أوجاع مطار عدن تتراكم.. خطف الأرواح وحق السفر.. من المسؤول؟
عدن – فاروق مقبل الكمالي
طفت إلى السطح جرائم وانتهاكات طالت الحق بالسفر كحق أصيل من حقوق الإنسان وفق المواثيق الدولية والقوانين المحلية التي عطلتها الحرب. تظهر بيانات حالات الاختطافات التي تم رصدها على المواقع الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي، أن المسافرين لم يتم فقط مصادرة حقهم في السفر، بل تعدى الخاطفون حق المسافر في الحياة، أو تقييد حريتهم وانتهاك آدميتهم.
شمالًا وجنوبًا، شرقًا وغربًا، كان المسافر اليمني الذي لا ينتمي لأطراف الصراع، هو الضحية، ولم يكن الشاب عبدالملك السنباني، العائد بعد نحو 8 سنوات من الغربة، متشوقًا للقاء أمه وعائلته، آخر ضحايا السفر في زمن سعار المتصارعين.
معد التقرير تتبع خيطًا طويلًا من جرائم الخطف لمسافرين وجدوا أنفسهم مجبرين على السفر من مطار عدن أو العودة عبره، والمواصلة برًا نحو مناطق شمال اليمن منذ العام 2019.
توثق المواقع الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي “فيسبوك” و”تويتر”، صورة مفزعة للمرارة والندوب التي خلفتها الحرب في الجسد اليمني المنهك.
ففي فبراير 2019، كان اليمنيون على موعد مع واحدة من أبشع الجرائم والانتهاكات التي طالت اليمنيين، وفي مدينة تحسب على خانة “المناطق المحررة”، حسب التصنيف الذي تتداوله الحكومة والحكام الفعليون للمدينة على حد سواء.
اختطاف ينتهى بالقتل- الشاب الإقليمي
ففي يوم الجمعة 15 فبراير 2019، كان 5 مسلحين على متن طقم للمجلس الانتقالي الجنوبي، وفقًا لما تؤكده عشرات التغريدات والمنشورات والأخبار، قد تقطعوا للشاب محمد الإقليمي، ابن عدن الذي عاش عمره كله في صنعاء، وقصد عدن لاستخراج جواز سفر، وأطلقوا النار على سيارته، وأصابوه في قدمه، قبل أن يختطفوه.
ولم تمر سوى ساعات حتى أعلن العثور على جثة مجهولة في منطقة الممدارة بعدن، ليتضح لاحقا أنها جثة محمد الإقليمي، التي جسدت مدى التوحش الذي وصل إليه المسلحون المنفلتون، فقد قتل بطريقة بشعة وهو مكتف اليدين معصوب العينين، وتم التمثيل بجثته بطريقة وحشية.
ورفضت قوات الانتقالي الكشف عن تسجيلات كاميرا المراقبة في مطار عدن، التي وثقت اللحظات الأولى في مسار الجريمة.
اختطاف وحجز قرابة عام – المسن الشيباني
لم يسلم من الاختطاف في عدن الشاب ولا المسن. ففي 30 أكتوبر 2020 اختطفت قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي ذاته، الشيخ المسن عبدالقادر الشيباني، في منطقة ريمي بالمنصورة، قبيل توجهه إلى مطار عدن للسفر من أجل العلاج في القاهرة. ظل الشيباني مختطفا 11 شهرا، حتى أفرج عنه في 11 أغسطس 2021، وطوال فترة اختطافه لم توجه للرجل أية تهمة، ما يكشف على أن الاختطاف والإخفاء لم يكن له أي أهداف أو دوافع أمنية.
حسب البيانات المرصودة في صفحات الويب ووسائل التواصل الاجتماعي خلال 2016-2021، فقد بدأ الأمر بمضايقة حاملي جوازات السفر الصادرة من صنعاء، الراغبين بالسفر عبر مطاري عدن وسيئون.
وكانت القوات التابعة للانتقالي الجنوبي تعيد العشرات من المسافرين بمجرد وصولهم نقاط التفتيش التي يقيمونها، بحجة أن الجواز الصادر من صنعاء من بعد العام 2016، لا يخول لحامله السفر خارج اليمن، وهو إجراء كان قد صدر من الحكومة المعترف بها دوليا.
لكن الحملة التي خفت بريقها عادت بقوة في مارس 2021، حين قام أمن مطار عدن في 13 مارس، بمنع سفر 70 مواطنا، بحجة أن الجواز صادر عن جماعة الحوثي بصنعاء وغير معترف به وفقا لما أورده موقع صحيفة الأيام العدنية.
قصة منع سفر 70 مواطنا لأن جوازاتهم من صنعاء
وبالرغم من أن الاختطافات في عدن أضحت سمة سائدة في ظل حكم الانتقالي وقواته للمدينة منذ العام 2018، وفقًا لما توثقه مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات الرصد الحقوقي والمواقع الإخبارية شهريا في المدينة، إلا أن اختطاف العائدين عبر مطار عدن الدولي سواء من المطار أو في نقاط القوات التابعة للانتقالي تكاد ترسم ملامح العام الجاري.
وبدأ مسلسل الجرائم لهذا العام بالتقطع للمغترب فهد الرياشي، من أبناء محافظة إب، وسط مطار عدن، أثناء عودته من ألمانيا، يوم 31 يوليو الماضي، من قبل الرائد عبدالله الجحافي، وفقا لما نشره رئيس منظمة الراصد لحقوق الإنسان أنيس الشريك، على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، يوم 21 أغسطس الماضي. وبالرغم من نفي الجحافي للحادثة، إلا أن الواقعة حدثت بالفعل. وظل الرياشي رهن سجن المزاج الشخصي تحقيقا لرغبة أحد أقارب الجحافي الذي كان يتقاسم مع الرياشي نفس السكن. وكان الرياشي محظوظا، إذ إنه لم تزهق روحه كسابقيه، وأفرج عنه في 28 أغسطس 2021، بعد وساطات وتدخلات لا حصر لها.