الملف الإنساني يقترب من النور.. سلام منقوص أم حرب مكتملة؟!
حيروت – خاص
بلغت حرب اليمن عامها السابع، واقتربت من سن الشيخوخة بحسب المقاييس الزمنية لمتوسط عمر الحروب؛ إذ لا حرب تستمر إلى ما لا نهاية ولا سلام يولد بليلة وضحاها، وهذا ما يدركه المجتمع الدولي، لذلك نلاحظ العديد من المؤشرات التي تنذر بقرب انتهاء العمر الافتراضي لهذه الحرب، والتي بدأت بالتهدئة في الخطاب الإعلامي، وشلل الجبهات لعسكرية، وارتفاع الأصوات المتحدثة عن الملف الإنساني. كما أن للمتغيرات المحلية والإقليمية والدولية والأممية، دوراً واضحاً بتغيير النظرة العامة إزاء هذه الحرب، وتجاه الفاعلين المحليين.
مبعوث أممي جديد، رئيس أمريكي غير ترامب، مبعوث أمريكي خاص باليمن، مصالحة قطرية – سعودية، توتر صامت بين الرياض وأبوظبي، وقبل ذلك، فشلت كل أطراف الصراع المحلية في الحسم، فضلاً عن امتلاك جماعة الحوثي لقوة الردع؛ هذه المؤشرات وغيرها دفعت الرياض ومن يقف خلفها بالتفكير مليّاً بالاتجاه نحو تخفيض عمر هذه الحرب.
لقد تبعت هذه المتغيرات على الأرض لغة مختلفة تميل إلى التهدئة في وسائل الإعلام والعالم الافتراضي. ففي مقابلة معه في أبريل الماضي؛ قال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إن “الحوثي يمني، ونتمنى أن تحيا فيه النزعة اليمنية والعروبية ومصالح بلده قبل أي شيء آخر”. وهو ما أثار أسئلة عدة حول دوافع ودلالات تلك التصريحات، التي اعتبرها رئيس تحرير صحيفة “الوسط”، جمال عامر، تأكيدا على مدى المأزق الذي يعيشه نظام الرياض جراء الحرب على اليمن، وأنه يُراد من خلالها أن يحقق بالاتفاق ما لم يتحقق بالحرب طوال ستة أعوام”.
لم يكن تلميح بن سلمان، هو الأول، فقد سبقته العديد من الخطوات، أبرزها المبادرة السعودية في مارس الماضي، ولم يكن الأخير إذ أُعلن رسمياً عن جلوس وفداً سعودياً على طاولة المحادثات مع كبير المفاوضين الحوثيين، محمد عبدالسلام، في مسقط، بحضور ورعاية المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيم ليندركينغ؛ ليتمخض عن تلك اللقاءات تصريح ليندركينغ في يونيو الماضي، الذي قال فيه: ” نواصل الجهود لتحقيق السلام من خلال العديد من الشركاء مثل العمانيين، ومن الجهات الفاعلة الأخرى مثل السعودية، ويتعين علينا الاستمرار في تحفيزهم للوصول إلى السلام»، مضيفاً: «لقد تحدثت في عدد من المناسبات عن شرعية الحوثيين، أي أن الولايات المتحدة تعترف بهم كفاعل شرعي، ونحن نعترف بهم كمجموعة حققت مكاسب كبيرة. لا أحد يستطيع أن يتمنى خروجهم من الصراع أو الخروج منه، لذلك دعونا نتعامل مع الحقائق الموجودة على الأرض، ونحقق هذا الإجماع الدولي، على أمل أن تشجع الحوثيين على دعم العملية التي تقودها الأمم المتحدة، والجهود الجارية لدعم السلام في عملية الانتقال السياسي».
لا شك أن هناك اجماع دولي للتعامل مع الحقائق على الأرض، لكن في المقابل، هناك العديد من العقبات التي تحول بين تحقيق سلام مكتمل الأركان، أبرزها قرار مجلس الأمن 2016، لذلك فإن ما سنشهده في اليمن هو سلام منقوص، يقوم على فصل الملف الإنساني عن الملفين السياسي والعسكري، بحيث يتم فتح المطارات والموانئ والطرق الداخلية وصرف الرواتب، والإبقاء على الجبهات لا حية ولا ميتة.
ونظراً لتعقيد الملفين السياسي والعسكري، نتيجة المتغيرات على الأرض، المعاكسة لمضامين القرار 2016، وارتباط الملف اليمني بملفات أخرى شائكة، أبرزها الملف النووي الإيراني، فإن مؤشرات القناعة بإنفراجة الملف الإنساني باتت تتعاظم يوما بعد يوم، سيّما بعد أن ارتفعت الكلفة الإنسانية، وباتت اليمن تعاني من أكبر أزمة إنسانية في العالم، تظهر هذه المؤشرات من خلال الإحاطة الأولى للمبعوث الأممي الجديد إلى اليمن، هانس غرودنبرغ، التي ركز فيها على تدهور الوضع الإنساني وضرورة معالجته. كذلك اللقاءات الأممية التي تتم مع حكومة صنعاء، مثل لقاء رئيس المجلس السياسي التابع للحوثيين، مهدي المشاط، يوم أمس، بالمنسق المقيم للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية “أوتشا ” في اليمن، وليام ديفيد غريسلي، وبحسب وكالة سبأ، فقد أشار المشاط إلى أهمية اضطلاع الأمم المتحدة بدورها في الجوانب الإنسانية بما فيها فتح مطار صنعاء الدولي، وميناء الحديدة، وتحييد الاقتصاد الوطني، كما وجه حكومته بتذليل الصعوبات أمام الأمم المتحدة بما يمكنها من أداء مهامها. وهو ما اعتبره العديد من المراقبين، مؤشراً واضحاً للوصول إلى تفاهمات مسبقة حول معالجة الملف الإنساني في اليمن.