الكلمة الصادقة أفضل أم الطيبة؟ بقلم| حاتـم عثمان الشَّعبي
بقلم| حاتـم عثمان الشَّعبي
تعلمنا من آبائنا ونعلم أولادنا الصدق والأمانة ويكون حديثهم طيب، وهذا ما درسناه في بداية حياتنا الدراسية، ونفس الأمر يحدث لأولادنا عند دراستهم بالمرحلة الإبتدائية وكذلك المرحلة السابقة لها وهي الروضة أو ما يسمى اليوم “بكي جي 1-2” لمن يستطيع أن يدخل أولاده إليها ولأن هذه المرحلة الدراسية تعتبر تأسيس لتكوين شخصية الطفل والتي يتعلم خلالها كل شيء، وتؤكد التربية الأسرية بالمنزل فيجب أن يكون هناك عمل متوازن بمسارين بنفس الإتجاه حتى تترسخ المعلومات بعقل الطفل وتثبت الأساسيات التي تكون شخصيته، لأن عقل الطفل بهذا العمر يستقبل ويتقبل يرسخ ويثبت به كل شيء درسه أو تعلمه أو مارسه لأنه كالنقش بالحجر.
وبما أننا نتابع أولادنا ونسمع ما يتحدثون به فهنا نهرهم عن ذكر هذه الكلمة أو عمل هذه الحركة أو ذاك التصرف ونشد على سواعدهم عند صدقهم بالقول وإخراجهم للكلام الطيب وهذا الأمر لن يعرفوا قيمته إلا عندما يكبرون وتتشكل بشكل واضح شخصيتهم وأول شيء سيتضح لنا كيف كان تعليمهم وكيف هي تربيتنا عندما نطلب نحن والديه منهم طلباً ما في وقت يكون به مشغول أو منزعجون ومتضايقون من أمر ما فتجد الولد الصالح إما أن يقوم بتنفيذ ذلك الطلب وترك كل شيء بين يديه ونسيان ما يزعجه حرصاً على راحة والديه أو أنه سيرد بكلمات طيبه وصادقة تجعل جبل الثلج يذوب ليكمل ما بين يديه أو حتى يستعيد أنفاسه ليقوم بتنفيذ الطلب حسب إجابته وهناك للأسف من الأولاد من يرد بكلمات صادقة لكنها مؤلمة وتجعل الوالدين يتألمون منها والمصيبة الكبرى أيضاً ممن يرد بكلمات طيبة ولكنها كاذبة وهنا يعيش الوالدين بانتظار أن ينفذ طلبهم لكنهم لن يجدوا سوى السراب رغم حلاوة الكلمات التي خرجت من أبنائهم ولكنها لم تحقق مبتغاهم رغم انتظارهم له لتنفيذها.
هذا في إطار الأسرة والتي يتوجب علينا جميعاً أن يكون حديثنا بكلام طيب وصادق حتى لا تحدث أي شروخ أو تصدع في جدار الأسرة الواحدة لتنعم بالحب والوفاء والدفء والحنان الذي يتمناه الوالدين لأن يكون من أهم صفات أبنائهم وأساس تكوين أسرتهم… ونحمد الله ونشكره على ما اكتسبناه من آبائنا ومدرسينا بكافة المراحل الدراسية والأساسية منها وهديناه لأولادنا الذين نراهم أمامنا ويتصفون بحديثهم الطيب والصادق.
ولكننا في مجتمعنا الذي نراه متصدع ومتشقق وأصبح لديه العديد من الصفات التي لم نعرفها نحن جيل ما قبل الثمانينات لنراها اليوم تشق طريقها بين بعض أفراد من الجيل الجديد الذي لم يجد المدرسة التي تعلمه أسس الحياة منذ نعومة أظافره ولم يتفرغ الوالدين متابعة أبنائه بسبب انشغالهم بتوفير لقمة العيش الكريمة أو متابعة عودة الكهرباء لتلحق الأم قبل مغادرتها من غسل الملابس وتشغيل دينمو الماء ليطلع الماء للخزان وكوي الملابس وتنظيف المنزل والعديد من المشاغل المنزلية التي تكسر ظهر عمود الأسرة وهي “الأم” أما الأب فهو يعود من عمله ليرتاح قليلاً ويخرج ليبحث عن رزقه بأي شيء طالما إنه عمل لأن الرواتب لا تكفي وهناك رواتب لم تصرف لأشهر كثيرة والأسعار إرتفعت لدرجة أن بعض المحلات أصبحت لاتشغل أضوائها إلا إذا شاهدوا الزبون قد دخل للمحل فهذه الأسر كيف تريدها أن تتابع أبنائها وسلوكهم وهم يعيشون بمستنقع من الصعوبات والمعضلات اليومية التي لا تساعدهم حتى في أن يتنفسوا هواء نقي.
وكما نرى ونسمع التصاريح بشكل يومي من مسئولينا ولكننا لا نرى أي أفعال على أرض الواقع رغم أن كلامهم طيب ولكنه غير صادق فاستمرار هذا السلوك من مسئولي الدولة أدى لأن يكون لدينا جيل يحمل نفس صفاتهم فكلامهم طيب ولكنه غير صادق وأصبحنا محتارين نحن من تربى وتعلم على الكلمة الطيبة والصادقة فنسأل أنفسنا أيهما أفضل أن يخرج المسئول ليتحدث لنا بكلمة طيبة ولكنها غير صادقة أم بكلمة صادقة ولكنها غير طيبة كمثال يتحدث بأنه لن يستطيع بعمل كذا وكذا، بسبب كذا وكذا، فهو قال الصدق ولكن نتائجه غير طيبة لنا أي لن نستفيد منها وتؤثر علينا.
نعم نحن نتمنى أن تكون هناك كلمة صادقة حتى لو كانت غير طيبة لأن هذا سيؤدي إلى حدوث الشفافية ومعالجة القصور و إصلاح الإعوجاج لأن الكلمة الصادقة هي قارب النجاة فهي أفضل من الكلمة الطيبة والتي لا تكون صادقة فهي ستعيشنا في وهم وسراب ولن توصلنا إلى شيء فعلينا بالصدق رغم قساوته لأنه هو الذي سيوصلنا لمرسى الأمن والأمان والإستقرار فعلموا أبنائكم الكلام الطيب والصادق لكي نبني جيل قوي يجب أن تكون أقواله متطابقة مع أفعاله لذا علينا أن نعلمهم بعدم التفريق بينهما لنؤسس مجتمع يخاف على نفسه ولن يستطيع اختراقه المتربصون به.