لأجل من ننسى قيمنا ونغيّر أخلاقنا؟ بقلم| حاتـم عثمان الشَّعبي
بقلم| حاتـم عثمان الشَّعبي
نحن أمة عربية لها تاريخ وحضارة عريقة ودونتها الكتب بمختلف مؤلفيها ولم نجد أن مؤلف دخل واستنقص من المؤلف السابق، بل تجده أكد على نظريته وطور منها، وإذا كان هناك اختلاف فتجده إيجابي ليأتي بالمبررات ويؤكدها بالبراهين حتى يثبت رؤيته دون أن يستنقص من المؤلف الذي اختلف معه، وهذا يحدث لكافة مؤلفي الكتب لمختلف العلوم والدراسات.
لكننا بنهاية القرن الماضي وبداية هذا القرن تفاجأنا بأن المنتصر هو من يدون التاريخ ويغير بالحقائق التي سبق معرفتنا بها وتأكدنا من صحتها، لتُجَيّر لصالحة، وكذلك القائد الذي لايزال على قيد الحياة هو من يريد أن يظهر نفسه بأنه الرجل القوي وصاحب الحكمة والقيم والمبادئ والإنسانية والذي يدعو للحرية وحقوق الإنسان والتنمية خلاف من سبقوه، وهذا يسري على الكاتب والعالم طالما هم مقربون من الحاكم الذي يدعمهم ويقف بصفهم طالما أنهم يسبرون على نهجه.
هنا ومن خلال ما نتابعه بشكل يومي بواسطة الشبكة العنكبوتية، والتي قربت لنا كل شيء وأنهت التغذية الكذابة للعقول، والتي كانت تعتمد على مصدر واحد للمعلومة والتي تتبعها هذه الدولة أو تلك بسياستها تجاه مواطنيها وبفضل العقول التي طورت وغيرت كافة أساليب الحياة التي عشناها في أواخر القرن الماضي، وكانت نتيجته هو تحرر الشعوب مع بداية القرن الحادي والعشرون، لنعرف كل شيء رغم أنها تصلنا من عدة مصادر ونستطيع أن نفرق أيهما لديه المعلومة الصحيحة والتي تؤكدها الوقائع والبحوث والتجارب وبحسب نوع المعلومة.
وبما أن الإنترنت قرب كل شيء وفضح المستور فالهاتف الجوال أكمل الحلقة لنعلم كل شيء بأقل من جزء من الثانية، وهو بيدنا وبأي مكان نكون ولا نذهب لنجلس أمام التلفاز لنشاهد الأحداث أو نقرب المذياع لنستمع لنشرة الأخبار ولا نبحث عن صحيفة لنعرف أهم العناوين، فأصبح كل شيء بالصوت والصورة ومن موقع الحدث من خلال جهاز صغير بحجم كف اليد، والذي من خلاله يمكنك البحث عن أي شيء بلمسة واحدة فأصبح عالمنا الكبير بين يدينا عبر جهاز صغير.
وبما أن الشبكة العنكبوتية هي من كشفت الحقائق والمعلومات وتطورت التكنولوجيا من خلالها لكن هذا لم يمنع بأن سرد التاريخ والحضارة يقولها ويكتبها رجال عاشوا عبر التاريخ، فمنهم من عاش الفترة كاملة فتسابقت إليه القنوات الفضائية لعمل برامج لتوثيق الحقبة الزمنية التي عاش أحداثها وبكل تفاصيلها حتى إذا كانت بعض منها لا يعرف به لكن لديه رجال يثق بهم وأخبروه بكل التفاصيل دون أي نقص وبما أن الأحداث لتلك الحقبة الزمنية والتي تحدث عنها يكون بها عدة شخصيات فمنها من قضى نحبه ومنها من جلس بحديقة منزله لا يريد الظهور ومنها تحب أن تتحدث مع بعض من أصدقائها بجلسات خاصة ومنها تبحث عن الظهور بوسائل الإعلام، وتنسى بأن هناك شخصيات عاشت معها بتلك الحقبة ولديها معلومات أفضل وأكثر تفصيلاً منها ومؤكدة بالوقائع والشهود ولا تريد الظهور، لذا عليه أن لا يغير بالحقائق حتى لا يكون حديثه عليه العديد من علامات الاستفهام من أصدقائه الذين شاركوه أحداثها.
ولأن الإنترنت هو من يبحث عن السائل ليجيب عليه قبل سؤاله، فإن بعض ممن يظهرون بالقنوات الفضائية ينسون أنهم لم يكونوا وحدهم بهذا المكان أو ذاك، ويتجاهلون بأن هناك ممن لا يرغبون بالظهور، لكنهم يعرفون الكثير ولن يعدل على كلامهم أحد، لأن الجميع يعلم بتواجدهم ولديهم التفاصيل الدقيقة لتلك الحقبة لأنهم منها وفيها ولديهم من حجة البرهان وقوته ما تسكت ألف معترض ومشكك.
لذا تجد هذا أو ذاك ممن يبحثون عن الظهور قد أفلسوا بأنفسهم واستصغروا من مكانتهم، فتجد هذا الأستاذ والذي لم يقم بأي تجربة ليؤكد بأنه نجح في اختراع شيء معين، وعند البحث والتأكد تكون الحقيقة أنها لأحد تلاميذه الذي قام وعمل وجرب واكتشف ونجح ولكن براءة الاختراع أخذها معلمه لأنه هو القوي وكلمته هي الأعلى وغير ذلك الكثير من المشاكل التي تحدث في جهات العمل بسبب فكرة طرحت ولم يستجب لها أحد رغم أهميتها وتم تنفيذها من أحد المقربين لأصحاب القرار، لكن الجميع صفق لها وبارك له ورغم القصور الواضح بتنفيذها، لكننا لا نعلم لماذا نحن العرب ننسى قيمنا ونغير أخلاقنا لأجل أن يصفق لنا هذا ويبارك لنا ذاك، والواقع والذي يعلمه الجميع بأنه ليس لنا علم بشيء سوى أن الدور المطلوب تنفيذه يجب أن ينفذ من ناس محددين دون غيرهم فهل المقصود حرقهم؟ أم عمل ضغط على أناس آخرين لغرض في نفس يعقوب؟! في الحقيقة لا نعلم أيّاً منهم… لأننا عرب لا نعرف سوى ما يملى علينا!