، فمن خلاله يتم تعظبم فائدة الاستجابة الانسانية وتحسين آليات الوصول إلى المستهدفين ، والمساعد في عملية التعافي، ومن ثم التمكين والاستدامة.
وفي ظني واستنادا إلى ما جاء في الصفقة الكبرى وميثاق التغيير فإن أهم الخطوات اللازمة لتوطين العمل الانساني تتم من خلال:
1_ إقامة شراكات حقيقية بين المانحين الكبار واذرعهم من المنظمات والوكالات الأممية والدولية مع منظمات المجتمع المدني المحلية، بحيث تتجاوز هذه الشراكات عملية التنفيذ كوسيط محلي منفذ إلى الشراكة في التخطيط ورسم السياسات وتحديد الاحتياجات وبناء القدرات وتوطين الخبرات واكتساب المهارات ومن ثم خلق الأفكار الإبداغية وتنفيذها وتحقيق الاستمرارية والديمومة .
2_ زيادة التمويل للمنظمات المحلية وتسهيل امكانية الوصول إلى تمويل مباشر من المانحين وتخفيف العوائق والقيود
3_ اعتماد مبدأ الشفافية والمكاشفة والمحاسبة
4_ إشراك أصحاب المصلحة في التداولات والنقاشات والتخطيط وتحديد الأحتياجات والأولويات